Thursday, December 16, 2010

جلد امرأة

فتاة سودانية تجلد فى الشارع بواسطة رجال الشرطة والتهمة ارتداء بنطلون! فيديو مثير للغثيان، كرباج سودانى منقوع فى الزيت ليلمع ويبرق ويعلن للجميع عن التخلف والجهل والعنصرية، رجل شرطة سودانى يتفنن فى جلد الفتاة خمسين جلدة فى العراء، تتلوى المسكينة كالثعبان على الأرض، يراوغها بأنه سيضربها على اليمين فيباغتها فى اليسار، يتلذذ بهذه الرقصة الدموية البشعة، تكل يداه وتتعب من الإرهاق فيوكل المهمة إلى شرطى آخر، يتلمظ سروراً وجزلاً وكأنه مقدم على أورجازم جنسى، يواصل المهمة الجهنمية لتأديب لابسة البنطلون المجرمة الكافرة، لا يستطيع السوط كتم الصوت الذى يختلط فيه البكاء بالفحيح بالتوسل بالانكسار، يلطش فى الوجه تارة وعلى الفخذ أو المؤخرة أو البطن تارة أخرى، تنزف دماً ودمعاً ممزوجاً بملح المرارة، عندما تتلوى فيمس جسدها عربة القائد المسؤول عن تنفيذ الحكم الجائر الظالم البدائى الهمجى، يصرخ فيها الشرطى «ابعدى يا مرة»، الحرمة المرة لابد ألا تنجس قداسة سيارة الفحل الرجل أبوشنبات الذى من حقه أن يرتدى الجلباب الأبيض الشفاف الذى يظهر أكثر مما يخفى، ولكن لأنه رجل خلق له البياض وكتب عليها السواد!

الجموع تضحك حول الجسد الملتاع الذى يقفز كما تقفز حبات الفشار على النار، بشر قتل لديهم الإحساس، يصورون بالموبايل وهم يلعنونها ويضحكون على صراخها الذى شق السماء، هم أبناء ثقافة احتقار المرأة، هم مقتنعون بأن هذا هو حكم الشريعة، هم مقتنعون بأن البشير يطبقها كما طبقها من قبله جعفر النميرى، مندهشون لماذا لم تشنق؟! أليست دنساً وضلعاً أعوج وسبب خروجنا من الجنة، وزانية إذا تعطرت وشيطاناً إذا أقبلت أو أدبرت، وتستحق الحرق بألف جالون لأنها ارتدت البنطلون!

فى مجتمع الذئاب، الضحية مدانة، والفريسة هى أصل البلاوى والكوارث، حتى سمك القرش هاجمنا بسبب أن دم الحيض أغرق البحر الأحمر من السافرات السابحات فجذب القرش الهائج! والبركة خاصمتنا لأن الشعر الأنثوى انكشف والصوت الناعم اندلع، شماعة المآسى صارت المرأة، لوحة التنشين التى نطلق عليها كل رصاص كبتنا وعقدنا وكلاكيعنا وأزماتنا وفشلنا وخيبتنا هى هذه المسكينة الغلبانة التى هى وقود النار لأنها لا تسمع كلام الرجال الأبرار!

فيديوهات الجلد السودانى والرجم الأفغانى للنساء مشاهد تنتمى إلى القرون الوسطى وعصر مطاردة الساحرات الشريرات وسحلهن وإعدامهن وتمزيق لحمهن.

صدقت يا نزار حين قلت: «فقاقيع من الصابون والوحل»، فمازالت بداخلنا، «رواسب من» أبى جهل، ومازلنا، نعيش بمنطق المفتاح والقفل، نلف نساءنا بالقطن، ندفنهن فى الرمل، ونملكهن كالسجاد، كالأبقار فى الحقل، ونهزأ من قوارير، بلا دين ولا عقل، ونرجع آخر الليل، نمارس حقنا الزوجى كالثيران والخيل، نمارسه خلال دقائق خمس، بلا شوق... ولا ذوق، ولا ميل، نمارسه.. كآلات، تؤدى الفعل للفعل، ونرقد بعدها موتى، ونتركهن وسط النار، وسط الطين والوحل، قتيلات بلا قتل، بنصف الدرب نتركهن، يا لفظاظة الخيل، قضينا العمر فى المخدع، وجيش حريمنا معنا، وصك زواجنا معنا، وقلنا: الله قد شرع، ليالينا موزعة، على زوجاتنا الأربع، هنا شفة، هنا ساق، هنا ظفر، هنا إصبع، كأن الدين حانوت، فتحناه لكى نشبع، تمتعنا «بما أيماننا ملكت»، وعشنا من غرائزنا بمستنقع، وزوّرنا كلام الله، بالشكل الذى ينفع، ولم نخجل بما نصنع، عبثنا فى قداسته، نسينا نبل غايته، ولم نذكر سوى المضجع، ولم نأخذ سوى زوجاتنا الأربع

بقلم: خالد منتصر

No comments: