Friday, July 09, 2010

دموع هذه السيدة لعنة علي النظام

في الـ«هايبر» الذي يقع في منطقة «الشيخ زايد» بدأت حملة طرق أبواب للناس، غير مخطط لها مسبقًا!! والقصة كانت في البداية عندما تلقيت منذ ساعات دعوة من إحدي المحطات الفضائية المصرية لإجراء حوار علي الهواء مباشرة.. وعندما وصلت إلي المدينة، وفي الطريق بين البوابة رقم 4 واستوديو المحطة الخاصة فهمت أن أمن الدولة اتصل بمالك المحطة وهدده لمنع ظهوري علي الهواء، وطلب منه إما الإلغاء أو تسجيل الحلقة وتسليمها لأمن الدولة!!

..صافحت معد البرنامج، ومقدمه - الذي أحترمه- ومدير وصاحب المحطة عند مدخل الاستوديو وقلت لهم نصًا: «البقية في حريتكم».. وبدلاً من أن أتوجه لداخل الاستوديو توجهت بسيارتي متخذًا طريق العودة!!

.. لم يفاجئني الاعتذار المتأخر، أو الإلغاء بالمعني الأصح - فقد تكرر مرات عديدة هذا الأسلوب حيث تصر أجهزة الأمن علي منع صوتي من الوصول إلي الناس لإيضاح حقيقة الحكم الذي صدر عن المحكمة الإدارية العليا، بعدم الاعتداد برئاسة إيهاب الخولي أو موسي مصطفي للغد، بين الأمن وإعلام الأمن صُور الحكم بأنه اعتراف بشرعية موسي وتأكيد رئاسته للغد!!

.. المفاجأة التي تعرضت لها هي شعوري بحالة من الغثيان والرغبة في القيء والإعياء بشدة مما حملني علي الاتصال بالدكتور محمود حسنين- طبيب القلب «المعروف»- للوقوف علي نصيحته بعد أن فسر الحالة بأنها انخفاض مفاجئ بضغط الدم وهو ما أكده قياس الضغط في إحدي الصيدليات القريبة من الشيخ زايد في طريق عودتي من مدينة الإنتاج الإعلامي.

.. زميلي وابني المهندس شادي طه - عضو الهيئة العليا لحزب الغد ورئيس حملة طرق الأبواب- الذي كان يرافقني طلب مني أن نأخذ عدة أكواب من القهوة لعلها تصلح ما أفسده أمن الدولة ودخلنا سويًا إلي أقرب مكان وكان هو هايبر الشيخ زايد - وهو عبارة عن مول تجاري شهير، يستمد بعض شهرته مما يتردد عن انخفاض أسعار بعض منتجاته الغذائية.

.. منذ لحظة دخولي لهايبر بدا لي أن هناك أشياء كثيرة يمكن أن ترفع الضغط في مصر بصورة أسرع من قهوة شادي، ونصائح الدكتور محمود حسنين!!

.. المشهد غريب ولافت للنظر آلاف من البشر يمرون بين طرقات السوبر ماركت الضخم الكل ينظر للافتات الأسعار «الكرنفالية» الجميع يلامسها بعيونه والحسرة والألم والحيرة تكسو الوجوه والغالبية تدفع أمامها عربات البضائع فارغة وتعيد تسليمها فارغة وتغادر المكان.

.. سؤال واحد وجهه لي مئات ممن التقيت بهم بالصدفة في هذا التجمع الذي يرتاده في العموم أشخاص ينتمون لما يمكن تسميته الطبقة الوسطي أو ما تبقي منها.. السؤال هو ما العمل ؟! والجميع يقصد ما العمل في ارتفاع الأسعار الرهيب والمستمر والذي تجلي في الأيام والساعات الأخيرة.

.. كوكتيل غريب من البشر صادفتهم هناك، حاورتهم وحاوروني، «أساتذة في معهد البحوث أطباء قسيسًا إنجلييًا ممرضات مرممي آثار، مذيعات سيدات متقاعدات طبيبات بالمصل واللقاح، ربات بيوت، أرباب معاشات، شبابًا جامعيًا عاطلاً، إلخ إلخ» .. والكل يسأل ما العمل ؟! ماذا نفعل كيف نعيش؟!

.. سيدة في عمر أمي «رحمة الله عليها» جذبتني من يدي وسارت بي صامتة خطوات نحو ركن الدواجن وأشارت بإصبعها نحو لافتة الأسعار وانفجرت في البكاء، دموعها سطرت أمامي أكبر شهادة إدانة لهذا النظام الذي تشير بيانات مشروعه للموازنة العامة 2010 /2011 إلي أنه يفرض ضرائب غير مباشرة علي السلع والخدمات تبلغ 3،93 مليار جنيه تحصل في النهاية علي عاتق هذه السيدة وأمثالها من هذه الطبقة، بينما لا تتحمل منها الأقلية الثرية التي تملك وتحكم مصر الآن إلا القليل جدًا.

.. إن الدولة التي تعطي الإعفاءات وملايين الأمتار من الأراضي للكبار هي التي تحصل عام 2010 من الفقراء علي 15 مليار جنيه مقابل السلع والخدمات ومن بينها 5،2 مليار عن خدمات الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية التي يفترض أن تكون مجانية.

.. إن النظام الظالم سياسيًا واقتصاديًا لا يخجل من أن يعلن أن حصيلة الضريبة علي دخول الأفراد التي تبلغ 19 مليارًا منها 13 مليارًا أي حوالي 70% متحصلة عن الضرائب التي يحصل عليها من العمال والموظفين وأمثال هذه السيدة التي أدعو الله أن يحيل دموعها للعنة تحرق الظلم والظلمة في وطن غاب عنه العدل والعقل والحرية

No comments: