Friday, March 18, 2011

التصويت واجب شرعى.. أم وطنى؟


التصويت واجب شرعى.. أم وطنى؟
لو ثبت صحة المنشور المنسوب إلى جماعة الإخوان المسلمين ومضمونه «إن الذهاب إلى مراكز الاقتراع والتصويت بـ «نعم» على استفتاء التعديلات الدستورية هو واجب شرعى، لوجب علينا ان نشعر بالقلق الشديد.

خلط مسألة الاستفتاء أو أى مسألة سياسية بالدين أمر خطير.

السياسة وقضاياها أمور نسبية تحتمل الصواب والخطأ والدين هو أمر مطلق.

نحن ضحينا بالكثير خصوصا بدماء الشهداء الزكية من أجل مجتمع حر مدنى متساوٍ يتمتع فيه الجميع بحقوق المواطنة، وليس من أجل التلويح بشعارات دينية مهما يكن نبلها.

الذهاب إلى صناديق الاقتراع هو واجب وطنى من يتخلف عنه يقصر فى حق نفسه وحق أولاده وحق مستقبل مصر بأكملها، لأنه يترك الفرصة لجماعة صغيرة منظمة أو حتى جماعة كبيرة واحدة ان تفرض خياراتها على مستقبل الوطن بأكمله.

أتمنى أن يكون المنشور المنسوب للإخوان مزورا ولا يخصهم ولا يخص أى فصيل سياسى.

المطلوب منا جميعا أن نحض المواطنين على تعلم حقوق المواطنة، ومن بينها الحق الأصيل فى المشاركة السياسية سواء بالانضمام إلى أحزاب أو هيئات مجتمع مدنى أو المشاركة فى الانتخابات بجميع أنواعها.

اليوم يفترض أن يتوقف الجدل حول الاستفتاء حتى نعطى للناخبين فرصة دراسة وبحث جميع الآراء كى يحددوا موقفهم.

غدا السبت ربما ستكون المرة الأولى فى تاريخنا الحديث التى يتاح فيها للمواطنين فرصة حقيقية كى يعبروا عن رأيهم بحرية، وان يكون لصوتهم قيمة فعلية.

نتيجة التصويت مهمة، لكن ما هو مهم أيضا أن نحول يوم غد إلى بروفة حقيقية على ممارسة تصويت ديمقراطى حقيقى، كى نكرره فى كل الانتخابات المقبلة، وان يذهب كل من له حق التصويت إلى اللجان الانتخابية، بغض النظر هل يقول نعم أم لا.

من مظاهر التغيير أن نتجادل كما نشاء لكن علينا أن نحترم حق كل ناخب فى أن يدلى برأيه بحرية، وحق كل حزب أو قوة أو جماعة سياسية أن تتخذ القرار الذى تريده وان يتحمل نتائجه.

نريد ان نتعود على الاختلاف فى الرأى، والأهم أن نحترم آراء بعضنا بعضا حتى لو رفضناها.. كنا نهاجم الحزب الوطنى لأنه كان يزعم احتكار الحقيقة المطلقة، وليس من المنطقى ان يحاول أى فصيل أو حزب أن يكرر نفس الأمر. لا نريد ان نستبدل ديكتاتورية الحزب الوطنى بأى ديكتاتورية أخرى دينية او مدنية حتى لو زعمت أنها تتحدث باسم السماء اوالشعب.

لنختلف كما نشاء، ونحاول أن نقنع الناس بأى فكرة، لكن فى اللحظة التى يذهب فيها الناس إلى الصناديق نتركهم وشأنهم وننتظر النتيجة ونحترمها.

الذى انجز الثورة هم كل الشعب بمختلف الأحزاب والقوى والمواطنين البسطاء، لكن عندما نذهب إلى الاستفتاء والانتخابات فسوف نتفرق شيعا وأحزابا وسنهاجم بعضنا البعض، وهذا طبيعى جدا، وتلك هى ابجديات العمل السياسى.. فهل نحن جاهزون لذلك؟ إذا لم نكن كذلك فعلينا أن نتعلم.. غدا نبدأ رحلة الألف ميل فى بناء الوطن الجديد وأتمنى أن يكون التصويت بـ«لا» حتى يكون البناء على أساس جديد وليس على الأعمدة المصنوعة من أسمنت الحزب الوطنى المحترق والذى ثبت انه مغشوش وحديد عز «المضروب».

بقلم:عماد الدين حسين - الشروق

No comments: