أمس الأول استغل الدكتور أحمد فتحي سرور، رئيس مجلس الأنس المزور (المجلس وليس الدكتور رئيسه) فرصة وجود سيادته في مكتبة الإسكندرية بالذات ونفي ـ للمرة الألف ـ أي نية عند نظام جنابه للعب مرة أخري في أحشاء «الدستور» المشوه القائم حالياً، وقال بالنص : «عن نفسي وبعقليتي السياسية لا أتوقع أي تعديل للدستور قبل انتخابات الرئاسة.. »، ثم كرر النفي عينه (حسب النص المنشور في الأهرام) بالصيغة القاطعة التالية :«أقول بالفم المليان إن الدستور لن يعدل لأنه ليس لائحة تنفيذية..» !!
طبعاً نحن لا نعرف «فم» الدكتور سرور «المليان» كان مملوءاً بإيه بالضبط لحظة أن نتع هذا التصريح، لكن يبدو من دلالة الحال ونوع الكلام وطعمه أن الذي في ثغر سيادته آنذاك كان شيئاً حلواً جداً (ربما«جاتوه» أو «مانجو» من النوع الهندي) ومع ذلك، ورغم هذه الحلاوة كلها فأنا «عن نفسي وبعقليتي السياسية» برضه لم أفهم إصرار الدكتور أحمد فتحي وكل زملائه دكاترة النظام و«باشمهندزينه» علي نفي أمر لم يطلبه منهم أحد وليس بأياديهم أصلا ولا يستطيعون أن يمشوا فيه برجليهم سنتيمتراً واحداً بدون أوامر تأتيهم في آخر لحظة من منابع «الحكمة» المشهورة فيهرولون إلي عدة الطبيخ القانوني والدستوري لعمل حلة الملوخية بالأرانب الدستورية المطلوبة، يعني علي منهج وطريقة «اطبخي ياجارية.. أمرك ياسيدي».. ولعل الدكاترة والباشمهندزين جميعاً يتذكرون أنهم ظلوا يرددون خلف الرئيس مبارك هذا الرفض التعديلي عينه، وبالإباء والشمم نفسه، ثم لما غيّر الرئيس رأيه وناقض كلامه فجأة تشقلبوا فوراً وانقلبوا بخفة وسرعة تحسدهم عليها الأفاعي نحو الاتجاه المضاد وابتلعوا النفي الذي قالوه والرفض الذي هلفطوه، وأخذوا يرددون العكس بينما ألسنتهم تلهج بالثناء علي «حكمة» الرئيس والإشادة بعظمة قراره التاريخي بتعديل المادة 76، تلك التي قاموا (بمساعدة قيمة من الشياطين الزرق) بتنجيدها وتفصيلها علي مقاس النابهين من أسرة سيادته فقط!!
بيد أن هناك اختلافاً وفارقاً كبيراً ونوعياً بين الواقع الراهن وبين الأوضاع والمناخ اللذين كانا سائدين في عام 2005 حين بدأت مسيرة اللعب الدستوري الشيطاني التي انتهت بأن جعلت الدستور السيئ أكثر سوءاً وأشد تخلفاً وتشوهاً، هذا الفارق يتجسد في أن إنساناً عاقلاً واحداً في هذا البلد لم يعد يطلب من عصابة «القط الأسود» التوبة وأن تصلح بيديها ما أفسدته وخربته هي، فقد اقتنع الجميع ـ أخيراً ـ بأن المؤمن الحق يفترض ألا يلدغه الحنش نفسه، ولا يعقره ويعضه «البوبي» ذاته بدل المرة مائة ألف مرة.
هذا الاختلاف وتلك الفروق التي لم يراعها الدكتور أحمد فتحي وهو يدلي بتصريحات «الفم المليان» آنفة الذكر تجبرنا علي استخدام نظرية «تلقيح الجتت» التي تم ضبط الدكتور علي الدين هلال الأسبوع الماضي وهو يثقف بها المساكين «أبناء مصر في الخارج»، فطبقاً لهذه النظرية فإن هذا الذي قاله الدكتور الأول لا يعدو أن يكون مجرد «تلقيح لجتة» التعديل والتغيير والإصلاح علي أناس وكائنات وحاجات، لا أمل لنا في الدنيا إن لم تتغير هي وتفارقنا وتحل عن سماواتنا وتذهب في ستين ألف سلامة علي الأقل
جمال فهمي - الدستور
No comments:
Post a Comment