بقلم د.حسن نافعة ١٨/ ٣/ ٢٠١١ |
١- لأن الثورة قامت لإسقاط النظام وليس لإصلاحه، وإسقاط النظام يتطلب إلغاء دستور ١٩٧١ المجمد حاليا بقرار من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، والشروع فورا فى اتخاذ الإجراءات اللازمة لصياغة دستور جديد. أما تعديل الدستور فيعنى الاكتفاء بإصلاح النظام القائم، مؤقتا على الأقل، إلى أن تتم صياغة دستور جديد وهى عملية لن تكتمل قبل حوالى ثمانية عشر شهرا من الآن وفقا للترتيبات المنصوص عليها فى المادة ١٨٩ مكرر المعدلة. وأعتقد أنه من الأفضل أن نبدأ فورا فى اتخاذ الإجراءات اللازمة لصياغة دستور جديد، توفيرا للوقت والجهد والنفقات ولكى نصل إلى مرحلة الاستقرار فى أسرع وقت ممكن. ٢- لأن الموافقة على التعديلات الدستورية المقترحة سوف تؤدى من الناحية العملية إلى إعادة إحياء دستور ٧١ المجمد، الذى ستجرى على أساسه الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة. وإذا أجريت الانتخابات البرلمانية القادمة على أساس دستور ٧١ فسيكون لدينا مجلس شعب نصف مقاعده مخصصة لعمال وفلاحين لا يمثلون المصالح الحقيقية للعمال والفلاحين، وبه ٦٤ مقعدا للمرأة لن تسهم بالضرورة فى الارتقاء بوضع المرأة فى المجتمع المصرى، ومجلس شورى لا ضرورة له ولا يقوم بدور يعتد به فى العملية التشريعية. وإذا أجريت الانتخابات الرئاسية على أساس هذا الدستور فسيكون لدينا رئيس للجمهورية يتمتع بسلطات وصلاحيات مطلقة وسيحكمنا فرعون جديد حتى ولو كان ذلك لمدة قصيرة!. ٣- لأنه إذا استمرت الأوضاع الحالية على ما هى عليه الآن وجرت الانتخابات البرلمانية والرئاسية قبل تنظيف الركام الذى خلفه النظام السابق فستجرى الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة فى ظل جهاز إدارى مازال يسيطر عليه رجال النظام القديم وقبل إتاحة وقت كاف لتمكين القوى السياسية التى فجرت الثورة أو شاركت فى صنعها من تشكيل أحزابها وطرح برامجها على الناخبين. وإذا أجريت الانتخابات البرلمانية والرئاسية فى ظل طاقم المحافظين ومجالس الحكم المحلى بتشكيلتها الحالية فلن يكون لدينا برلمان ولا رئيس جمهورية يعبر عن مصر بعد ثورة ٢٥ يناير. ٤- لأن التصويت بـ«نعم» على هذه التعديلات سيدخل مصر فى مأزق دستورى هى فى غنى عنه. فدخول هذه التعديلات حيز التنفيذ، والذى يعنى عودة الحياة لبقية المواد غير المعدلة فى دستور ٧١، سيثير بالضرورة شكوكا حول شرعية وضع المجلس الأعلى للقوات المسلحة باعتباره الجهة المكلفة بإدارة شؤون البلاد فى هذه المرحلة. ويجب أن يكون واضحا تماما أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يستمد شرعية إدارته للمرحلة الانتقالية من ثورة ٢٥ يناير وليس من التكليف الصادر لها من الرئيس السابق لأنه صدر من غير ذى صفة. ٥- لأن المتحمسين للتصويت بـ«نعم» على هذه التعديلات يعتقدون أن من شأن الموافقة عليها الإسراع بعودة الجيش إلى ثكناته وتسليم الحكم إلى مؤسسات مدنية منتخبة تعيد الاستقرار للبلاد وعجلة الاقتصاد للدوران، وهو اعتقاد غير صحيح فى تقديرى. فالدستور الجديد لن يكون جاهزا، وفقا للتعديلات الدستورية المقترحة، قبل عام ونصف العام من الآن، وسيترتب على إقراره حتما إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية جديدة ستحتاج إلى ستة أشهر إضافية على الأقل، وهو ما من شأنه إطالة فترة عدم الاستقرار دون مبرر، وسيولد الانطباع بأن محاولة جرت للالتفاف على الثورة، بفتح طريق جانبى يسمح بعودة بقايا النظام القديم ويطيل الفترة اللازمة لإعداد دستور جديد دون أى مبرر، ودون أى ضمانات بأن الدستور القادم هو أفضل ما يمكن أن تفرزه مصر فى هذه اللحظة التاريخية الحاسمة. لكل هذه الأسباب سأصوت بـ«لا» على التعديلات الدستورية المقترحة، وأتمنى أن تصوت الأغلبية بـ«لا» لأن ذلك سيتيح الفرصة لتصحيح مسار الثورة والذى تجرى محاولات واضحة لحرفه عن المسار الصحيح. وأعتقد أن تصويت الأغلبية بـ«لا» سيدعم موقف مجلس قيادة الثورة ولن يضعفه، وسيبعث برسالة قوية تؤكد أن شعب مصر يستطيع أن يقول «لا» فى استفتاء حر. لكنى ألزم نفسى فى جميع الأحوال باحترام تصويت الأغلبية حتى لو كان بـ«نعم». المصرى اليوم |
No comments:
Post a Comment