Sunday, June 03, 2007

اللعب في منتصف ملعب الآخر

على مدى ثلاث سنوات كانت استراتيجية ايران اللعب في منتصف ملعب الآخر، لهذا رأينا عشرات المعارك عبر حلفائها مثل حماس في غزة، وحزب الله في لبنان، وفرق الموت والعمليات الانتحارية في العراق، والحوثيين في شمال اليمن، التي ألهت المنطقة عن كل شيء آخر. وليست أحداث مخيم نهر البارد الا معركة أخرى في مفهوم اشغال الآخرين في خريطة عريضة ضمن مواجهة سياسية وعسكرية مستمرة حتى ايصال المنطقة والقوى الخارجية الى مرحلة لصالحها.
والرابط واضح وهو ان جميع هذه القوى، على اختلاف طوائفها وقياداتها ودولها، تنتهي عند ايران، التي تدعمها وتدافع عنها وتنسق احيانا بين بعضها بعضا. من وراء كل ذلك تريد ايران ان تضغط لتحقيق معادلة واضحة المعالم، النفوذ والهيمنة على منطقة الشرق الأوسط. ولقد نجحت طهران بالفعل في اشغال المنطقة لأنها ورفاقها استطاعوا خلق بؤر توتر جديدة او تنشيط قديمة في الدول الأربع. والاشتباكات متعددة الدرجات، عسكرية او سياسية. فهي بين حماس وفتح، وحزب الله وفريق الاكثرية، مع غارات لا تتوقف في البصرة وبغداد لفرق محسوبة على ايران، سنية وشيعية، وتركيز على خلق جبهة مستمرة القتال في شمال اليمن.
وقد دفعت الاحداث المرهقة والدامية للمنطقة الكثيرين للتساؤل، خاصة مع وجود براهين واضحة على أنها احداث مترابطة، كيف نجح معسكر طهران في تبني سياسة اللعب في منتصف ملعب الثاني، وعجز الجانب الآخر عن مواجهتها. أي بدل ان يكون الدفاع والتمترس هما السياسة تنقل ايران اللعب الى منتصف ملعب الآخر حتى ينشغل بأزماته في الاراضي الفلسطينية ولبنان والعراق واليمن؟
اختارت ايران ان توظف عن بعد القوى المتململة في المنطقة لصالحها لأنها لا تستطيع التدخل المباشر عسكريا او سياسيا. ولم تكن في حاجة الى اختراع ادواتها في المنطقة، نظرا لوجود قضايا حقيقية، وأطراف متنازعة، وكل ما تفعله هو دعمها وتحريضها والتنسيق بين نشاطاتها احيانا، كما حدث في الصيف الماضي عندما خطفت حماس جنديا اسرائيليا، وتبعه حزب الله فخطف جنديين آخرين، ونشبت حرب زادت من رقعة النزاع وحدته. والأمر أكثر وضوحا في العراق، حيث استمرت طهران في تحريك كل المناطق حتى أوصلت الأمور الى مرحلة اضطرت الاميركيين الى الجلوس مع الايرانيين في بغداد في اعتراف واضح بان ايران المدبر لمعظم الأزمة.
وسبق ذلك أن اضطرت السعودية ايضا الى الاتصال بإيران من اجل ايقاف معارك الشوارع في لبنان، التي بدأت بحرق الاطارات واعتصامات وسط العاصمة واشتباك بين طلبة الجامعة اللبنانية. وبالفعل تمكنت ايران من السيطرة على الوضع وأوقفت المواجهات وأعلن حزب الله ايقاف المظاهرات وسحب رجاله. لكن ما ان اطفئت نار حتى اشعلت أخرى في لبنان وغزة والعراق واليمن. وطالما ان هذه الدول المتورطة تشعر انها في منأى عن العقاب ستستمر في اختراع او تجديد بؤر للصدام وإبقاء المنطقة في حال احتراق مستمرة
عبد الرحمن الراشد 3/6/2007
جريدة الشرق الأوسط

No comments: