مبروك لسيادة الرئيس مبارك نجاحه باكتساح ومن أول جولة فى انتخابات الرئاسة.
أرجوك يعنى بليز يعنى باردون، لا تقل إننى خرفت وإن الانتخابات الرئاسية لم يأت أوانها بعد. لا تقنعنى بأنك قلق على نتيجة انتخابات الجالسين على الشعب. أرجوك احترم غبائى ولا تقنعنى بأنك ستندهش عندما تسمع السيد المستشار رئيس اللجنة العليا للانتخابات وهو يعلن بصوت متهدج مفاجأة أن الحزب الوطنى حصل على الأغلبية الكاسحة (ربما مع تضحيته ببعض رموزه فى دوائر محسوبة لزوم تحلية البضاعة عند تصديرها للخارج)، وأن المعارضة (مع مراعاة وضع النقطة على الضاد) حصلت على فتات من المقاعد هى بالأمانة لا تستحق أكثر منه، وأن الجماعة المحظورة خاضت معركة انتخابية شرسة مع الحزب الحاظر انتهت لمصلحة الاثنين معا، فالحزب حصل على الشرعية الدولية اللازمة وأكد كونه البديل الوحيد لبقاء الأوضاع فى البلاد كما ترضاها القوى المانحة، والجماعة جددت دماءها ورممت جبهتها الداخلية وكسبت عدداً مهولاً من الأنصار خلال فترة الانتخابات ووجدت منافذ لتدوير رأس المال الإخوانى فى مسارب علنية، وفوق «البيعة» نال أنصارها كميات ضخمة يصعب حصرها من الحسنات.
أتمنى أن تكون قلقا مثلى مما هو أخطر بكثير من نتيجة الانتخابات، من أمر يهدد مصير مصر كلها، وسأدخل فى الموضوع مباشرة لأن الأمر لا يحتمل الهزل ولا «السسبنس»، أنا يا سيدى ترتعد فرائصى الآن من فكرة أن الدكتور أحمد فتحى سرور لن يتم تعيينه رئيسا لمجلس الشعب بعد الانتخابات، أرجوك لا تقل لى إن الدكتور سرور لن ينجح لأن ذلك لو حدث لن تكتفى فرائصى بالارتعاد، بل ستسارع فرائصى بالركض حتى مجلس الشعب وستقطع شرايينها حتى تطرطش دماؤها على قبة المجلس الذى طلوه باللون الذهبى ربما تبشيراً لنا بأنه لن «يذهب» أحد من منصبه خلال السنوات المتبقية من عمر مجرة درب التبانة.
بالأمس سمعت شخصاً عليماً بأحشاء الأمور يقول إن الحزب الوطنى اتخذ بالفعل قراراً داخلياً بتعيين الدكتور مفيد شهاب رئيسا لمجلس الشعب (لا تقل لى أرجوك إنك تعتقد أنه سيخسر الانتخابات لأنه لم تعد لدىّ فرائص لكى أضحى بها)، واستدل ذلك العليم بالتصريح الذى أطلقه الدكتور سرور قبل رفع الستار عن خشبة العملية الانتخابية، حيث قال إنه يضع نفسه تحت تصرف القيادة السياسية وإنه مستعد لأن يخدم الوطن حتى آخر قطرة من دمه، أو آخر نفس، أو آخر كوباية ماء يشربها، أو آخر شىء لم أعد أذكره من كثرة الأواخر التى يتم التعهد دائما بالبقاء حتى آخرها، وهو التصريح الذى اعتبره صديقنا العليم بمثابة إشارة «إس أو إس» من الدكتور سرور إلى قائد سفينة الوطن لكى لا يتم التخلص منه فى عرض بحر الحياة.
أعترف بأننى فى السابق لم أكن مقدراً لعطاء الدكتور سرور ووصفته بأنه «زعيم حركة كفاية أصحى على ابتسامتك»، وأن الدكتور مفيد شهاب كان أستاذا لى فى كلية الإعلام فضلا عن كونه إسكندرانيا، ومن علمنى حرفا صرت له عبدا، لكننى بجد أخشى على مصر من عواقب التغيير الوخيمة، دعونا نصارح أنفسنا ما الذى جنته مصر مثلا من تغيير السيد راشد وإزاحته عن مقعد وكيل مجلس الشعب، هل شفنا يوما حلوا منذ أن تم تغيير الدكتور عاطف صدقى مثلا،
هل استفدنا شيئا من اللخبطة التى جعلت السيد صفوت الشريف ينتقل من ماسبيرو إلى شارع قصر العينى، هل اكتفينا ذاتيا من القمح عندما نقلنا الدكتور يوسف والى من الوزارة إلى البلكونة، هل فرق شىء فى حياتنا عندما نقلنا السيد كمال الشاذلى من صدارة الصورة إلى المجالس القومية المتخصصة فى نقل أعضائها إلى رحاب الله؟
لذلك ولذلك كله، هذه السطور بمثابة نداء إلى ذوى القلوب الرحيمة فى جميع مواقع القرار، نناديكم نشد على أياديكم نبوس الأرض تحت نعالكم، لا تفكروا ولو لـ«نهلة» فى إزاحة الدكتور فتحى سرور عن موقعه، لا تدعوا شيطانا من شياطين الإنس يصور لكم أن مشكلتنا مثلا تنحصر فى الدكتورة آمال عثمان وابتسامتها الموناليزية الغامضة، أو أننا نحلم فى نومنا برحيل السيد صفوت الشريف الرجل الذى فتح السماوات ففتح الله عليه الأرض.
وايم الله لقد كبرنا ونضجنا واستوينا وعندما يئسنا من الوصول إلى راحة الاحتراق تعلمنا أن مشكلتنا لن يحلها أبداً رحيل أحد منكم، وأن الله أراد لنا أن نكون سويا فى هذا الجزء من العالم حتى يفنى العالم كله، لذلك لا تلعبوا أبدا فى تركيبة القدر التى شاءت أن نظل معا إلى الأبد، ولا تتغيروا أبدا فى هذه الأجواء المتقلبة التى نعلم أنها أجواء عيا، وتذكروا أننا أصبحنا «مِعَلمين» هذه البلاد بكم، ونخشى لو غيرتم أحدا فيها أن نتوه عنها ونحن مروحين.
نرجوكم أبقوا معنا .
بلال فضل - Almasry Alyoum
No comments:
Post a Comment