أشعر أن من واجبى تصحيح بعض المعلومات المغلوطة التى وردت فى تصريحات المفكر والفقيه القانوني الدكتور محمد سليم العوَّا بشان الاقباط علي النحو التالى
أولا : ذكر الدكتور العوَّا أنه كانت توجدفى القرون الأولى للمسيحية «الكتيبة الطيبية» للدفاع عن المسيحية ضد الوثنيين الذين كانوا يحاربونها..... و الحقيقة التاريخية تنافى ذلك . تلك الكتيبة كانت جزء من جيش الامبراطورية الرومانية الوثنية , فقد ظهرت الكتيبة الطيبية للوجود فى القرن الثالث الميلادى ابان سيطرة الامبراطورية الرومانية على مصر "المسيحية" و معظم مناطق شمال افريقيا و الشام و اسيا الصغري و جنوب اوروباو كان على رأس الإمبراطورية وقتئذ دقلديانوس (284-305م) يعاونه مكسيميانوس (285-305م) وكونا جيشهما من كل الشعوب الخاضعة لسلطانهما، فكانت فيه كتيبة من شباب مدينة طيبة – مكونة من 6600 جندي مسيحي قبطي وكانوا تحت قيادة قائد شجاع أسمه موريس وصدرت الأوامر بارتحالها من مصر إلي أوربا لمساعدة مكسيميانوس في حروبه بإقليم غالياً (فرنسا). وصدر الامر بالتبخير للأوثان وأعتبار دقليديانوس إلها قبل البدء فى الحرب وكان من المعتاد أن تقدم العبادة للآلهة الوثنية قبل بدء المعارك – وهكذا صدر الأمر للكتيبة المصرية أن تشارك في تقديم البخور في هذه العبادة ولكن جنود الكتيبة رفضوا معلنين أنهم وإن كانوا يؤدون واجباتهم للدولة، فهم مسيحيون لا يعبدون الاوثان فرفضت الكتيبة القبطية الإمتثال للأمر والتبخير للأوثان. وإزاء هذا الموقف أمر الإمبراطور بأن تقف الكتيبة صفوفاً، وفي كل صف، وبعد كل تسعة جنود. يجلد العاشر ثم تقطع رأسه ولكن الباقين ازدادوا إصراراً على مسيحيتهم، فأمر الإمبراطور بتكرار جلد العاشر وقتله فجلدوا بالسياط الرومانية التى تحتوى فى نهايتها قطع من الرصاص .. ولما تمسك الأقباط بإيمانهم المسيحى إغتاظ الإمبراطور فامر بأن يصطف أقباط الكتيبة الطيبية صفوفاً وكل صف يتكون من عشرة افراد , وكان يأخذ العاشر من كل صف ويقتله أمامهم حتى يخاف الباقيين ويبخروا للأوثان ولكن أضطر الأمبراطور أن يقتلهم جميعاً فى النهاية لأنه لا يوجد من بينهم قبطى واحد رجع عن إيمانه بالمسيح , وتناثرت أشلاء المصريين فوق وادي أجون " بسويسرا " وارتوت أرضه بدمائهم, حدث هذا في السنوات الأخيرة من القرن الثالث الميلادي. وقد خلدت سويسرا هؤلاء الشهداء الأقباط من ابطال الكتيبة الطيبية بإقامة كنيسة فى زيورخ بأسم " القديس موريس " يتردد صدى أجراسها فى فضاء أوربا لتعلن للعالم كله شجاعة أقباط مصر وإيمانهم المسيحيى الأصيل . و غير سكان الوادي اسم مدينة أجون وأطلقوا عليها اسم قائد الكتيبة المصري فصار اسمها حتى اليوم ” سان موريس “ في مقاطعة فاليه وأقيمت بها في منتصف القرن الرابع كنيسة باسمه، وهكذا بدأ تحول سكان هذه المناطق من الوثنية إلي المسيحية. وارتبطت أسماء العديد من أفراد الكتيبة بمختلف المدن والقرى – وفي مقدمتهم القائد موريس، الذي اسمه علي مدينتين، الأولى سبق ذكرها والثانية ”سان موريتز “ (بالنطق الألماني) في مقاطعة انجاندين بسويسرا، وأقيم له تمثال في ميدان كبير بها. وإختارت مقاطعة زيورخ شعارها وختمها ثلاث صور من أبطال هذه الكتيبة الطيبية وهم " فيلكس , ريجولا أخته , أكسيبر أنيتيوس " وهم يحملون رؤوسهم تحت أذرعتهم .
ثانيا : ذكر الدكتور العوَّا أن شعار المجلة المذكورة هو العودة بالهوية المصرية إلي الهوية القبطية ....... الحقيقة - على الاقل المعلنة على
صفحات الجريدة و أنا اطالع احد اعدادها الأن - تقديم رؤية لثقافة مصرية خالصة تعيد بناء الهوية المصرية و حماية العقل المصرى من اعلام هدام حينا و مشوش حينا اخر من خلال اليات متعددة تتمثل فى الندوات و المطبوعات تقدمها للجميع من مختلف العقائد و الاديان بغية انصهار الجميع فى بوتقة المجتمع و من اجل صياغة مصرية نقية مخلصة و متفاعلة . هل من المعقول نبذ و اتهام كل من يطرح فكرا مغايرا يرتكز على هوية أصيلة وخصو صية عريقة تتمثل فى تاريخ مجيد و نضال عظيم لجزء اساسى من المصريين يتميز بهموم و ميراث و تطلعات يجب تبنيها فى اطار أشمل لرؤية مجتمعية تعترف بحقوق كل المواطنين و تري ان تميز ايا من شركاء الوطن ليس
انفصالا أو تطرفا بل اثراءا للشخصية الوطنية و استيعابا ناضجا لانتاجهم الابداعى باتجاهات متنوعة و متعددة
ثالثا : تساءل الدكتور العوَّا هل يستطيع قبطي أن يأخذ كلاما للبابا دون إذنه .... اعتقد أن السؤال الأكثر بديهية هو هل يستطيع البابا شنودة منع احد من اقتباس اقواله , هل يمتلك البابا جهاز رقابى يتتبع من يأخذ عن أقواله و يرصد أو يمنع نشره , هل سمعت يوما عن لجوء البابا
للقضاء لمنع اقتباس كتبه أو مقالاته أو محاضراته . البابا شخصية مصرية عامة ذو ابداع فكرى غزير معرض للاقتباس بل لسر قة انتاجه
رابعا :يقول الدكتور العوَّا أنا من أهم ما دافعت عنه في حياتي مع الأقباط دفاعي عن حقهم في بناء الكنائس، وأصبح الآن هذا الحق مكفولا
هل تعتقد بحق أن هذا الحق أصبح مكفولا للمسيحيين ؟؟!!!!! لعلم سيادتكم الوافقة على بناء الكنائس مازال فى يد رئيس الدولة و اعتقد أن ذلك غير عادل , الذى تغير هو انتقال الموافقة على تجديد الكنائس القائمة الى سلطة المحافظ و ملزال مرهونا بموافقات امنية و ادارية افرغت القرار من مضمونة .
أعتقد أن المساهمة الحقيقية فى تصحيح أوضاعنا السياسية و الأجتماعية تبدأ من استجلاء الحقيقة و اعطاء كل ذى حق حقه و اشعار كل المصريين بمسؤليتهم الجموعية تجاه وطنهم مع تأكيد استفادة الكل من المشاركة بفعالية فى ترسيخ الديموقراطية واحترام حقوق الأنسان و احترام الاختلاف السلمى و انعكاس ذلك على جميع فئات الشعب مع الابتعاد عن اتهامات العمالة و التخوين
ثق سيدى الفاضل أن الأقباط ليسوا الا مصريين مخلصين فى معظمهم يتطلعون الى اليوم الذى يحيون فيه في وطنهم السالم الامن الديموقراطى دون تمييز أو عنصرية . حتى الذين يحاولون الاحتماء بالاخر البعيد - و انا لا أدافع عنهم فى ذلك _ مدفوعين فى ذلك بالدعوات المتناثرة حول استبعاد الأقباط من العمل الوطنى و اعتبارهم فى احسن الأحوال ضيوفا يجب مراعاة حسن معاملتهم و تروعهم تصريحات قادة الاخوان المسلمين عن انصهار الأوطان و جمع الشعوب تحت راية خلافة اسلامية تعتبر غير المسلمين ذميين
أقولها بصراحة .... لن يعيش الأقباط غرباء فى اوطانهم , هم مواطنين كاملى الأهلية