Wednesday, February 23, 2011

فاروق الباز لمصراوي: رأيت بذور الامل فى مصر بعد الثورة

الحوار مع دكتور بأهمية العالم المصري الكبير، فاروق الباز، لا يحتاج الي الكثير من الكلمات لتقديمه.. ويكفيه أنه رجل دخل التاريخ من اوسع ابوابه، عندما حدد البقعة التي سيقف عندها أول انسان على سطح القمر.. ولم يكتفي بذلك بل قام بتدريب فريق عمل المكوك الفضائي "أبوللو".

وعرفانا بجميل أستاذه، قام ارمسترونج - أول إنسان تلمس قدماه سطح القمر- بأرسال كلمات بسيطة إلى الأرض باللغة العربية، وحمل معه للقمر ورقة مكتوباً عليها بضع آيات من القرآن الكريم اهداها له استاذه الباز.

والي نص حوار العالم المصري الدكتور فاروق الباز، الذي يعمل حاليا مدير مركز ابحاث الفضاء، بجامعة بوسطن بأمريكا، ويعد ابرز علماء الجيولوجيا في العالم حالياً.

ما أول ما لفت نظرك بمجرد أن وطئت قدماك أرض مصر، بعد ثورة 25 يناير؟

أول ما فت نظري، الابتسامة التي عادت لوجه المصري والمصرية.. شعرت بها بمجرد ما نزلت لمصر، وهذه الابتسامة هي بذور الامل، التي بدأت تنتشر في النفوس، وهذا ما سيدفع الناس الي التطلع لمستقبل افضل، هم صانعوه.. بسبب حالة الصحوة التي رايتها في العيون، "الناس بجد عايزة تعمل حاجة"، بعد ان اكتشفت مدي قوتها، وبعد أن تم ما كنا جميعا نظن انه امر مستحيل.. واعتقد ان هذا يؤمن مستقبل مشرق لمصر والمصريين.

وماذا عن حالة الارتباك بسبب تعطل الدستور، والانفلات الامني، والاوضاع الاقتصادية المضطربة ؟

من الطبيعي أن تحدث قلاقل في ظل سقوط نظام، والشروع في بناء نظام اخر.. فبعد أي ثورة مجيدة لابد أن تحدث بلبلة في الأفكار، واختلاف في الطرق التي نصل بها لأهداف الثورة، وعلي الشعب المصري ان يثبت مكانه، ولا يتنازل عن مكاسب الثورة، ويسعي الي استكمال الصورة، مع وضع كل طاقة الحب والعمل التي نراها حاليا لصالح الثورة..

ويضيف دكتور الباز قائلاً.. السؤال الذي يجب ان نطرح على أنفسنا حالياً، هو كيف نحافظ على مكاسب الثورة، ونهدئ من روع بعض المتوترين، لكي نبدأ الصحوة الانتاجية، فرغم أن الثورة اشعلت الصحوة السياسية، إلا اننا نحتاج الان وبأقصى سرعة أن نسير الي صحوة انتاجية تيقظنا من غفلتنا عن قضايا التنمية الحقيقة، هذه الصحوة ستكون هي المكمل، والجزء التنموي لثورة 25 يناير.

مشروع ممر تنمية نسمع عنه منذ سنوات دون نتيجة ملموسة.. فهل انت متفائل الان بتحقيقه ؟

الامور الان بدأت في التغير الايجابي.. وهذا لانهم درسوا مشروع ممر التنمية بشكل جيد وجاد، وهناك لجان علمية متخصصة مازالت تعمل علي تطويره، وهناك تغيرات اضيفت.. صحيح ليست جذرية، ولكنها تدل علي انهم فهموه تماماً، ووعوا ما يمكن أن يفيد به البلاد، وما يمكن أن يستفيدوا منه من خلال اضافة الكثير من الافكار.. لهذا قلت يجب ان يكون مشروع قومي، يفتح فيه المجال لاكتتاب عام.. لأنه مشروع للناس.. اتمني ان اراه نموذج لمشاركة الناس المعنوية والمادية في مشروعات تمثل علامات لمستقبلها.

ولكنه مشروع يحتاج الي سنوات طويلة للتنفيذ، فكيف ستشرف عليه حكومة مؤقته ؟

صحيح انها حكومة تسير اعمال مؤقته، ولكن لا اري اي تعارض في انها تسعي الي ان تستشير العلماء والخبراء، علي الاقل لدراسة الامور، وفتح مجالات وفرص للتنمية امام الحكومات القادمة، وفيما يخص ممر التنمية، فالمتوقع أن تكون هناك مؤسسة تتولي حملة توعية وبناء كوادر، وخلق حالة من الدعم من قبل الناس العادية، لكي يعرفوا ان هذا هو مشروعهم.

وهل هناك اي دور للجيش المصري في المشروع ؟

الجيش المصري، يساعد في الوقت الحالي فى دراسة المشروع، وفي اعتقادي انه الجيش يستطيع ان يقوم بأعمال كثيرة هامة فى المشروع، مثلهم مثل الشركات الفنية المتخصصة، ولا أشك انه دور الجيش سيكون هاماً في الاجزاء التي سينفذها، نظراً لخبرته وقدرته علي تلبية المواصفات العالمية بصورة محترفة، وبشكل أرخص "شوية" من الاخرين.

وكيف تري دور الحكومة المؤقتة في هذه المرحلة ؟

انا لست متخصص في هذا الجانب، ولن اعتقد ان دورها الاساسي هو أن تفتح الفكر والمجال للقادم، لان العمل الحقيقي المستدام سياتي بعدها، لهذا يجب ان تركز حالياً علي قضية الامن والأمان، والعمل علي تلبية متطلبات الناس اليومية.. ويجب علي الحكومة ايضا ان توجه رسالة للناس، أن العمل يجب أن يستمر، وأن مكاسب الثورة لن ان تأتي في يوم وليلة، وربما يستغرق هذا بعض الوقت.

ومتي تتوقع ان يبدأ الناس في جني ثمار الثورة ؟

هناك طلبات عاجلة، ويمكن أن نشاهد انفراجه فيها تحدث خلال شهور، مثل قضية الحد الأدنى للأجور، وتحسين مناخ الحياة والمعاملات بين الجهات الحكومية والمواطنين.. وهذا يمكن ان يحدث اذا كان العاملين والموظفين قادرون علي احداث ثورة حقيقة في اماكن عملهم، بدل من الاتكال وترديد عبارات محبطة، عينة "علي قد فلوسهم".. ما نريده الان هو استثمار روح الثورة، لتنقل لعجلة الانتاج والتنمية.

الا يوجد تصور زمني للوقت الذي ستستغرقه مصر حتى تكون دولة ديمقراطية متقدمة.. كما نحلم ؟

اعتقد ان السؤال الافضل الان هو.. ماذا نفعل حتى نصل الي تحقيق نتائج ايجابية للثورة.. ونكون دولة ديمقراطية متقدمة كما نحلم جميعاً، لكي تحصل مصر علي مكانتها اللائقة، التي لم نكن نعرف قدرها ومدي تأثيرها في العالم قبل 25 يناير.. واعتقد ان عملنا وجهودنا هي التي ستجيب علي هذا السؤال.. فمقاليد الامور عادت للشعب، وعليه ان يقرر ما الذي يريد ان يفعل في المستقبل

كعالم مصري متواجد في الخارج منذ اكثر من اربعين عاماً.. كيف كنت ترى صورة مصر في عيون العالم؟

صمت طويلاً وكانه يتذكر، وقال.. كان يأتيني زملائي اساتذة العلوم السياسية من جامعات مختلفة مثل هارفارد، ويقولون لي أين مصر ؟.. لماذا لا نراها ؟ يقصدون علي الساحة السياسية العالمية او الاقليمية.. فقد كانت مصر تعاني من الضعف الشديد والمرض السياسي المزمن، وسط محاولات لتحجيم دونا، وللأسف استسلمنا لها، في ظل غياب عن تقسيم السودان ومشكلات لبنان وتقسيم العراق والكثير من الدول العربية.. ونحن لا نتحرك ولا نقول كلمتنا.. وتركنا المجال لدول صغيرة جدا ظهرت في ظل غيابنا.

ويضيف دكتور الباز.. هذا في اعتقادي حدث كانعكاس للصورة الداخلية.. التي كانت " متهببة" حزينة، والابتسامة لم تكن موجودة، التعليم سيء، وتكاليف الحياة مرتفعة، والحصول على فرصة عمل حلم في حد ذاته، والنمو الاقتصادي لم يكن يترجم الي فوائد للمواطنين البسطاء، فقلت الرغبة في الحياة، والتطلع للمستقبل لم يكن في الحسبان.. باختصار لم يكن هناك امل.. والان هناك امل كبير وابتسامة كمان.

وهل استطعت ان تجمع اي انطباعات خارجية، بعد احداث ثورة 25 يناير ؟

بالطبع، ومن كل انحاء العالم، حسب ما رايته ووصلني من زملائي.. انه يقولون الان ان الشعب المصري ارسى قواعد ديمقراطية جديدة في العالم، واستطاع ان يخلق نموذج جديد لبناء ديمقراطية شعبية أتت بشكل سلمي، ويصفونها الديمقراطية الحقيقة، لان الناس تمسكت بها، وثارت لكي تحصل عليها.

وروعة الثورة المصرية تكمن في انها جاءت مفاجئة للجميع، واربكت حسابات كل السياسيين والاكاديميين في العالم.. فالجميع وقف مبهورا، غير مصدق ما الذي فعله المصريين !!.. كيف استطاع الشباب المهمش ان يكون هو القائد.. ويطالب بالحرية لبلادهم والعدالة والديمقراطية.. ولم يتنازل عن حلمه حتي حصل عليه.. حتى أن الرئيس الامريكي اوباما قال:" يا ريت الشباب الامريكاني يتعلم من الشباب المصريين".

وكيف ترى الدور الذى يجب أن يلعبه العلماء المصريين في الخارج في المرحلة القادمة ؟

الامر لا يقتصر فقط علي العلماء، فكل المصريين في الخارج، عليهم ان يفكروا في مصر بصورة مختلفة عن 25 يناير، الان مصر يجب ان تظل في البال والخاطر صباحاً ومساءاً.. وعلي كل فرد ان يسأل نفسه.. ماذا يمكن ان افعل شخصيا لدعم هذه الثورة المجيدة، ودعم هذا الشعب الذي اثبت انه احد ارقي شعوب العالم.

هل تخشي علي الثورة من تأخر المكاسب المباشرة، وظهور حالة من التذمر على من قام بها؟

الشعب المصري ليس غبي، وكان يدرك حقيقة الاوضاع قبل الثورة، وان كان هناك بعض التعاطف لدي البعض، ولكن هذا لا يعني اننا الناس لا تحب العصر الجديد الذي نعيشه الان، وانا اثق ان الشعب المصري سوف يصبر علي الثورة، ومعروف ان الشعب المصري طويل البال جداً ويتحمل كثيراً.. والان الامل اصبح كبير.. وما سيبنيه الشعب المصري، سيقطف هو ثماره بنفسه.

في نهاية الحديث اراد الدكتور فاروق الباز، ان يرسل كلمة مصورة لشباب مصر.. قال فيها:" ياشباب مصر.. لقد رفعت رأسنا، واثبتم أن "المصرية" فخر للشخص ان يتحلى بها، واثبتم للعالم كله أن مصر قادرة أن تعيد أمجاد الماضي من جديد".

وأضاف الباز:" في الحقيقة أثبتم أن المصري والمصرية قادرين على أن يقفوا على أقدامهم، ويفكرون بشكل صحيح ومتحضر، ويصمدوا في ميدان التحرير.. ويقولوا كلمة الحق، ويثبتوا عليها حتى يحصلوا علي حقوقهم، في مشهد حضاري، وقف العالم امامه مبهورا.. ليري كيف يصنع شعب مصر الديمقراطية".

حاوره- خالد البرماوي

masrawy

No comments: