فى الأسبوع الماضى شاهدت حوارين على شاشات التليفزيون، بثتهما قناتان تليفزيونيتان من القنوات الخاصة المستقلة غير الحكومية مع الدكتور محمد البرادعى، وذلك عقب انتخابات الشورى وبعد الأحداث التى تعرضت لها حركة التغيير لتضييق الخناق على البرادعى فى الفيوم والإسكندرية وحول منزله. وتراكمت خلال هذه الفترة مادة إعلامية كثيفة، وردود فعل من الأحزاب التى اجتمع بممثليها. تكفى فى ظل ما يقال عن الانفتاح الإعلامى لكى يرسم الجمهور صورة للرجل وشخصيته وأهدافه، وذلك فى فترة حرجة حافلة بالاحتمالات.
وكانت فرصة للمقارنة بين الإعلام المستقل الذى لا تقيده غير أصول المهنة والالتزام بالموضوعية، مع خلفية علمية ومعلوماتية توسع وعى المشاهدين. تجلت بوضوح فى الحوار الذى أداره ببراعة حسن معوض المذيع اللامع فى الـ«بى بى سى» البريطانية الناطقة بالعربية.. وبين إعلام مصرى تغلب عليه «الهلفطة» والسطحية والايحاءات الأمنية والانطباعات الشخصية.
ويوحى لك المذيع فى كل سؤال يطرحه بأنه مكلف بإلقاء أسئلة بعينها تستهدف إحراج الضيف أو استفزازه. وتبدو هذه الظاهرة متكررة بدون استثناء فى معظم البرامج الحوارية المصرية ذات الحساسية السياسية.
وإلا ما كان البرادعى قد استبعد من البرامج الحوارية فى تليفزيون الدولة.. فبينما جاء الحوار الذى أجرته معه الـ«بى بى سى» البريطانية، كاشفا ومفيدا فى فهم الرجل والحكم عليه، جاء الحوار الآخر الذى أجرته معه المحطة العربية المستقلة مستفزا محملا بالأحكام المسبقة التى تروجها الصحف الحكومية لتلويث سمعته أو ما تنشره صحف عربية مأجورة عن الأموال التى يتلقاها من إيران.
هنا تبدو الاتهامات التى توجه إلى الميديا وبالأخص إلى البرامج الحوارية (التوك شو) بأنها لا تقدم تغطية إعلامية صحيحة، اتهامات لها ما يبررها.. وفى حالة مثل حالة البرادعى التى لا يخفى النظام ضيقه بها وبجمعيته من أجل التغيير، ويرى بعضهم أنه يقتحم مجالا ليس له فيه، ويفرض شروطا للحياة السياسية تفسد قواعد اللعبة التى استقرت منذ 50 عاما، فإن اللجوء إلى الشوشرة الإعلامية وإغراق الميديا بأنهار من الأخبار المكذوبة والشائعات المغلوطة التى تتغذى عليها وسائل إعلام تفتقر إلى المهنية وفنون الاستقصاء والتحقيق الصحفى، يصبح سلاحا فعالا فى اغتيال الأشخاص وقلب الحقائق. وهو ما تسبب فى أن يفقد الإعلام المصرى مصداقيته: الإعلام الحكومى بدرجة شبه مطلقة. والإعلام غير الحكومى بدرجة أقل طالما ابتعد عن المصادر الرسمية.
ولذلك يظل تأثير الإعلام على مسار العملية الانتخابية سلبيا محدودا. فلم يكن له مثلا أى تأثير على انتخابات الشورى لا بالسلب ولا بالايجاب. وإن كان بالسلب أكثر. وبالطبع فإن جانبا من أسباب عجز الإعلام وقصوره فى التغطية الصحفية، يرجع إلى إجراءات الأمن وأساليب التخويف. ومازال للسلطات الأمنية اليد الطولى على قنوات التليفزيون الخاصة التى تبث برامجها داخل مصر.. لدرجة تبدو معها مثل البرامج الحكومية!
ومع ذلك، فمن أغرب المفارقات أن تسمح الدولة للاتحاد الأوروبى بأن يمول برامج دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان فى مصر، وتدريب الإعلاميين على التغطية الإعلامية السليمة للمعارك الانتخابية وتمكين الميديا من ممارسة مسئولياتها فى مراقبة الانتخابات.. ويقدم مساعدات مالية 50 مليون يورو لتحقيق هذه الأهداف، ثم ترفض السلطات تدخل الأوروبيين بالاحتجاج على وقائع التعذيب للشاب خالد فى الإسكندرية ويطالب بالتحقيق فيها.
مع أنه بغير الضغوط الدولية والشعبية ما كان سيتم التحقيق مع الجنديين المتهمين بالتعذيب.
هل يكفى القول بأن حرية التعبير مكفولة فى مصر.. أم أن القصور الإعلامى المهنى فى التليفزيون والصحافة يتحمل جانبا من المسئولية؟!
وكانت فرصة للمقارنة بين الإعلام المستقل الذى لا تقيده غير أصول المهنة والالتزام بالموضوعية، مع خلفية علمية ومعلوماتية توسع وعى المشاهدين. تجلت بوضوح فى الحوار الذى أداره ببراعة حسن معوض المذيع اللامع فى الـ«بى بى سى» البريطانية الناطقة بالعربية.. وبين إعلام مصرى تغلب عليه «الهلفطة» والسطحية والايحاءات الأمنية والانطباعات الشخصية.
ويوحى لك المذيع فى كل سؤال يطرحه بأنه مكلف بإلقاء أسئلة بعينها تستهدف إحراج الضيف أو استفزازه. وتبدو هذه الظاهرة متكررة بدون استثناء فى معظم البرامج الحوارية المصرية ذات الحساسية السياسية.
وإلا ما كان البرادعى قد استبعد من البرامج الحوارية فى تليفزيون الدولة.. فبينما جاء الحوار الذى أجرته معه الـ«بى بى سى» البريطانية، كاشفا ومفيدا فى فهم الرجل والحكم عليه، جاء الحوار الآخر الذى أجرته معه المحطة العربية المستقلة مستفزا محملا بالأحكام المسبقة التى تروجها الصحف الحكومية لتلويث سمعته أو ما تنشره صحف عربية مأجورة عن الأموال التى يتلقاها من إيران.
هنا تبدو الاتهامات التى توجه إلى الميديا وبالأخص إلى البرامج الحوارية (التوك شو) بأنها لا تقدم تغطية إعلامية صحيحة، اتهامات لها ما يبررها.. وفى حالة مثل حالة البرادعى التى لا يخفى النظام ضيقه بها وبجمعيته من أجل التغيير، ويرى بعضهم أنه يقتحم مجالا ليس له فيه، ويفرض شروطا للحياة السياسية تفسد قواعد اللعبة التى استقرت منذ 50 عاما، فإن اللجوء إلى الشوشرة الإعلامية وإغراق الميديا بأنهار من الأخبار المكذوبة والشائعات المغلوطة التى تتغذى عليها وسائل إعلام تفتقر إلى المهنية وفنون الاستقصاء والتحقيق الصحفى، يصبح سلاحا فعالا فى اغتيال الأشخاص وقلب الحقائق. وهو ما تسبب فى أن يفقد الإعلام المصرى مصداقيته: الإعلام الحكومى بدرجة شبه مطلقة. والإعلام غير الحكومى بدرجة أقل طالما ابتعد عن المصادر الرسمية.
ولذلك يظل تأثير الإعلام على مسار العملية الانتخابية سلبيا محدودا. فلم يكن له مثلا أى تأثير على انتخابات الشورى لا بالسلب ولا بالايجاب. وإن كان بالسلب أكثر. وبالطبع فإن جانبا من أسباب عجز الإعلام وقصوره فى التغطية الصحفية، يرجع إلى إجراءات الأمن وأساليب التخويف. ومازال للسلطات الأمنية اليد الطولى على قنوات التليفزيون الخاصة التى تبث برامجها داخل مصر.. لدرجة تبدو معها مثل البرامج الحكومية!
ومع ذلك، فمن أغرب المفارقات أن تسمح الدولة للاتحاد الأوروبى بأن يمول برامج دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان فى مصر، وتدريب الإعلاميين على التغطية الإعلامية السليمة للمعارك الانتخابية وتمكين الميديا من ممارسة مسئولياتها فى مراقبة الانتخابات.. ويقدم مساعدات مالية 50 مليون يورو لتحقيق هذه الأهداف، ثم ترفض السلطات تدخل الأوروبيين بالاحتجاج على وقائع التعذيب للشاب خالد فى الإسكندرية ويطالب بالتحقيق فيها.
مع أنه بغير الضغوط الدولية والشعبية ما كان سيتم التحقيق مع الجنديين المتهمين بالتعذيب.
هل يكفى القول بأن حرية التعبير مكفولة فى مصر.. أم أن القصور الإعلامى المهنى فى التليفزيون والصحافة يتحمل جانبا من المسئولية؟!
بقلم:سلامة أحمد سلامة- الشروق
No comments:
Post a Comment