كان المصرى القديم منذ آلاف السنين يعرف الإله.. فقد أرسل الله له إدريس «واذكر فى الكتاب إدريس.. إنه كان صديقا نبياً» (مريم ٥٦)، كما أرسل الله لمصر القديمة حكماء.. مثل لقمان، الخضر، بل رسلا.. «ولقد أرسلنا رسلا من قبلك.. منهم من قصصنا عليك.. ومنهم من لم نقصص عليك» (غافر ٧٨).
كان الدين فى مصر القديمة عقيدة خماسية، وكلمة دين كلمة مصرية من كلمة «دى» أى خمسة بالمصرى القديم، وكانت هذه العقيدة الخماسية ١- التوحيد ٢- الصلاة ٣- الصوم ٤- الزكاة «الماعون بالمصرى القديم» ٥- الحج «وهى كلمة مصرية قديمة».
ومنذ عصر الملك مينا، كان شعار الدولة النجمة الخماسية وحولها الهلال «الأدب والدين ١٢٨ أنطون ذكرى» رمزا للعقيدة الخماسية والشعائر الدينية.
أما عن التوحيد، فكانوا يقولون: أنا الإله واحد أحد، موجد نفسى بنفسى.. ليس لى كفوا أحد. كما كانوا يقولون: وع وع نو سنو، أى أحد أحد لا ثانى له، كما كانوا يرسمون أذنين وعينين ويقولون: إنه السميع البصير الذى يجيب دعوة الداعى إذا دعاه «معبد كوم أمبو».
أما عن الصلاة فكانت بالوضوء.. نجد صورة للملك مينا ذاهبا إلى «بر ضوا» أى بيت الوضوء، ووراءه الموضئ حاملا إبريقا من الماء والـ«تشب تشب» أى الشبشب «إيمرى ٢٣٣ مصر فى العصر العتيق».
كانت الصلاة خمس مرات بالوضوء.. وكانوا يسجدون بالأذقان حتى يواجهون الله بوجوههم.. وجاء ذكرهم فى القرآن الكريم.. «أولئك الذين يخرون للأذقان سجدا»، كما كان بهم «إمم» أى إمام، وكانوا يصطفون صفوفا وراء الإمام، وهذه الصلاة هى صلاة الجماعة.
كان الوضوء يبدأ بالنية، وكان المصرى القديم يقول: نويت الصلاة، ثم يبدأ بغسل الوجه، فمسح الجبين والأذن والأنف، ثم غسل اليدين إلى المرفقين، ثم تغطيس الرجل اليمنى ثم اليسرى فى الماء «نديم السيار - المصريون القدماء.. أول الحنفاء ٣١٧»، أما نواقض الوضوء فهى نفسها المعروفة الآن.
أما ستر العورة، فكان شرطا من شروط صحة الصلاة، وكان الثوب بالتحديد يجب أن يغطى الركبة «كتاب الموتى الفرعونى.. د. فيليب ص٢٧ - ٣١-٥٣-٦٩».
أما استقبال القبلة، فكانت قبلتهم نحو الجنوب، ونحن نقول الوجه البحرى لأنه ناحية البحر.. أما الوجه القبلى فلأنه ناحية القبلة، وكانت قبلتهم قبر أوزوريس فى أبيدوس فى جنوب سوهاج.
أما أوضاع الصلاة فكانت تحتوى على أركان خمسة:
١- وضع التكبير ٢- وضع الوقوف مع وضع اليد اليمنى فوق اليسرى.
٣- وضع الركوع.
٤- وضع السجود.
٥- وضع القعود. «المصدر السابق ٣٧٤».
وكل هذه الأوضاع مرسومة على الجداريات والبرديات بتفاصيل كثيرة.
كان أجدادنا العظماء يصلون: أيها الواحد الأحد، الذى يطوى الأبد، يا موجد نفسك بنفسك، يا مرشد الملايين إلى السبل، يا من يجعل الجنين يكبر فى بطن أمه، لم أُلحق ضررا بإنسان، ولم أتسبب فى شقاء حيوان، ولم أعذب نباتا بأن نسيت أن أسقيه ماء، بل كنت عينا للأعمى، ويدا للمشلول، ورجلا للكسيح وأبا لليتيم، إن قلبى نقى، ويدى طاهرتان.
ويأتى أحفاد هؤلاء العظماء ويقولون: كفرة! وعبّاد أوثان! وصوت أبى العلاء يأتى من بعيد:
لا تظلموا الموتى وإن طال المدى إنى أخاف عليكم أن تلتقوا
ويظن أتباع الديانات السماوية، أن الدنيا بدأت بهم.. ولا يعرفون أن كل ما لديهم كان موحيا به فى مصر القديمة منذ آلاف السنين قبلهم..! ليس هذا فقط بل تسيل الدماء بينهم.. وأحمد شوقى أمير الشعراء يوقظهم:
لا تجعلوا الدين باب الشر بينكم، ولا محل مباهاة وإذلال
ما الدين إلا تراث الناس قبلكم، كل امرئ لأبيه تابع تالِ
د. وسيم السيسى - Almasry Alyoum
No comments:
Post a Comment