لن أندهش إذا اعتقد السيد أحمد عز، أمين التنظيم فى الحزب الحاكم، والذى قاد معركة انتخابات مجلس الشعب، أنه حقق انتصاراً ساحقاً وفاز على خصومه بالضربة القاضية، لكنه سيكون واهماً إن انتابه هذا الشعور.
فالواقع أن الطريقة التى أدار بها معركته، والنتائج التى أسفرت عنها، قضت على ما تبقى من سمعة حزبه، بل وبسببها أصبح النظام برمته فاقداً للشرعية، حتى من وجهة نظر أقرب حلفائه فى الخارج. ولا أظن أننى أبالغ إذا قلت إن أحمد عز قدم لقوى المعارضة السياسية فى مصر، على اختلاف مشاربها السياسية وألوانها الأيديولوجية، أكبر خدمة فى تاريخها. وإذا لم تتمكن هذه القوى من توحيد صفوفها بعد كل ما جرى فأعتقد أنها لن تكون جديرة بممارسة العمل السياسى بعد اليوم.
ما جرى يوم الأحد الماضى، ولا أقول فى هذه الانتخابات لأنها لم تكن انتخابات بأى معيار، يؤكد جملة من المعانى أهمها:
١- أن الحزب الحاكم أصبح هو العقبة الرئيسية، إن لم تكن الوحيدة، فى طريق التحول الديمقراطى فى مصر. فقد اتضح بما لا يقبل أى مجال للشك أنه مصمم على أن يهيمن منفرداً على السلطة فى مصر لو استخدم فى سبيل تحقيق هذا الهدف أحط وسائل التزوير وأخسها.
٢- أنه لا يملك أى رؤية للخروج بمصر من مأزقها الراهن، بل ولا يدرك حتى أن مصر تواجه أزمة من أى نوع، ناهيك عن أن تكون فى مأزق. وبالتالى فقضية الإصلاح السياسى أو تداول السلطة ليست، ولن تكون فى يوم من الأيام، من القضايا المطروحة على جدول أعماله.
٣- أنه مصمم على المضى قدما فى مشروع التوريث، وربما يكون على وشك وضع الرتوش النهائية على هذا المشروع. فلا أستطيع أن أفهم كل هذا العناد والإصرار على استئصال المعارضة من مجلس الشعب إلا باعتبارها خطوة متقدمة ومؤشرا على قرب وضع اللمسات الختامية على مشروع التوريث وإعلان جمال مرشحاً رسمياً للحزب الوطنى. ولأنه المجلس الذى سوف يؤدى أمامه الرئيس اليمين الدستورية فمن الضرورى أن يتم هذا المشهد فى هدوء ودون صخب.
وفى اعتقادى أن القوى الرافضة لمشروع التوريث والمطالبة بالتغيير بدأت تدرك الآن، وبوضوح تام، أن المعركة من أجل التغيير لاتزال مستمرة ولم تحسم بعد، وموقعتها بين قوى التغيير وقوى الأمر الواقع موعدها الانتخابات الرئاسية وليس انتخابات مجلس الشعب. سياق كهذا أظن أنه يفرض على جميع الأحزاب والقوى والحركات والشخصيات السياسية التى تطالب بتأسيس نظام ديقراطى فى مصر أن تتوحد. فبعد ما جرى لم تعد هناك أى حجة لدى هذه القوى، خاصة أنها فشلت فى اتخاذ موقف موحد ولم تستطع أن تتخذ موقفا بمراجعة موقفها من هذه الانتخابات.
د.حسن نافعة
Almasry Alyoum
No comments:
Post a Comment