لم يكن المواطن خالد محمد سعيد صبحى قاسم (٢٨ سنة) يعرف أن دماءه ستكون وقود «ثورة الغضب». لقى خالد سعيد ربه بجمجمة مهشمة وبدن ممزق، بعد «علقة موت» فى ٦ يونيو ٢٠١٠، كانت عقاباً له على فيديو نشره عبر الإنترنت يكشف «إعادة تدوير» مضبوطات المخدرات بقسم سيدى جابر.
وكما كانت «جريمة» خالد سعيد «انترنتية» بحتة، كان الإنترنت هو أكبر وسائل الدعوة لـ«القصاص» من «القتلة». على موقع «فيس بوك» دوى اسم خالد، باعتباره «شهيد الطوارئ»، كان النشطاء والمستخدمون العاديون يتعرفون على ملامح شاب سكندرى وسيم، حاول كشف جريمة نظام، فكان عقابه الموت ضرباً، وتشويه السمعة فى «إعلام النظام»، إلا أن نشطاء «فيس بوك» قرروا أن يجعلوا جثمان الشهيد نقطة، ربما، توضع فى آخر سطر التعذيب فى مصر.
بدأت مجموعات عدة على «فيس بوك» تدعو للقصاص من «القتلة»، وتواصل النشطاء مع والدة الشهيد، التى كانت العمود الفقرى لصمود الحملة رغم «تهديدات الداخلية».
وسط زحام الأحداث وتتابعها، كانت صفحة «كلنا خالد سعيد» تضم أعداداً متزايدة على موقع «فيس بوك»، وحسب موسوعة «ويكيبديا» انضم لـ«كلنا خالد سعيد»، ٤٠٠٠ مشترك بعد أقل من ساعة على تأسيسها، ليصل عدد المشتركين إلى أكثر من ١٨٤ ألف مشترك بعد ١٠ أيام من إنشاء الصفحة.
لم يكن خالد سعيد، شهيد تعذيب عاديا، فالشاب السكندرى، تحول إلى «رمز» لجيل رفض أن يموت فى أقسام الشرطة، وقرر أن يذهب لأبعد مدى فى احتجاجه على «التوحش الأمنى»، وبعد ٤ أشهر تقريباً من إنشاء الجروب، كان عدد المشاركين فيه قد تجاوز حاجز ٣٠٠ ألف مشترك، مع تزايد أعداد المشاركين فى «كلنا خالد سعيد» تحولت الصفحة لمنتدى سياسى معظم أعضائه من الشباب.
«مستنى إيه.. سيب الصفحة وانزل»، كانت هذه هى «الصيحة» الرئيسية التى رددها مشرف- وربما مشرفو- صفحة «كلنا خالد سعيد»، مع اللحظات الأولى لبدء «ثورة الغضب» فى ٢٥ يناير.
كانت ثورة الغضب حدثاً استثنائياً ليس فقط لمن راقبها، لكن لمن أطلقوها أيضاً، فعبر كلمات قصيرة على «status» كانت صفحة «كلنا خالد سعيد» تنقل كل شىء، أماكن المظاهرات، خط سير الاحتجاجات، الخطط البديلة، وحتى وسائل «مكافحة القمع» كما كتب مشرف المجموعة.
من «فيس بوك» انطلقت الثورة، التى حشدت وراءها الملايين فى القاهرة والمحافظات، وعلى صفحة «كلنا خالد سعيد» ظهرت نكتة تلخص «الحدوتة المصرية». تقول النكتة: بعد أن توفى الرئيس مبارك، صعد للسماء فقابل عبدالناصر والسادات، وسألاه: «إيه الأخبار.. سم ولا منصة؟» فأجابهم بحسرة: «فيس بوك».
أحمد محجوب
المصرى اليوم
No comments:
Post a Comment