Thursday, June 09, 2011

ليس هذا ميدان التحرير


بقلم: محمد أمين

قضينا ليلة أمس الأول، مع «ورد الجناين».. عشنا أحداث الثورة من جديد.. نبكى مع سقوط كل شهيد.. وشباب الثورة يهتف تحيا مصر.. يصفق طوال العرض، الذى بدأ بالنشيد القومى.. فمازلنا نعيش أحداث الثورة بكل جوارحنا.. نتأمل الميدان فى خلفية العرض.. نقارن الممثلين بالأسماء الحقيقية للشهداء.. نحن نعرفهم ونحبهم.. نصفق حين يظهرون، ونبكى حين يستشهدون!

حاول محمد الغيطى أن يقدم عملاً فنياً تسجيلياً، يوثق به للثورة، يسجل لحظة التنحى، وموقعة الجحش، ويقدم بطولات الشهداء أحمد بسيونى، وكريم بنونة ومينا سامى ورحمة وماريان.. ولا ينسى بطولات سكان عمارات الميدان.. المسرحية من فصل واحد، تتسارع أحداثها، وتكاد تلهث وراءها.. فكل أبطالها شباب، إلا جمال إسماعيل، ومحمود مسعود، وصوت الفنان الكبير محمود ياسين!

لا تتعجل وتحكم على العمل المسرحى بأى شىء.. فهو عرض مسرحى فى حب مصر.. ربما كانت أهم ميزة فيه، هى روح الثورة، التى يبوح بها، أولاد وبنات زى الورد، وحيوية شباب، يعبرون عن ثورة شباب، تحولت إلى ثورة شعب.. ومن هنا كان الحب الذى يجمع بين فريق العمل كله.. تأليفاً وتمثيلاً وإخراجاً.. فأنت تعيش الثورة، كل يوم على مسرح السلام!

خرجنا من المسرحية قبل منتصف الليل، وتوجهنا إلى ميدان التحرير.. كأننا ذهبنا لنطوف، ونحج من جديد.. كنا نتحدث عن الثورة مرة أخرى.. كلام كثير عن الشهداء والمصابين.. وتكريم أسر الشهداء.. ودور الجيش فى حماية الثورة.. نتحدث عن الميدان، كأشهر ميدان فى العالم.. حين تذكر كلمة الميدان مجردة.. شعور بالفخر سواء كان المتحدث، كاتباً أو إعلامياً أو قاضياً!

وحين أصبحنا فى الميدان.. كانت المفاجأة المؤلمة.. ميدان التحرير لم يعد هو ميدان التحرير.. كانت هناك جماعات متنافرة، وشباب يجرى فى كل اتجاه.. استقر بنا المقام فى المقهى الشهير، فى قلب الميدان.. بدأ العاملون فى المقهى، يجمعون الكراسى بسرعة.. لا نعرف ماذا يجرى.. سألت صاحب المقهى: هوه فيه إيه؟.. سكت وهو يكظم غيظه.. وقال مش عارف آخرتهم إيه؟!

لا ميدان التحرير الأصلى هو الميدان.. ولا ميدان التحرير، الذى تأملناه فى العرض المسرحى هو الميدان.. الآن أنت أمام ميدان للغوغائية.. جماعات تشبه الشبيحة، كما يسميهم النظام فى الشام.. أو هم جماعة من البلطجية، كما يسميهم النظام هنا.. يمسكون بالعصىّ أو بالسنج.. يخلعون ثيابهم، ولا شىء يستر صدورهم.. يفرضون سطوتهم على الميدان.. بلا شرطة!

ليس هذا هو الميدان للأسف.. وأظن أن الصديق محمد مجدى، قد عبر عما يحدث بقوله: أصبحنا 85 مليون تشه جيفارا، و85 مليون عمر المختار، و85 مليون مسرور السياف.. وضحكت من قلبى، عندما قرأت أن 23 ائتلافاً للثورة، قد رفضوا الحوار مع المجلس العسكرى، وأن 70 ائتلافا قد تحفظوا على الحوار، وقلت ما هذا الهراء؟.. ومن هؤلاء؟!

الآن عندنا ائتلاف الثورة.. وائتلاف شباب الثورة.. وائتلاف رجال الثورة.. وائتلاف اللى كانوا واقفين جنب المتحف فى الثورة.. وائتلاف اللى كانوا على كوبرى أكتوبر فى الثورة.. وفجأة تذكرت هذا الرجل، الذى قابلته فى ميدان التحرير.. سألته ماذا تريد وتتمنى؟.. أجاب الرجل بثقة: عايز لا مؤاخذة حكومة «طُكرات».. طيب لامؤاخذة من يحمى الثورة منهم؟.. ومن يحمى شرف ميدان التحرير؟

مصراوى

No comments: