Friday, February 25, 2011

اتركوا الطائفية وعودوا إلى التحرير


الثورة تغسل وتطهر، تجعل الناس أطهر وأجمل وأصدق وأكثر جدية وأقل تفاهة وعبثية.

وطوال أيام ثورة 25 يناير لم نسمع عبارة مسلم ومسيحى، ولم تتلوث الأذن بعبارة «عنصرا الأمة» فقد ثبت أن الأمة كلها عنصر واحد ونسيج واحد، حتى وإن اختلفت الأسماء والملامح.

ولعل أجمل ما باحت به الثورة من أسرار أنها كشفت أن حالة الاحتقان الطائفى لم تكن إلا لعبة جهنمية صنعها النظام السابق على عينيه وغذاها واستخدمها لتدعيم بقائه من خلال إلهاء المصريين وإنهاكهم فى مشاكل طائفية صغيرة تأخذهم بعيدا عن المطالبة بالإصلاح السياسى والتغيير.

ومن هنا لم يكن مفاجئا كثيرا أن تشير أصابع الاتهام إلى وزير الداخلية السابق فى جريمة تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية، وهى المذبحة التى استعرض بعدها العادلى عضلاته الأمنية وأعلن بكل خيلاء أنه نجح فى ضبط الجناة ملصقا التهمة بجماعات فلسطينية.

ولا يمكن لعاقل أن يغض النظر عن إقدام العادلى وقياداته على إحداث حالة من الفراغ الأمنى الكامل وصناعة مناخ من الرعب المجتمعى بإطلاق الآلاف من المساجين والبلطجية المسلحين على الناس فى بيوتهم.

بوضوح أكثر هناك ألعاب أمنية مورست وتمارس وأسالت دماء وصنعت كوارث لأسباب تتعلق ببقاء رموز النظام السابق، ومن هنا لا يمكن أن نرى حادثين وقعا خلال الأيام القليلة الماضية بعيدا عن ذلك.

وأزعم أن وراء جريمة قتل راعى الكنيسة فى أسيوط، والترويج لقصة مداهمة قوات عسكرية لدير وادى النطرون، أصابع ورءوس من النظام السابق تريد إرباك المحتشدين لجمعة التطهير اليوم، من خلال إثارة نعرات طائفية من جديد، وتهدف إلى العبث بحالة الثقة والاصطفاف بين الشعب والجيش، عبر إشعال غضب الإخوة المسيحيين.

والحاصل أن الأيام السابقة لجمعة اليوم شهدت مجموعة من المحاولات المكشوفة للشوشرة على حالة الإجماع على ضرورة رحيل الفريق أحمد شفيق ووزرائه الذين عينهم الرئيس المخلوع وأدوا القسم أمامه.

من ذلك الحرص على أن تتضمن أحدث تشكيلة وزارية أسماء محسوبة على المعارضة، بيمينها ويسارها، بحيث يتم تحييد أصوات كانت حتى وقت قريب مرتفعة بالمطالبة بحتمية تغيير النظام بشكل كامل.

ومن ذلك أيضا محاولة تصوير الجمعة الماضية باعتبارها جمعة الإسلاميين فقط، وتحديدا جمعة الإخوان المسلمين، فى استعادة ساذجة للعبة القديمة، وأعنى لعبة الفزاعات المصطنعة.

باختصار هناك محاولات لم تتوقف للقضاء على روح 25 يناير وإعادة الجميع إلى عبثية وجنون المشهد السابق لها، بكل تفاصيله المزعجة من طائفية وبلطجة.

غير أن المؤكد أن وجدان المصريين تغير إلى الأفضل واسترد حالته الأولى من النقاء والإحساس بالمواطنة الحقيقية.. وكل الأمل أن ينصت المصريون جميعا إلى نداء الشهداء ويكملوا مشوار التغيير، والانتباه لمحاولات جر الجميع إلى مستنقع الطائفية مجددا.

بقلم:وائل قنديل - الشروق

No comments: