Thursday, February 24, 2011

القفز على الثورة

من أين أتت هذه العاصفة التى اقتلعت الوضع البائس لتعيد لنا مصرنا كما كانت؟ كان هذا هو السؤال الذى احتل ألسنتنا جميعا مع إحساس شديد بالفرحة والأمل كنا قد فقدناه تماما..

لكن فى خضم الفرحة بدأ يتسلل إلينا قدر من القلق.. فهل قلقنا هو مجرد خوف على وليدنا الذى طالما تمنيناه أم أن لقلقنا أسباباً جوهرية تدفع إلى القلق الذى بدأ يغزو صدورنا جميعا؟

لن أتحدث هنا عن القلق من ألا يتم تنفيذ كل المطالب فهذا القلق معروف ومفهوم، ولن أتحدث عن القلق من وجود أصابع للنظام تحاول أن تفسد الثورة وتخلق الفوضى وفى هذه النقطة بالذات أرى أن على المجلس الأعلى للقوات المسلحة أن يتصدى بإجراءات عقابية لكل من يثبت تورطة فى محاولة إجهاض الثورة أو تشكيل ثورة مضادة..

لكننى سوف أتحدث عن خطر أهم من هذا وهؤلاء، خطر يحاول أن يزرعه أعوان النظام السابق ليشقوا به صف الشعب المصرى مرة أخرى بعد أن وحدته الثورة.. من يتأمل الصورة أثناء أيام الثورة يكتشف أن هذا الشعب قد توحد بعد أن جرت محاولات عمدية لتمزيقه..

أصبح الكل فى واحد كما يقولون أو أن هذه الثورة كما ردد الكثيرون قد أعادت الروح لهذه الأمة مرة أخرى بعد أن افتقدتها طويلا.. لكن من يراقب ليس فقط ما جرى يوم الجمعة الماضى وسط فرحة واحتفال المصريين بالثورة لكن أيضا الدعوات التى بدأت تتردد سواء فى بيانات يتم توزيعها أو على النت يدرك أن هناك من يسعى لركوب هذه الثورة والتنكر لمبادئها وإحلال مبادئه هو بدلا منها..

أعنى هنا بالتحديد المشهد الذى لم يخطئه البعض من محاولات خطف المنصة والميكروفون يوم الجمعة الماضى بين الإخوان والسلفيين فى ميدان التحرير والذى انتهى بإنزال السلفيين للإخوان من على المنصة ليحتلوها بدلا منهم.. ومنعه فى نفس الوقت أحد شباب ائتلاف الشباب من الصعود إلى المنصة للتحدث إلى الجماهير المحتشدة.. هذا المشهد هو الذروة أو هو التجسيد للمحاولات التى تجرى لاختطاف الثورة من أجندتها التى جمعت المصريين جميعا إلى أجندة قائمة على الإقصاء والتفرقة..

هذا بالضبط هو ما يخطف هذه الثورة من أجندتها الأصلية فبدلا من أن تكون مدنية مصرية.. نجد أن الإخوان يريدونها مدنية إسلامية بينما يريدها السلفيون إسلامية فقط.. كل هذا تجده من النت إلى الشوارع حيث خرج السلفيون لتحقيق أجندتهم.. من ناحية أخرى يفتح الإخوان الحديث حول المادة الثانية مطالبين بتشديدها مما يدفع عدداً من الأقباط إلى المطالبة بإلغائها فى محاولة لصنع قوة ضغط على الناحية الأخرى..كل هذا لا يشكل سوى محاولة لشق الصف بينما أى محاولة لشق الصف الآن لا يمكن إلا أن تكون خطوة ضمن خطوات الثورة المضادة التى تحاول أن تجد لها موضعاً لإفشال ما تم وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه


ولمن نسى أذكره أن هذا النظام هو الذى زرع الفتنة.. لمن نسى أذكر بأن المظاهرات السلفية التى كانت تخرج فى الإسكندرية من السلفيين فى جامع القائد إبراهيم كان وراءها أمن الدولة لتأديب الأقباط وإشعار العالم الخارجى أن الخطر الإسلامى المتشدد قائم والنظام هو وحده القادر على التصدى له.. الآن يطل هذا الخطر مرة أخرى ليهدد وحدة هذا المجتمع التى تجلت فى أفضل صورها فى هذه الثورة التى جمعت المسلم مع القبطى فى مواجهة الموت وفى الاستشهاد وفى الفرحة بالثورة وإنجازها فى خلع النظام.. هل ينقلب الإخوان على الثورة بعد أن انضموا لها كما انضم لها كل مصرى؟

هل باتت الساحة سجالا بينهم وبين السلفيين يسعى كل منه لإحلال أجندته؟

أين من هؤلاء أجندة الثورة التى نجحت فيما لم ينجح فيه أحد وهو توحيد هذا الشعب بعد أن سعوا لتمزيقه.. يجب أن نعى الآن أن علينا التصدى لأى محاولة لإعادة زرع الفتن..

لذلك علينا أن نسعى لإقرار الحريات الدينية ولا نسعى للدخول فى المناطق التى يمكن أن تفرقنا مثل الحديث عن المادة الثانية.. المهم الآن دستور يكفل المساواة والمواطنة ودولة حريصة حقا على الاثنين، إذا حدث هذا لن يغير بقاء المادة الثانية شيئا طالما نحن أمام دولة مدنية تحتكم إلى قواعد المواطنة.. ببساطة لا تدعوهم يدفعونا مرة أخرى إلى نفق الاختلاف بعد أن رأينا نور وحدتنا.

karimakamal@almasry-alyoum.com

كريمة كمال

Almasry Alyoum

No comments: