Friday, March 18, 2011

أخطر خطبة جمعة اليوم


المجلس العسكرى دعا جميع وسائل الإعلام إلى عدم نشر أو إذاعة أى آراء أو تحليلات تحمل وجهات نظر بشأن التعديلات الدستورية بدءا من اليوم الجمعة.

بيان المجلس قال إن هذه الدعوة تهدف إلى توفير المناخ الديمقراطى المناسب والوقت الكافى للجماهير لتكوين آرائها، كما دعا المجلس وسائل الإعلام لحث الجماهير على الذهاب للإدلاء بأصواتها فى صناديق الاقتراع.

ومع شديد احترامى للمجلس الأعلى للقوات المسلحة والاعتراف بدوره الرائع فى حماية مسيرة التحول والانتقال السياسى فى مصر إلا أن هذه الدعوة يكتنفها بعض اللبس، فهى من ناحية تريد من وسائل الإعلام عدم تناول الاستفتاء بالرأى والتحليل، ومن ناحية أخرى تطالبها بتشجيع الجماهير على المشاركة فى الاستفتاء، والأمر المنطقى لكى تشجع أحدا على المشاركة فى شىء ما أن تشرح له وتحلل مميزات الذهاب وعيوب عدم الذهاب، ولكى تصل إلى ذلك فإنك لابد أن تشرح للمواطن القصة ليعرف لماذا يجب أن يذهب ويدلى بصوته، مع أو ضد التعديلات، ومن حقه فى هذه الحالة أن يتساءل عن أسباب «لا» ومبررات «نعم»، بحيث تكون الفرصة متاحة أمامه ليكوّن آراءه وقناعاته بشأن مستقبل بلاده.

غير أن الأخطر من ذلك هو: إذا نجح المجلس فى إيقاف وسائل الإعلام عن مناقشة تفاصيل الاستفتاء، فماذا عن صلاة الجمعة اليوم ؟

ماذا عن عشرات الآلاف من منابر المساجد التى سيكون معظمها بلا شك حاضرا ومشاركا فى التأثير على إرادة الناخبين، خصوصا أن الجميع يعلمون أن الإخوان والسلفيين والمنتمين إلى الإسلام السياسى بجميع أطيافه محتشدون منذ أيام عديدة لاقتياد الجماهير إلى التصويت بـ «نعم» على التعديلات الدستورية المقترحة، بل إن بعضهم أقحم الدين بشكل سافر ومزعج على نحو مخيف فى هذه المسألة.

إن إغراق الشوارع ووسائل المواصلات بآلاف المنشورات التى تبث الرعب فى نفوس الجماهير التى تفكر فى قول «لا» بأن الموافقة تؤدى إلى الجنة والرفض يورد صاحبه النار، أظن أن هذا المسلك يعد خرقا واضحا لقواعد الممارسة الديمقراطية، ويرتد بنا مرة أخرى إلى جحيم الدعوة إلى الدولة الدينية.

وكنا نتمنى لكى تتحقق العدالة والموضوعية ألا تقتصر الدعوة على وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والإلكترونية، المحلية منها والأجنبية، لكى تشمل منابر المساجد التى نعلم تماما أن عددا هائلا منها يخضع لسيطرة السلفيين وغيرهم من جماعات الإسلام السياسى.

إننا مازلنا مصممين ومقتنعين وحريصين على أن «الجيش والشعب إيد واحدة» وكلنا حريصون على أن يخرج يوم الاقتراع بشكل هادئ ومتحضر، يمارس فيه المصريون حقوقهم السياسية لأول مرة منذ سنوات بعيدة فى مناخ نقى ومحترم، غير أن البعض يصر للأسف على الارتداد بنا إلى ما قبل 25 يناير.

إن خطبة جمعة اليوم هى الأخطر على الاستقرار، لذا نتمنى أن تكون هناك تعليمات صارمة بألا تتحول المنابر إلى خناجر فى جسد الثورة.


بقلم:وائل قنديل - الشروق

No comments: