مركب الوطن يكابد الأمواج
د.عمرو فؤاد ١٠/ ٦/ ٢٠١١
«سيتضاءل الشر كثيرا فى هذا العالم لو كفّ الناس عن ستره بلباس الخير».. ثمة سؤال منتشر يتداوله عفاريت الفيس بوك يقول: «عارف ليه الثورة مانتصرتش؟!» ثم إجابات متعددة عليك أن تختار إحداها.. الفكرة التى تقوم عليها نوعية هذه الأسئلة غريبة ومقلقة، ولا تعرف من اخترعها ومن أجل ماذا..
أذكر يقينا أن هذا الطراز لم يظهر على ساحة الشبكة الافتراضية إلا فى شهر فبراير، بالتحديد بعد الحادى عشر منه، وكأنها إحدى أسلحة الثورة المضادة شديدة الخبث، أو نسائم الديمقراطية الوليدة التى تقضى بأن يبتّ أى شخص فى أى قضية ولو كانت من العمق والعسر بمكان.. ثم إن الإشكال الأكبر يكمن فى صياغة السؤال ذاته، من قال إن الثورة لم تنتصر حتى ترهق ذهنك فى البحث عن سبب معقول لفشلها..؟! إن هذا الافتراض الذى يلزمك به خطير، لأنه يتسلل إلى العقل اللاواعى فيحدث مفعوله الساحر.
نفس طريقة الفزورة القديمة التى تتحدى ذكاءك وثقافتك الحيوانية: هناك الموز فى أعلى النخلة، وهناك الفأر والسنجاب والقرد، ترى أيهم أسرع فى الوصول للموز.. تفكر وتفكر وتفكر، قبل أن يتنبه عقلك الواعى للحقيقة المروعة بأن النخلة لا تطرح الموز من أساسه..! يا خبر، كيف فاتك أن النخلة تطرح الجميز يا أحمق..؟!
هكذا صارت الأمور فى بلدى تدار، الكثير من (اللت والعجن)فى كل شىء، الشر ولباس الخير فى كل شىء، أنا لا أقصد الشر بالمعنى الحرفى ولكن مشروعية أن تخلّط أو تخبّط خلف ستار القصد الصالح النبيل.. كلنا يعلم أن المهمة صعبة والعبء بحق ثقيل، ولا يختلف معظمنا أن على رأس ساحتنا الآن خلقا من أروع و(أورع) من جادت بهم أقدارنا فى السنين الأخيرة، إنما..!!
تحملونى إذا صرخت، إنما يعنى إيه تُترك ثورتنا العظمى طيلة هذه المدة هملاً وسدى؟ يعنى إيه هذا الصمت المطبق الذى أحاط بحكومة شفيق (الفلولية) قبل قدوم الفارس الأسوانى الجرىء على جواده الأصيل. يعنى إيه غض الطرف عن تأمين المنشآت المفصلية إلى أن يتم على مرأى الكل ومسمعهم حرق ملفاتها الحساسة والحيوية؟! يعنى إيه استفتاء قانونى محض يتم تمريره بنعومة ككونه صراعا محموما بين الملائكة والأبالسة، والجنة والنار؟ والخراب أو الاستقرار؟ «نعم»، هو يعنى إيه استقرار؟!
يعنى إيه تُتناسى (قفشات) السباعى الثقيلة من طراز «لفافة البانجو» و«الارتجاف الأذينى» إلى أن تفضحه تلك الحلقة الحوارية الساخنة التى تشى فى انفراد مبهر بما لا يخفى أصلا على أحد..؟!
يعنى إيه تؤخر محاكمة مبارك وآله إلى أن يتمكن أقلهم حظاً فى (النصاحة) واللياقة العقلية وخفة اليد من ستر أدلة إدانته وتدوير أمواله وتستيف أوراقه، ثم التلويح (عن بُعد) بورقة العفو لتواجه بموجة السخط الجماهيرى الشديد، موجة لم تكن فى صميم «سيكولوجيتها» موجهة ضد فكرة العفو كما يُتصور، بل كان لسان حالها «إذا كنتم تتعاطون بهذه الرخاوة و(الطراوة) مع المسألة الأم التى لا يختلف اثنان على خطورتها ومشروعيتها، فماذا أنتم فاعلون فى ما دونها من خفايا أو خبايا؟!».
قلتُ منذ قليل إن على رأس ساحتنا الآن خلقا من أروع و(أورع) من جادت بهم أقدارنا فى السنين الأخيرة، لكن هذا لن يمنعنى أبدا أن أسألكم عن أشياء إن تبدَ لكم تسؤكم، وقد تسوؤنا كثيرا إن تبدَ لنا.
لن يمنعنى، فمركب الوطن يكابد الأمواج العاتية والرياح النابية والحيتان الضارية و.........
بالمناسبة: (هو إنتو شغلتكو على المركب إيه ؟!!)
المصرى اليوم
No comments:
Post a Comment