عبدالمنعم عمارة أهدي الوزراء ورجال مبارك أرضا بـ 100 مليون جنيه علي ساحل البحيرات المرة
الكبار أقاموا قصورا علي طريقة ألف ليلة وليلة.. قصر »الشريف« الأوسع.. و»عزمي« حكايته حكاية، شركة المقاولون العرب شيدت قصر صفوت الشريف.. وفتحي سرور باع قصره قبل شهور بـ 12 مليون جنيه
عاطف عبيد استعان بحراسات خاصة لتأمين قصره.. وكبير يوران مبارك كتب علي باب قصره »ممنوع الاقتراب أو التصوير«
طبيب مبارك أقام ملعبا أمام قصره.. وزوج ابنة عمة سوزان مبارك في قائمة المحظوظين!
سمع هس.. لسان الوزراء يتكلم .. يصرخ بكل معاني الفساد والسطوة والنفوذ وإهدار المال العام.
100 ألف و800 متر »24 فداناً بالتمام والكمال« تطل مباشرة علي البحيرات المرة بمنطقة فايد، جنوب الإسماعيلية.. ضحي الاف الشهداء بأرواحهم الطاهرة لتحريرها من أنياب الاحتلال الإسرائيلي.. حررها المصريون بالروح والدم، ثم بعد ذلك كله احتلها وزراء وكبراء ورجال أعمال ليقيموا عليها قصورا مشيدة، تحيطها حدائق ذات بهجة وبساتين فاكهة وحمامات سباحة.
بالأمر المباشر وزع أرضها محافظ الإسماعيلية السابق عبدالمنعم عمارة، وأهداها للوزراء والكبراء بأسعار تراوحت ما بين 10 جنيهات و31 جنيها للمتر الواحد، بينما كان سعر المتر حوالي 1000 جنيه، طار - وفي لمح البصر - حوالي 100 مليون جنيه من المال العام إضافة إلي ملايين الجنيهات الأخري التي أنفقتها الأجهزة الحكومية لإقامة بنية أساسية متكاملة بالمنطقة.
هل انتهي الأمر عند ذلك؟.. لا.. فعندما شرع الكبراء في بناء قصورهم تطوعت شركات وهيئات عامة فشيدت تلك القصور من المال العام!.. ثم تطوعت وزارة الزراعة بزراعتها بأشجار الفاكهة من كل شكل ولون وتطوعت أيضا برعاية هذه الأشجار وتسميدها!
وهناك حيث التجمع الكبير للكبار كانت توضع خطط وتحال المكائد وتبرم الصفقات علي حساب الشعب المطحون، وظل لسان الوزراء خارجا من تلك القطعة، مستهزئاً بمشاعر ملايين المصريين وشاهدا علي تضخم ثروات المسئولين والناهشين في جسد الوطن.
وعندما أراد هؤلاء أن يطبقوا المثل القائل »إذا بليتم فاستتروا« أغلقوا عليهم اللسان وأقاموا علي مدخله حراسة مشددة حتي لا يمر من أمام قصورهم أحد من المصريين وكتبوا لافتة تحذير تقول »ممتلكات خاصة .. ممنوع الدخول«!
حتي مطلع الثمانينيات كانت أرض لسان الوزراء مجرد أرض عادية كغيرها من تراب مصر، ربما كان الشيء الوحيد الذي يميزها عن غيرها هي أنها ارتوت حتي الثمالة بدماء الشهداء من أبناء قواتنا المسلحة الذين خاضوا معارك دامية مع العدو الإسرائيلي استمرت من عام 1956 حتي قبيل منتصف السبعينيات بقليل.
ومع مطلع الثمانينيات تطلعت أنظار كثير من المسئولين إلي تلك المنطقة وراح الكثيرون يمنون أنفسهم بالإقامة في تلك البقعة الساحرة المطلة علي البحيرات المرة مباشرة، وقبل أن ينتصف الثمانينيات كان طائر الفساد قد حط علي لسان الوزراء ولم تمض سوي سنوات قليلة حتي تحول اللسان من أرض البطولات والشهداء الي واحة الفساد.
كان المكان ساحراً والطبيعة خلابة وقناة السويس ومياه البحيرات المرة تشجع علي الاقامة هناك وأسعار الارض حسب الطلب، وكانت المشكلة الوحيدة هي غياب المرافق والبنية الأساسية وفكر البعض في مواجهة هذا التحدي.. بحثوا عن فكرة لاقامة المرافق بالمنطقة، علي حساب الدولة طبعاً، ولم يستمر التفكير طويلاً فسرعان ما أعلنت عدة بنوك وشركات عامة عن تأسيس شركة عامة اطلقوا عليها اسم "الاسماعيلية للاستثمار والسياحة" وبسرعة كبيرة اقامت هذه الشركة فندقاً وقرية سياحية علي شاطئ البحيرات المرة وشيدت بنية أساسية متقابلة بالمنطقة لدرجة وجود محطة كهرباء مخصصة لتزويد المنطقة بالكهرباء.. وبعد ذلك بدأ الفساد يدب في لسان الوزراء وارتفعت هامات قصور المسئولين قصراً بعد قصر وكأنها قصور ألف ليلة وليلة.
أول القصور تم بناؤه يحمل اسم زوجة محافظ القاهرة الأسبق يوسف صبري أبو طالب، ومن بعده جاء د. زكريا عزمي الذي استولي علي أرض كان قد تم تخصيصها للدكتور محمد عزت معروف رئيس الاتحاد العربي لصناعات الحديد والصلب سابقا، والي جانب هذه الأرض خصص محافظ الاسماعيلية الأسبق عبد المنعم عمارة قطعة ارض اخري باسم زوجة الدكتور زكريا عزمي وبضم القطعتين صارت المساحة التي بحوزة رئيس ديوان رئيس الجمهورية - آنذاك - أكثر من 4000 متر وفق هذه المساحة أقام د. عزمي قصراً محدب الشكل تحيطه حديقة غناء في نهايتها حمام سباحة كبير علي أحدث طراز.
ولم يكتف د. عزمي بالقصر والحديقة وحمام السباحة بل أقام لسانا خصوصياً داخل مياه البحيرات المرة و"ممشاة" تنتهي بـ "برجولا" علي مساحة تزيد علي 100 متر داخل مياه البحيرات.
وتوالت القصور.. فأقام اللواء مصطفي كامل مدير مباحث أمن الدولة سابقاً قصره علي مساحة 3000 متر مربع تقريباً والي جواره أقام اللواء أمين نمر رئيس جهاز المخابرات سابقاً قصراً مماثلاً.
وجاء دور اسماعيل سلام وزير الصحة الأسبق الذي لم يكتف بأن يقيم قصره علي مساحة 4 آلاف متر فاشتري 12 ألف متر مربع أقام عليها قصراً فخماً.
وعلي مقربة من قصر "سلام" يوجد قصر عاطف عبيد رئيس الوزراء الأسبق، والمقام علي مساحة 6 آلاف متر مربع ويتميز بوجود حمام سباحة كبير، ويستعين "عبيد" بحرس خاص لحماية القصر.
ويبقي قصر صفوت الشريف هو أكبر قصور لسان الوزراء فهو مقام علي مساحة 16 ألف متر مربع واشرف علي تشييده شركة المقاولون العرب وكانت زوجة "الشريف" حريصة بشكل كبير علي أن تحدد بنفسها كل ما يتعلق بالقصر من لون الحوائط وشكل الديكورات وحتي شكل السور الخارجي.
ويوجد بالقصر حمام سباحة وحديقة أمامية تضم العديد من أشجار الفاكهة.. مانجو وتفاح وكمثري.. فضلاً عن زهور ونباتات ظل.. وسجادة من الحشائش تغطي أرضية الحديقة ويتولي رعاية هذه الاشجار مهندسون زراعيون يعملون بمدينة فايد ويغدقون بالأسمدة علي الحشائش التي تغطي ارض الحديقة ولكنهم يمتنعون تماما عن وضع أسمدة كيماوية لأشجار الفاكهة لأن صفوت بيه - علي حد قولهم - يحب الفاكهة الأورجانك!
ويبدو أن أمين عام الحزب الوطني المستقيل صفوت الشريف يحب أشياء اخري بخلاف الأورجانك بدليل أنه خالف القانون تماما كما فعل د. زكريا عزمي وأقام ممشاة داخل مياه البحيرات المرة تنتهي بـ "برجولا" تبتعد عن الشاطئ بحوالي 150 متراً.
وإلي اصحاب قصور لسان الوزراء انضم كمال الجنزوري رئيس الوزراء الأسبق وزكي بدر وزير الداخلية الأسبق واللواء جمال الدين عبد العزيز سكرتير رئيس الجمهورية المخلوع حسني مبارك وماهر أباظة وزير الكهرباء السابق ووزير الصحة الأسبق محمد راغب دويدار ومحمد عبد الوهاب وزير الصناعة الأسبق وسلطان أبو علي وزير الاقتصاد الأسبق الذي أقام فيلا متواضعة علي مساحة 350 متراً فقط!
ومن بين رجال مبارك الذين حصلوا علي آلاف الأمتار بأسعار رمزية في لسان الوزراء وأقاموا عليها قصورهم الفخمة الدكتور حسن زاهر الطبيب الخاص لمبارك والذي أقام في الأرض المواجهة لقصره ملعب تنس!
وعلي مساحة 4 آلاف فدان أقام اللواء فاروق أبو العز زوج ابنة عمة سوزان مبارك قصره وسط قصور وزراء لسان الوزراء.
ولسبب غير معروف باع د. فتحي سرور آخر رؤساء مجلس الشعب قصره بلسان الوزراء قبل شهور قليلة بمبلغ 12 مليون جنيه، وهو مبلغ يكشف حجم الثروة الضخمة التي هبطت علي رأس الوزراء والكبراء بسبب قصورهم في لسان الوزراء.. وهي قصور حصل الوزراء علي أرضها بأسعار رمزية وساندتهم في بنائها كل أجهزة الدولة والوحدات المحلية بمدينة فايد بالاسماعيلية.
باختصار لم ينفق كل وزير أو مسئول علي تشييد قصره في لسان الوزراء سوي عشرات الآلاف من الجنيهات وبعدها صار يمتلك قصراً يمكن بيعه وبسهولة بـ 12 مليون جنيه.. ألا يكفي هذا لمحاكمة نظام حكم فاسد أنفق الملايين علي "دلع" الوزراء وكبار المسئولين، بينما الشعب جائع؟
مجدي سلامة-محمد جمعة
الوفد
No comments:
Post a Comment