أعرف دوافع البنى آدم المصرى البسيط الذى ليس ضليعاً فى القانون ولا فى الدستور، ومن الممكن جداً أن يكون غير مدرك أو مهتم أصلاً بأرقام وطبيعة وصيغ المواد التى سيجرى عليها الاستفتاء غداً، أعرف دوافعه لأن يقول نعم ويوافق على التعديلات أو بالأصح الترقيعات الدستورية! ببساطة ومن الآخر هو عايز يخلص، بالبلدى اتخنق، باسمعها من ناس كتير بتقول يا الله حنقول نعم علشان العجلة تمشى والدنيا تنعنش والاقتصاد يزهزه! لكن السؤال هو لو قلت نعم للترقيعات الدستورية فعلاً حتخلص وتنتهى خنقتك والعجلة حتمشى؟
الإجابة بكل راحة وضمير «لا»، إذا كان ده غرضك وأمنيتك من قولك «نعم» للتعديلات فأرجوك اطمئن، نعم ليست هى العصا السحرية التى ستجلب لك الرخاء الاقتصادى السريع، وأطمئنك أيضاً أن «لا» هى الأخرى لن تجلب لك هذا الرخاء السريع، فطريق الإصلاح الاقتصادى مازال طويلاً، والحل أمامه وقت، ولكن الفرق أنك لو قلت «نعم» سنظل فى دوامة ومتاهة الإصلاح السياسى الذى لابد منه لكى تبدأ عجلة الإصلاح الاقتصادى فى الدوران، لأنه سيكون إصلاحاً سياسياً إلا خمسة، معلقاً دوماً فى رقبة النية الحسنة للرئيس والنية الخالصة لأعضاء البرلمان، وياما كلنا مقالب من مسألة النية الخالصة دى، نحن نريد نصوصاً واضحة حاسمة لا ميوعة فيها ولا غموض، لا نريد ترك صياغة الدستور لبرلمان نصفه من الإخوان والنصف الآخر من أشباح الحزب الوطنى المتحولين!
لكن لو قلت «لا» سيحدث الإصلاح السياسى على نار هادئة دون سلق دستورى وسيتبعه الإصلاح الاقتصادى المنظم على أساس سياسى صحيح، لأنه حينها سيضع الدستور كل القوى السياسية الموجودة على الساحة والتى سنضع ثقتنا فيها بعد أن اهتزت ثقتنا فى تشكيل لجنة سابقة هواها بلون واحد هو اللون الإخوانجى!
كل من تزوج بأجنبية أو حصل على جنسية أخرى بجانب المصرية هو جاسوس تحت التمرين وعميل دليفرى وخائن احتياطى! هذا هو ملخص المادة الأولى فى التعديلات الدستورية، يقولون إن أعضاء السلك الدبلوماسى يخضعون للشروط نفسها، والرد هو أن الخطأ لا يبرر بخطأ، وقانون السلك الدبلوماسى ليس نصاً مقدساً يتم القياس عليه، والأسهل تغييره بدلاً من حرمان طاقات مصرية عظيمة من الترشح للرئاسة، فمن عاش فى الخارج واكتسب جنسية أخرى هو نموذج لتزاوج وتطعيم حضارى ورؤية أشمل وأرحب وليس بالضرورة هو شخص مزدوج الولاء أو عديم الانتماء، وكم من مصرى ابن مصرى زوج مصرية خان الوطن وتعدد ولاؤه وانتفخت جيوبه من الرشاوى والعمولات!
الدستور هو قاطرة التنمية والإصلاح السياسى والاقتصادى والاجتماعى، الدستور من الممكن أن يكون فردوساً ومن الممكن أن ينقلب جحيماً، نتفهم ونحترم رغبة الجيش فى التخلى عن السلطة، وهى رغبة سنساعدهم فيها لأن المجتمع يرفض الحكم العسكرى المزمن بالحماس نفسه الذى قبل به الحكم العسكرى الانتقالى، لكننا لا يمكن أن نتفهم أن يصاحب هذا التخلى فوضى دستورية، ويتلازم معه سيطرة لون سياسى واحد نستبدل معه ديكتاتورية شخص بديكتاتورية فصيل أو جماعة.
لا للترقيعات الدستورية، هذا رأيى الخاص وانت حر.
خالد منتصر - المصرى اليوم
No comments:
Post a Comment