ما بين المطرقة والسندان
مرت أيام الثورة الناصعة منذ الثلاثاء 25 يناير وحتى الآن كالحلم الجميل. حلم جيلى بالثورة منذ التحاقى بالجامعة عام 1980 وحتى الآن، وكتبنا عنها ولها، نستجديها ونتوسل إليها أن تشعل وهج الضمائر، وتنير العتمة داخل أرواح الشعب المصرى وتحيى الأحلام وترسم منارات للمستقبل. يئسنا أحيانا وتأكدنا أحيانا أخرى أن هذه النبتة داخل أراضينا المقدسة التى تغنى للحرية سوف تصدح قريبا وسوف تغير حينها وجه الأرض. كتب والدى الشاعر عبد الرحمن الخميسى فى نهاية السبعينيات قصيدة تحمل اسم: «مصر حبلى بالثورة» وكتبت أنا «تاكسى» و«سفينة نوح» وفى ذهنى ووجدانى أن الطوفان ضرب جدران مصر بعد أن تم إطفاء ثم تدمير كل شعلة مضيئة فى كل مناحى الحياة بدءا من التعليم وصولا إلى البحث العلمى مرورا بالزراعة والصناعة والأهم هو شعلة الروح المصرية، وأنه لا يوجد أمامنا غير حل وحيد وهو اجتثاث العصابة التى تحكم بالبلطجة تحت إدارة الولايات المتحدة الأمريكية.
واليوم وبعد أن هب الشباب المصرى وقدم حياته رخيصة فى إشعال ثورة سوف تغير وجه مصر إلى الأبد، أخشى ما أخشاه هو وقوعها بين المطرقة والسندان. بين لصوص نظام مبارك وبلطجية عصابته التى تمتلك أذرعا مدفونة فى كل المؤسسات السياسية والقطاعات الاقتصادية وبين لصوص آخرين يستعدون للانقضاض وسرقة ثورة الشباب ما بين أحزاب ليست بأحزاب وقوى سياسية لا علاقة لها بالسياسة، فجسد الفتاة الصغيرة الغضة التى قامت مشتعلة من الرماد كالعنقاء بأريجها المعشوق ما زال عاريا وبات الجميع مستعدا لنهش لحمها.
فما أتابعه من فوضى إعلامية، وشائعات لا نهاية لها، وتفجير حقائق ليست بحقائق دقيقة ولا مدققة فى ظل غياب العقلانية من ناحية وتلاحق الأحداث من ناحية أخرى بالإضافة إلى الدور المشبوه الذى يقوم به الأمن فى مصر، كل ذلك يجعل وسائل الإعلام مضطرة إلى الضغط على العديد من الشخصيات العامة للإدلاء بوجهة نظرها، وهنا وحسب أهواء القنوات الفضائية تقوم بتلميع شخصية عامة أو حزب أو تيار بعينه. فعلى سبيل المثال تقوم الـ«بى بى سى» العربية عندما تتحدث عن التيارات السياسية بوضع صور د.البرادعى والمرشد العام للإخوان وأيمن نور. لماذا؟ لا أعرف. فالدكتور محمد البرادعى علاقته من وجهة نظرى بالسياسة المصرية كعلاقة أستاذ جامعى من السويد متخصص فى الكيمياء بطبيعة التربة المصرية فى قرية بسوهاج. هو رجل محترم ووطنى، لا أشك فى ذلك ولكنه بالتأكيد ليس رجل سياسة فأنا لا أعرف له مشروعا سياسيا وفكريا واقتصاديا محددا. أما أيمن نور فهو بالونة إعلامية صنعها نظام مبارك لأغراض سياسية فى فترة زمنية بعينها ولا أرضية أو شعبية له على الإطلاق سوى ربما من بضعة آلاف على الأكثر من مؤيديه، الإخوان المسلمون يسعون ولا شك للقفز على الثورة المصرية الشبابية ولكننى رأيت بعينى أن هؤلاء الشباب فى أغلبيتهم لا علاقة لهم بتيارات الإسلام السياسى بل يرفضون شعاراتها، فى كل المظاهرات التى شاركت فيها كان الشباب ينزلون من يبدأ فى إطلاق شعارات الإخوان المسلمين. أما الأحزاب السياسية المصرية فهى جزء عفن من النظام المطلوب تقويضه. «الشعب يريد إسقاط النظام». كيف يمكن أن ننسى ما قام به رئيس حزب الوفد بجريدة الدستور فى صفقة مشبوهة مع الحكومة المصرية والمشهد تكرر فى معظم الأحزاب السياسية المصرية الأخرى. يقوم الإعلام اليوم بدور خطير وقد يكون مشبوها لصالح أسماء وتيارات بعينها. ولاستكمال ما أقول سوف أهاجم الصحيفة التى أكتب فيها وأنتمى إليها فقد طالعتنا جريدة الشروق منذ أيام بلجنة للحكماء. من اختار هذه اللجنة؟ ولماذا تم إطلاق عليهم صفة الحكماء؟ وأى المعايير تم تطبيقها لاختيارها للتحدث باسم ما يحدث من تغيير؟ لا توجد إجابات لهذه الأسئلة، رغم تقديرى الشخصى الحقيقى لكل الأسماء التى جاءت فى هذه القائمة. هذه هى المطرقة.
أما السندان فهى عصابة الحزب الوطنى وزبانيته من رجال الأعمال الذين يصارعون بكل قوة للقضاء على هذه الثورة المجيدة بذهنية البلطجية وقطاع الطرق. ولن أطيل فى هذا المجال فوجهة نظرى فيما يتعلق بنظام مبارك معروفة.
ما الحل للخروج من مأزق المطرقة والسندان؟
أولا: الاستمرار فى التظاهر للضغط الدائم على النظام.
ثانيا: السعى لتفعيل نقاش عقلانى هادئ من عقول مصر فى شتى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتفكير فى الجوانب الدستورية والقانونية فى عملية نقل السلطة ومناقشة مواد الدستور 82 و83 و84، والسعى لإيقاف مهزلة الموائد الإعلامية السخيفة والمنحطة والتى تشبه فى ضررها على جسد الوطن الوجبات السريعة على جسد البشر.
ثالثا: التأكيد على محورية الفترة الانتقالية التى سوف تقوم خلالها القوى السياسية الحقيقية بملء الفراغ السياسى القائم والناتج عن ديكتاتورية عصر مبارك. هذه المرحلة الانتقالية سوف يقودها ولا شك الجيش المصرى عن طريق أحد رجاله. خلال هذه المرحلة سوف يتم تنشيط وتفعيل الحياة السياسية وتشكيل أحزاب جديدة وتشكيل كوادر سياسية جديدة وسوف تشهد ولا شك بزوغ كوادر من ثورة الشباب.
أما الضمان الوحيد والأوحد لأن تصل بنا الفترة الانتقالية إلى حياة سياسية ديمقراطية حقيقية هو دوام الثورة. عرف الشباب طريقهم إلى الشارع، وفهموا مدى تأثيرهم على مجريات حياتهم، وانقشع حاجز الرهبة. هؤلاء الشباب لا يجب أن يتركوا المكاسب التى حققوها لشعب مصر بين أيدى حكماء أو غير حكماء. على هؤلاء الشباب أن يبقى يقظا وحارسا لهذه المكتسبات والتى قدم لها الثمن غاليا من حياته. هى العنقاء يجب أن تولد من جديد وفى جيدها طوق شاهق البياض سوف ينير لمصر الطريق
واليوم وبعد أن هب الشباب المصرى وقدم حياته رخيصة فى إشعال ثورة سوف تغير وجه مصر إلى الأبد، أخشى ما أخشاه هو وقوعها بين المطرقة والسندان. بين لصوص نظام مبارك وبلطجية عصابته التى تمتلك أذرعا مدفونة فى كل المؤسسات السياسية والقطاعات الاقتصادية وبين لصوص آخرين يستعدون للانقضاض وسرقة ثورة الشباب ما بين أحزاب ليست بأحزاب وقوى سياسية لا علاقة لها بالسياسة، فجسد الفتاة الصغيرة الغضة التى قامت مشتعلة من الرماد كالعنقاء بأريجها المعشوق ما زال عاريا وبات الجميع مستعدا لنهش لحمها.
فما أتابعه من فوضى إعلامية، وشائعات لا نهاية لها، وتفجير حقائق ليست بحقائق دقيقة ولا مدققة فى ظل غياب العقلانية من ناحية وتلاحق الأحداث من ناحية أخرى بالإضافة إلى الدور المشبوه الذى يقوم به الأمن فى مصر، كل ذلك يجعل وسائل الإعلام مضطرة إلى الضغط على العديد من الشخصيات العامة للإدلاء بوجهة نظرها، وهنا وحسب أهواء القنوات الفضائية تقوم بتلميع شخصية عامة أو حزب أو تيار بعينه. فعلى سبيل المثال تقوم الـ«بى بى سى» العربية عندما تتحدث عن التيارات السياسية بوضع صور د.البرادعى والمرشد العام للإخوان وأيمن نور. لماذا؟ لا أعرف. فالدكتور محمد البرادعى علاقته من وجهة نظرى بالسياسة المصرية كعلاقة أستاذ جامعى من السويد متخصص فى الكيمياء بطبيعة التربة المصرية فى قرية بسوهاج. هو رجل محترم ووطنى، لا أشك فى ذلك ولكنه بالتأكيد ليس رجل سياسة فأنا لا أعرف له مشروعا سياسيا وفكريا واقتصاديا محددا. أما أيمن نور فهو بالونة إعلامية صنعها نظام مبارك لأغراض سياسية فى فترة زمنية بعينها ولا أرضية أو شعبية له على الإطلاق سوى ربما من بضعة آلاف على الأكثر من مؤيديه، الإخوان المسلمون يسعون ولا شك للقفز على الثورة المصرية الشبابية ولكننى رأيت بعينى أن هؤلاء الشباب فى أغلبيتهم لا علاقة لهم بتيارات الإسلام السياسى بل يرفضون شعاراتها، فى كل المظاهرات التى شاركت فيها كان الشباب ينزلون من يبدأ فى إطلاق شعارات الإخوان المسلمين. أما الأحزاب السياسية المصرية فهى جزء عفن من النظام المطلوب تقويضه. «الشعب يريد إسقاط النظام». كيف يمكن أن ننسى ما قام به رئيس حزب الوفد بجريدة الدستور فى صفقة مشبوهة مع الحكومة المصرية والمشهد تكرر فى معظم الأحزاب السياسية المصرية الأخرى. يقوم الإعلام اليوم بدور خطير وقد يكون مشبوها لصالح أسماء وتيارات بعينها. ولاستكمال ما أقول سوف أهاجم الصحيفة التى أكتب فيها وأنتمى إليها فقد طالعتنا جريدة الشروق منذ أيام بلجنة للحكماء. من اختار هذه اللجنة؟ ولماذا تم إطلاق عليهم صفة الحكماء؟ وأى المعايير تم تطبيقها لاختيارها للتحدث باسم ما يحدث من تغيير؟ لا توجد إجابات لهذه الأسئلة، رغم تقديرى الشخصى الحقيقى لكل الأسماء التى جاءت فى هذه القائمة. هذه هى المطرقة.
أما السندان فهى عصابة الحزب الوطنى وزبانيته من رجال الأعمال الذين يصارعون بكل قوة للقضاء على هذه الثورة المجيدة بذهنية البلطجية وقطاع الطرق. ولن أطيل فى هذا المجال فوجهة نظرى فيما يتعلق بنظام مبارك معروفة.
ما الحل للخروج من مأزق المطرقة والسندان؟
أولا: الاستمرار فى التظاهر للضغط الدائم على النظام.
ثانيا: السعى لتفعيل نقاش عقلانى هادئ من عقول مصر فى شتى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتفكير فى الجوانب الدستورية والقانونية فى عملية نقل السلطة ومناقشة مواد الدستور 82 و83 و84، والسعى لإيقاف مهزلة الموائد الإعلامية السخيفة والمنحطة والتى تشبه فى ضررها على جسد الوطن الوجبات السريعة على جسد البشر.
ثالثا: التأكيد على محورية الفترة الانتقالية التى سوف تقوم خلالها القوى السياسية الحقيقية بملء الفراغ السياسى القائم والناتج عن ديكتاتورية عصر مبارك. هذه المرحلة الانتقالية سوف يقودها ولا شك الجيش المصرى عن طريق أحد رجاله. خلال هذه المرحلة سوف يتم تنشيط وتفعيل الحياة السياسية وتشكيل أحزاب جديدة وتشكيل كوادر سياسية جديدة وسوف تشهد ولا شك بزوغ كوادر من ثورة الشباب.
أما الضمان الوحيد والأوحد لأن تصل بنا الفترة الانتقالية إلى حياة سياسية ديمقراطية حقيقية هو دوام الثورة. عرف الشباب طريقهم إلى الشارع، وفهموا مدى تأثيرهم على مجريات حياتهم، وانقشع حاجز الرهبة. هؤلاء الشباب لا يجب أن يتركوا المكاسب التى حققوها لشعب مصر بين أيدى حكماء أو غير حكماء. على هؤلاء الشباب أن يبقى يقظا وحارسا لهذه المكتسبات والتى قدم لها الثمن غاليا من حياته. هى العنقاء يجب أن تولد من جديد وفى جيدها طوق شاهق البياض سوف ينير لمصر الطريق
بقلم:خالد الخميسي
No comments:
Post a Comment