عشنا مع شعار «أفرجوا عن مسعد أبو فجر» عامين ونصف العام، حتي فقد بعضنا الأمل، ونسي البعض الآخر لماذا اعتقل مسعد أبو فجر؟ ربما أتجر ثلة من الناس به، لكنه ظل جرحا لا يندمل، يصفع النبل الذي في وجهه عينيك كلما فتحت مدونة سياسية، تحرجك صلابة عود زوجته التي لم تكل يوما واحدا، ولم نر دموعها حتي الآن، ويعلم الله متي وأين كانت تنفرد بنفسها لتطلق العنان لأحزانها؟ ومسعد من داخل زنزانته يواصل نضاله ولا يذكر نفسه، يشعرنا أن سجنه ما هو إلا سكين إبراهيم التي تمر علي رقبة إسماعيل الراضي بحكم ربه: يا أبت افعل ما تؤمر، ستجدني إن شاء الله من الصابرين. دخل الروائي والأديب مسعد أبو فجر السجن علي صهوة جواد نضاله من أجل الإفراج عن المعتقلين المظلومين من أهالي سيناء، وخرج علي صهوة جواد كفاح أسود سيناء من أجل كرامتهم الغالية، وما بين الجوادين لم تمل قامة مسعد درجة واحدة، ولم تغب الابتسامة عن وجه شيماء.
استيقظت صباح الاثنين 19 يوليو 2010 علي صوت والدي في الهاتف يقول: حتخليني أغير منك بقي.. مسعد أبو فجر عايز يشوفك. انتفضت من مكاني غير مصدقة. بعد برهة ظننت أن ما سمعته كان حلما. ثم جاءني صوت علي الهاتف: نوارة.. أنا مسعد أبو فجر. من المؤكد أنه حين سمع رد فعلي حدث نفسه: إيه البت المجنونة دي؟
«أنا عند محمد هاشم، تعالي». مخاصمة محمد هاشم، لكنني سأصالحه، وأصالح الكون كله.
ذهبت مع صديقتي فاطمة عابد - المدونة والناشطة - إلي دار ميريت لمقابلة مسعد أبو فجر وشيماء مسلم. أكاد أري هالة النور وطاقة الحب التي تعبئ المكان. جلست وصديقتي فاغرتي فاهينا ومسعد يتحدث. قال بأن الصحراء مخيفة، ومحبة، حساسة وذكية، الصحراء تعرف من يحبها دون أن يفصح محبها عن حبه بالقول، والبدوي جزء من تكوين الصحراء، لا يحب الكلام المعسول، ولا يشتري الكذب، يلتقط ذبذبات الحب. حين تنتخب الصحراء محبيها تعطيهم مفاتيحها مفتاحا وراء الآخر، كذا البدوي. لا أحد يقهر الصحراء ولا أبناءها، ومن يحاول، تبتلعه الرمال المتحركة. وقال مسعد: حتي يقوي الجذر ويثبت في الأرض، عليك أن تروي الشجرة ثم تقطع الماء لفترة، ثم تعود وتروي، وهكذا. حين سألته عما كان يشعر به داخل السجن؟ قال: البدوي لا يفكر علي خط مستقيم، علمتني الصحراء أن الحياة لا تكف عن إهداء المفاجآت. رأيت الدموع في عينيه وهو يحكي عن طفولته، حين كان والده يستمع إلي خطبة الرئيس السادات في الكنيسيت، ابتسم والد مسعد له قائلا: سيناء حتتحرر يا مسعد؟ فأجاب الطفل: أيوه.. فرد والده: وحتدخل الجامعة يا مسعد؟ فأصر الطفل: أيوه.. حادخل الجامعة. همست شيماء مبتسمة وهي تنظر إليه بانبهار وكأنها تراه لأول مرة: مسعد عنده أمل.
جاء خبر الإفراج عن يحيي أبو نصيرة ونحن جلوس. باغتني مسعد بنظرة: كنا بنقرا لك وإحنا في السجن.
أنا؟ أنا كمان جالي - بعيد عنكم - أمل. ادعوا لي بالشفاء
نوارة نجم- الدستور
No comments:
Post a Comment