Sunday, February 06, 2011

الدكتور محمد فوزى مساعد وزير الداخلية الأسبق : معظم رافعى لافتات (نعم لمبارك) دفعتهم جهة عجزت عن إجهاض الثورة


حذر الدكتور محمود فوزى أستاذ القانون بجامعة الزقازيق، مساعد وزير الداخلية الأسبق، من الاكتفاء بتعديل المادتين 67 و77 من الدستور الخاصتين بمدة رئيس الجمهورية وشروط الترشح، قائلا إن المادة 78 من الدستور تسمح للرئيس بالبقاء فى منصبه مدى الحياة بدون انتخابات، كما أن المادة 88 من الدستور تمنع الإشراف القضائى على الانتخابات وتجعل اختيار رئيس الجمهورية وأعضاء مجلسى الشعب والشورى والمجالس المحلية فى يد الموظفين بالدولة.وقال فوزى فى حوار مع «الشروق» إن بقاء الرئيس مبارك فى منصبه مهم لحين نقل السلطة، لكن الاقتصاد سيدفع ثمنا باهظا خلال الأشهر الثمانية، لأنه لا يمكن حدوث نمو اقتصادى فى ظل استقرار ظاهرى ووضع سياسى مضطرب، يمنع التعامل فى البورصة ويحول دون تدفق رءوس الأموال الأجنبية طالما أن مصر ستظل خلال الأشهر الثمانية لا تعرف من سيكون رئيسها القادم أو حكومتها المقبلة.
وطالب فوزى ــ الذى عمل لسنوات طويلة فى وزارة الداخلية منها 20 عاما فى مجال المباحث ــ بإزالة المتاريس من أمام أقسام الشرطة ومديريات الأمن، وأن تكون مفتوحة للمواطنين يدخلونها دون سؤالهم عن هواياتهم أو أسباب زياراتهم كما كان الحال من قبل، حتى يتمكن الضباط من الحصول على معلوماتهم بسهولة ويسر وسلاسة بدلا من الانعزال عن المواطنين وتعذيبهم.
وإلى نص الحوار:

ما رأيك فيما يثار فى التعديلات الدستورية الحالية؟
ـ إن تعديل المادتين 67 و77 من الدستور لمنع رئيس الجمهورية من الترشح لأكثر من مدتين وتخفيف شروط الترشح، لا يعنى أننا سنكون قضينا على ظاهرة الرئيس مدى الحياة، لأن هناك مادة فى الدستور تسمح لرئيس الجمهورية بالبقاء فى منصبه مدى الحياة بدون انتخابات، وهى المادة 78 من الدستور حيث تنص على أنه يتم إجراء الانتخابات قبل انتهاء فترة الرئيس بنحو 60 يوما، ويجب الانتهاء منها خلال أسبوع قبل انتهاء فترة ولايته، وفى حالة فشل الانتخابات لأى سبب، فإن الرئيس يظل فى منصبه طبقا لنص المادة، وهو نص خطير، حيث لم تحدد المادة سقفا زمنيا لبقاء الرئيس، وهو ما يعنى أن الرئيس سيظل جالسا على كرسيه لسنوات وسنوات دون انتخابات، تماما مثلما حدث فى النقابات المهنية عندما صدر قانون ضمانات الديمقراطية، وتضمن نصا بفرض الحراسة عليها فى حالة عدم إجراء الانتخابات، ولدينا نقابات موضوعة تحت الحراسة منذ 15 عاما.

فهذه المادة فى منتهى الخطورة ويجب النص فيها على أنه فى حالة فشل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، فلا يظل الرئيس فى منصبه، فلا يصح مكافأته على ذلك، بل يتولى رئاسة الجمهورية رئيس المحكمة الدستورية، وبذلك يغلق الباب على أى رئيس يخطط لإفشال الانتخابات أو نقل السلطة حتى يظل فى منصبه.

كما يجب أيضا أن يتم النص فى المادة 77 من الدستور على حظر ترشح أبناء الرئيس وأقاربه من الدرجة الرابعة بعده مباشرة، كى يتم منع شبح التوريث من الظهور مرة أخرى، وهو ما سيدفع أى رئيس إلى أن يسير فى الناس سيرة حسنة، حتى يمكن لنجله أن يترشح ولكن بعد 6 سنوات على الأقل من ترك والده منصب الرئاسة، فإذا كان والده مكروها من الشعب، فإن الشعب لن ينتخب نجله، وبالتالى فعلى الرئيس إذا كان يرغب فى أن يكون نجله وهو أحب الناس إليه رئيسا لمصر، فعليهما أن يعملا بجد ويكافحا الفساد ويحققا رفاهية الشعب، ولدينا مثلا سعد الحريرى فى لبنان نجل رفيق الحريري، وبى نظير بوتو رئيسة وزراء باكستان الراحلة، وغيرهما، فهم تولوا مناصب رئاسية لكن بفاصل زمنى بعد وفاة آبائهم.

كما يجب تعديل شروط الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، حيث إن الشروط الآن بالنسبة للمرشح المستقل تتطلب منه الحصول على موافقة كتابية بتوكيلات من 250 من أعضاء مجلسى الشعب والشورى والمجالس المحلية، وهو أمر تعجيزى جدا، والصواب أن يتم تصحيح الشرط إلى الحصول على تفويض من 50 من أعضاء مجلسى الشعب والشورى والمجالس المحلية، ويكون هذا شرطا عاما للمستقلين أو المرشحين من أحزاب، فلا يصح التمييز بين المواطنين، وتمييز المنتمين للأحزاب وتسهيل الترشح لهم على المواطنين المستقلين كما هو الحال فى الدستور الحالى الذى يسمح لأى حزب بترشيح أحد قياداته لمجرد وجود نائب واحد له فى البرلمان، رغم أن غالبية الشخصيات العامة المحترمة لا تنتمى لأحزاب سياسية.
وماذا عن نص المادة 88 من الدستور التى تمنع الإشراف القضائى الكامل حاليا؟
ـ يجب أن يتم تعديلها بحيث تنص على الإشراف القضائى الكامل بحيث يكون هناك قاض لكل صندوق، على أن يتم إجراء الانتخابات على أكثر من مرحلة نظرا لعدم كفاية عدد القضاة لإجراء الانتخابات فى يوم واحد، على أن يتولى القضاة العملية الانتخابية من بدايتها لنهايتها سواء بالإمساك بالجداول الانتخابية وتلقى طلبات الترشيح والفصل فيها، وبهذا يتم تجفيف منابع تزوير الانتخابات، ويقتصر دور الشرطة على تأمين لجان الانتخابات.

وماذا عن تعامل الرئيس مع ممتلكات الدولة؟
ـ الدستور الحالى يمنع الرئيس بموجب المادة 58 من الدستور من الشراء أو البيع أو التعامل مع الدولة، ولكن الرئيس يتمتع بحصانات عديدة تحول دون محاكمته فعلا أمام القضاء حال كونه فى منصبه إلا بإجراءات معقدة تشترط موافقة مجلس الشعب، لكن بعد أن يترك الرئيس منصبه ويصبح مواطنا عاديا يخضع لقانون الإجراءات الجنائية، وإذا اتضح أنه اشترى أو باع من الدولة تجرى محاكمته حتى ولو لم يحقق ضررا للمال العام، فلا يجوز لوزير الإسكان أن يحصل على شقة من وزارة الإسكان، كما يجب منع الوزراء والمسئولين من استخدام السيارات الحكومية المخصصة لهم فى نزهاتهم وفسحهم، فيجب أن يتحملوا تكاليف ذلك، لكن ما يحدث الآن هو سوء استغلال للمرافق الحكومية، وهذه جناية التربح يعاقب عليها القانون بالسجن فى قانون العقوبات.

ما رأيك فى بيان الرئيس مبارك الذى أكد فيه بقاءه فى منصبه حتى نهاية فترته الرئاسية؟
ـ ارتحت جدا لهذا البيان، لأنه وضع ثورة الشعب على الطريق الصحيح من خلال نقاط محددة، فقد حققت الثورة نجاحات عديدة هى إغلاق ملف التوريث نهائيا، وإنهاء بقاء الرئيس فى حكمه حتى وفاته، وتحديد مدة حكم الرئيس، وتعديل شروط الترشح للرئاسة، وتعيين نائب للرئيس، وتنفيذ قرارات محكمة النقض ببطلان عضوية بعض أعضاء مجلس الشعب، وتحقيق الإشراف القضائى الكامل على الانتخابات، وفى الحقيقة فإن ثورة الشباب نقلت مصر إلى عصر تداول السلطة، فأصبح من حق كل مواطن يحلم أن يكون رئيسا للجمهورية من خلال انتخابات حرة ونزيهة، كما نجحت الثورة بالإطاحة برجال الأعمال الذين استشعر الشباب أنهم يتعاملون مع المواطنين باستعلاء، لكن يجب أن نترك مبارك يخرج بشكل كريم ولائق كرئيس سابق وليس كرئيس مخلوع، رغم اختلافى معه، فلا داعى للانتقام منه، ولكن يجب عليه أن يفوض نائبه فى كل مهامه وصلاحياته، لأن نائب الرئيس ليس له أى صلاحيات فى الدستور إلا ما يفوضه فيه الدستور، فإذا فوض الرئيس مبارك نائبه فى جميع صلاحياته، فإنه يكون قد تنحى فعلا وليس رسميا، وهذا حل وسط ينهى الأزمة بين من يطالبون برحيل مبارك ورغبته الشخصية فى عدم حمل لقب رئيس مخلوع، حيث سيظل فى منصبه حتى نهاية ولايته، وفى نفس الوقت يتولى نائبه جميع مهامه، وهذا حل يتوافق مع شخصية الرئيس مبارك كشخصية عنيدة تتسم بالقدرة الشديدة على القتال، فهو يقاتل بضراوة وإذا اتفق ينفذ اتفاقه، فلا خوف من العدول عن وعوده، فقد تعهد علنا أمام العالم أجمع بعدم الترشح، ويجب على نائب الرئيس حل مجلسى الشعب والشورى وإجراء انتخابات نزيهة فى ظل إشراف قضائى.

لكن مبارك يقول إن هناك ملايين يؤيدون بقاءه؟
ـ
لا أعتقد أن من رفعوا لافتات تؤيد مبارك يؤيدونه فعلا، فهم لا يؤيدون ولا يعارضون، إنما هم مكلفون بمهمة محددة من جهة محددة، وعجزت هذه الجهة عن القيام بالمهمة بنفسها، فرأت أن تدفع بهؤلاء على أن تقوم بتنظيمهم حتى يبدو الأمر أن فى مصر مؤيدين ومعارضين لمبارك.

وهل هذه الأجهزة وزارة الداخلية؟
ـ لا تعليق؟

وهل هو الحزب الوطنى؟
-
لا طبعا، فالحزب الوطنى لم يكن له وجود فى الشارع أصلا فى أى يوم من الأيام، وهذا الحزب أعضاؤه ليسوا إلا رجال أعمال رأوا أنهم لا يستطيعون تحقيق مصالحهم إلا بالانضمام إليه، وأنا أقول للرئيس مبارك إننى أحبه على المستوى الشخصى، لكن الحزب الذى يرأسه لا وجود له أصلا.

وهل كان يعلم الرئيس مبارك بأن البلطجية سيتجهون لميدان التحرير للقضاء على ثورة الشعب؟
ــ لا أعرف، ولكن سواء كان مبارك عالما بهذه المذبحة من عدمه، فإن الله سيحاسب من ارتكبها قبل التاريخ.

وكيف يمكن لمبارك فض مظاهرات ميدان التحرير؟
ـ يجب ترك المتظاهرين وشأنهم طالما أن مظاهراتهم سلمية، ويجب على المتظاهرين تشكيل لجنة تتحدث باسمهم وتتفاوض مع النظام، لأنه لابد من عمل سياسى يرافق العمل الثورى فى الشارع حتى لا يخطف أحد الثورة، وقد تنجح المفاوضات فى إقناع كبار المسئولين خاصة عمر سليمان نائب الرئيس أن مصلحة مصر هى الرحيل العاجل للرئيس مبارك، فالحوار سيحقق مصالح البلاد.

وما أثر استمرار حكم مبارك على الاقتصاد المصرى خلال الأشهر الثمانية المقبلة؟
ـ هذه المسألة ستكون محل نقاش، فهل الانتقال السريع للديمقراطية أفضل للاقتصاد أم الانتقال البطىء خلال 8 أشهر، والعالم كله حريص على إعادة الاستقرار لمصر حتى لا تتأثر اقتصادات أخرى بما يحدث فى مصر، ورأيى الشخصى أن الانتقال التدريجى أفضل بشرط تفويض الرئيس لصلاحياته لنائبه عمر سليمان، وأن يصدر الرئيس بيانا يعلن فيه أنه مكلف من أبنائه بإتمام عملية انتقال السلطة ديمقراطيا.

لكن ألا ترى أن المستثمرين والمتعاملين فى البورصة والحكومات الأجنبية جميعا سيحجمون عن التعامل مع مصر، كما ستتعرض البنوك للإفلاس لحين معرفة من هو رئيس مصر القادم وما هى حكومته؟
ـ الاقتصاد المصرى لا يتحمل استمرار الاضطراب فى البلاد لعدة زشهر، لأنه حتى إذا عادت حالة الاستقرار، فستظل حالة التخوف لدى رجال الأعمال وأصحاب الشركات والمتعاملين فى البورصة والبنوك من الاستثمار فى مصر، وأعتقد أن هذا يتطلب من الرئيس مبارك أن يتنحى عن الحكم رغم قدرته على البقاء فى الحكم، وفى هذه الحالة فإن مبارك لا يكون قد تنازل هنا عن هزيمة بل انتصار للمصالح العليا للبلاد وانتصار لأبنائه، وأعتقد أنه سينتصر لصوت العقل.

بصفتك خبيرا أمنيا.. ما رأيك فيما حدث فى انهيار الشرطة يوم الجمعة 28 يناير الماضى؟
ــ
لابد أن يكون ذلك محل تحقيق لأن الشرطة اختفت من الشوارع فجأة بما عرض البلاد لمخاطر جسيمة لولا يقظة الشباب وتشكيل لجان شعبية، وهذا لم يحدث فى تاريخ الشرطة المصرية من قبل.

ما تقييمك لأداء جهاز الشرطة خلال الأعوام الأخيرة؟
ـ خلال ربع القرن الأخير، انعزل ضباط الشرطة وأفرادها عن الشعب، فرأينا وضع المتاريس أمام أقسام الشرطة وتفتيش الداخلين إليها وسؤالهم عن هواياتهم وأصبح دخول المقار الشرطية صعبا، مما أدى إلى امتناع المواطنين عن التوجه لأقسام الشرطة مما سبب كارثة كبيرة تمثلت فى انعدام قدرة جهاز الشرطة على الحصول على المعلومات عما يدور فى الشارع، وفى نفس الوقت أدرك الضباط أنهم يعملون بمعزل عن المواطنين لأنهم يجلسون فى مكاتب معزولة عما يحدث، وهو ما أدى إلى استشراء الفساد بين بعض الضباط فضلا عن لجوئهم للتعذيب للحصول على المعلومات، بينما كنت أعمل فى وزارة الداخلية كان المواطنون يتوجهون لأقسام الشرطة فلا يستوقفهم أحد أو يعترضهم، وكأنهم يدخلون بيوتهم، مما جعل عشرات المواطنين يجلسون معنا لساعات طويلة نستقى منهم المعلومات الدقيقة عن كل شىء فى الشارع.

وما رأيك فى رواتب الشرطة؟
ــ ضئيلة جدا وهزيلة، ووزير الداخلية الحالى محمود وجدى عقد اجتماعا مع قيادات الوزارة وعد فيه برفع المرتبات بصورة كبيرة حتى يعيش فرد الشرطة حياة كريمة لائقة به وتختفى ظاهرة تلقى أمناء الشرطة للإكراميات والرشاوى فى إشارات المرور

صابر مشهور - الشروق

No comments: