Saturday, December 04, 2010

وظيفتنا إحراج الحكومة وإهانتها

كان المرشح لمجلس الشعب فى اليونان القديمة ٥٠٠ ق.م يجب أن تنطبق عليه شروط ثلاثة:

١- فوق سن الأربعين، حتى يكون ناضجاً بما فيه الكفاية.

٢- أن يكون حاصلاً على «الدبلوما» من الأكاديمية اليونانية، وهى أرقى درجة علمية فى اليونان، وكلمة دبلوما.. جاءت من «دبلو» أو DOUBLE أى الشهادة المطوية طيتين.

٣- ألا يكون متزوجا حتى لا ينشغل عن مصالح اليونان.. بالأسرة أو التوريث، له أن يعيش حياة عاطفية مع أجمل جميلات اليونان، وعلى الدولة أن تقوم بتربية الأطفال التى تأتى ثمرة لهذه العلاقات!

أتمنى من مجلس الشعب الجديد أن يحقق لنا الكثير:

١- الليسانس أو البكالوريوس كحد أدنى من الدرجات العلمية لكل من يرشح نفسه أو نفسها.. خصوصاً من نطلق عليهم «عمالاً وفلاحين».

٢- الفصل التام بين السلطات التشريعية والرقابية والتنفيذية، وبالتالى فلا يصح أن يكون الوزير عضوا فى مجلس الشعب.. خصماً وحكماً، موظفاً ورقيباً على نفسه! جورج الخامس يفاوض جورج الخامس، كما قال سعد زغلول.

٣- أن يأخذ المجلس فى الاعتبار تجربة فنلندا فى التعليم.. العشر سنوات الأولى.. تعليماً واحدا موحداً بين أبناء الشعب، وبعد ذلك فليتجه كل طفل حسب رغبة أسرته فى التعليم.. فأصبحت فنلندا دولة متجانسة منسجمة مع بعضها.. أما فى مصر الآن ٢٠٠٠ معهد أزهرى، مدارس فرنسية، ألمانية، إنجليزية، كندية، حكومية مصرية.. فهل نتوقع جيلاً جديداً على قلب واحد أو انتماء واحد؟!

٤- أن يدرس المجلس الجديد تجربة تونس فى قوانين الأسرة، الزواج بأكثر من واحدة أو الطلاق، يجب أن يكونا أمام المحاكم، كذلك تجربة سنغافورة فى تنظيم الأسرة من ناحية الإنجاب، ٥٠٠ دولار غرامة يدفعها الأب إذا أتى بطفل ثالث، كذلك رفع الدعم من الدولة سواء فى مستلزمات الطفل الثالث من ناحية الغذاء أو التعليم.

٥- القضاء: من حيث عدد القضايا (ملايين)، سرعة البت فى الأحكام (عشرات السنين)، قدرة الدولة على تنفيذ الأحكام النهائية (شىء مؤسف وحزين).

٦- أن يأخذ المجلس الجديد تجربة السويد وقوانينها بخصوص الأطفال، فمن حق الدولة تطليق الأبناء من الآباء، إذا كانت هناك قسوة باليد أو اللسان على هؤلاء الأطفال.. لأن الطفل تبدأ تربيته منذ ٢٥ سنة قبل ميلاده، أى أن يكون الأب والأم يصلحان للتربية، لأن فاقد الشىء لا يعطيه، فالأب الذى يحتاج لتربية لا يصلح لتربية أطفاله.. وكثيراً ما نقرأ فى مصر: أب.. ضرب ابنه أو ابنته حتى الموت!!

٧- العمل على لمّ شمل المجتمع المصرى بعد أن نجحت الصهيونية العالمية فى تفتيت وحدة هذا الوطن الجميل.. وذلك بتواجد الأقباط فى كل مكان مع المسلمين.. عدم خروج أى رحلة فى الداخل أو الخارج، إلا بوجود الاثنين معاً.. ونأخذ تجربة العصر الذهبى- إسماعيل باشا- ألا تخرج بعثة للخارج إلا بوجود الاثنين معاً.. كذلك تفعيل قانون بناء دور العبادة الموحد.. الذى صدر، ووُضع فى الأدراج، كذلك حذف خانة الديانة من الأوراق الرسمية، والضرب بيد من حديد على كل من يعرّض سلامة هذا الوطن للخطر.

٨- تعميق معنى المواطنة، فهى فى الدول المتخلفة.. بالعرق (مصرى أم أجنبى)، بالدين (مسلم أم مسيحى)، بالقرب من الحاكم (قرابة بالدم أو العمل)، بالقوة المالية (غنى أم فقير)، أما المواطنة فى الدولة الحديثة.. فهى بحادثة الميلاد.. لك كل الحقوق وعليك نفس الواجبات التى على أى إنسان آخر ولد مثلك على أرض هذا الوطن، ونأخذ من الدستور الأمريكى: نحن لا يهمنا لونك أو دينك.. يهمنا أن تعطى هذا الوطن أفضل ما عندك وسيعطيك هذا الوطن أفضل ما عنده.

كنت مواظباً على حضور جلسات مجلس العموم البريطانى أثناء دراستى فى إنجلترا، وأذكر يوماً.. تصدت عضوة المعارضة باربارا كاسل لرئيس الوزراء إدوارد هيث، وقالت له: وحش.. قاسى القلب.. صاحب رِجْل سوداء (أى خائن للوطن).. وعندما.. قام رئيس الوزراء للرد.. قال: بغض النظر عن إهانة العضوة الموقرة.. فقاطعه رئيس المجلس قائلاً: أنت رئيس الحكومة.. ووظيفتنا هنا هى إحراج الحكومة بل إهانتها!!

د. وسيم السيسى

waseem-elseesy@hotmail.com

No comments: