Sunday, June 03, 2007

ماذا كان 5 حزيران مصر عادت.. لم تخرج


تعرضت مصر للهزيمة من إسرائيل وللذل من العرب. قلنا إن الجندي المصري ترك حذاءه في سيناء وهرب. وقلنا إن مصر بلد غير مقاتل بعدما فقد آلاف الشهداء. وعندما انتصرت مصر في حرب العبور في 6 أكتوبر قلنا إنها مسرحية و«بوليتيكا» وإن المصريين اتفقوا مع الإسرائيليين كي يهزموهم. وتظاهرت مصر بأنها لم تسمع ولم تقرأ ولم ترَ وكان كل عربي في أي جرد من جرود البلاد يريد أن يقرر لمصر ماذا يجب أن تفعل. من تطرد من الخبراء السوفيات ومن تبقي. ومن أين تشتري القمح. وأي نوع من الصابون يجب أن يستخدم المصريون.
عندما ذهب أنور السادات إلى القدس عام 1977، كنت أعمل في باريس في مجلة «المستقبل». وكنا جميعاً مذهولين وغير مصدقين. وعقد مجلس التحرير اجتماعه لدراسة موضوع الغلاف. واقترحت يومها نشر صورة السادات مع عنوان من كلمة واحدة: «العابر». ولدى صدور المجلة جاءتنا زميلة مصرية تبكي، وقالت: «الذي سميتموه العابر ليس أنور السادات. إنه رئيس مصر». وفي عام 1981 كنت أعمل في «الأنباء» الكويتية. ووضعت للرجل العنوان التالي: «اغتيال أنور السادات على منصة 6 أكتوبر».
طردنا مصر من كل مكان. وأصبحنا نهرب من مصافحة المصريين إلا سرا وبكل حياء. وقاطعنا مصر أكثر بكثير مما قاطعنا إسرائيل.
وأطلقنا على العالم العربي لقبين: الصمود والتصدي و... أهل الكامب. وأهل الخيانات. ولم يعرف التاريخ ولا العالم، بلدا تعرض للإهانات اليومية كما تعرضت مصر في تلك المرحلة من الصحافة العربية. وتحملت مصر على نحو عجيب
.
وذات يوم كنت في الأمم المتحدة عندما حررت مصر آخر شبر محتل في طابا. وأراد الدكتور عصمت عبد المجيد أن يعلن ذلك في مؤتمر صحفي. ولم يجد أمامه سوى ثلاثة مراسلين مصريين وأنا. واعترف أنني ذهبت متردداً. وقد التقاني الدكتور عبد المجيد في الرواق وأخذني من يدي. ولولا ذلك لما ذهبت. فلم يكن مناسباً أبدا أن ترى وأنت مع وزير خارجية مصر يعلن تحرير آخر ذرة من تراب بلده.
قال لي زميل مصري عزيز قبل أيام: أنت لا تكف عن القول إن مصر خرجت من العرب. وتكتب ذلك باستمرار. وتعتب دائما على مصر. يا أخي مصر لم تخرج من العرب. مصر عادت إلى مصر. عندها احتياطي 30 مليار دولار بدل استعطاء العملة الصعبة. وعندها قمح لعامين مقبلين. وعندها أكثر جيوش المنطقة تأهيلا وتدريبا وتسليحا، لكن مهمته الآن الدفاع عن مصر وليس الانتحار. وعندها أرض حرة وغير محتلة. وعندها 77 مليون مواطن. وعندها علاقات حسنة مع كل العالم، شرقا وغربا. وعندها إذاعات وتلفزيونات لا تشتم أحدا. وعندها أكثر الصحافات حرية فى الوطن العربى. ويا أخي، بلاش بقا حكاية خروج مصر دي. ما تسيبونا.
سمير عطا الله 3/6/2007
الشرق الأوسط

No comments: