طالعتنا الصحافة المصرية الأحد والاثنين ٢٥ و٢٦ يوليو الماضيين بتصريحات لاثنين من قيادات الحزب الوطنى الديمقراطى هما الدكتور فتحى سرور، رئيس مجلس الشعب، والدكتور على الدين هلال، أمين الإعلام. وقد تشارك الرجلان فى اتهام المعارضة بالهدم والتقصير، وعدم التنظيم، مقابل حزب حاكم ناجح، كما دافعت التصريحات عن مجلس الشعب، وانتقدت الدكتور محمد البرادعى، ورأت ضرورة بقاء المادة ٧٦، وأن محاولات تعديل الدستور لمصلحة فرد تجعل من الدولة المصرية دولة «هُزؤ».
بداية، ندعو القراء، قبل أى شىء، للاطلاع على مؤلفات صاحبى التصريحين وهما من أساتذة الجامعة حول تقييمهما للنظام المصرى، وهنا، وفى عجالة، أشير إلى كتاب الأول «منهج الإصلاح الدستورى»، الذى يصف فيه مواد الحريات فى الدستور بأنها فوق دستورية أى لا ينالها أى تعديل دستورى بسبب رفعتها، وهو نفسه الذى أشرف على العصف بها عند تعديل المادة ١٧٩ التى علقت بعض هذه المواد فى إطار ما تسميه بحماية الأمن والنظام. وكذلك مؤلفات الثانى التى لا تحصى، دفاعاً عن النظام الديمقراطى.
ثانياً: إن صاحب تصريح الدولة الهُزؤ -والنظام الهُزؤ- التى تعدل الدستور لمصلحة شخص البرادعى، لم يُجب عن وصف الدولة - والنظام- التى تعدل الدستور لمصلحة مرشح الحزب الحاكم، كما حدث عام ٢٠٠٧. وفى الاتجاه نفسه لم يُجب صاحبا التصريحين عن وصف الدولة التى تضحك على شعبها، فالعنوان الكبير هو تعديل الدستور للحد من سلطات رئيس الجمهورية لصالح رئيس الوزراء والوزراء ورئيسى مجلسى الشعب والشورى، والحقيقة، أنه هو القابض على تعيين وعزل كل هؤلاء!!
ثالثاً: إن الدفاع عن مجلس الشعب فى إطار حديث الأول ينتفى معه دور المجلس المقيد بحكم الدستور وحال الخلل البين فى التوازن بين السلطتين التنفيذية والتشريعية. فهذا الخلل يجعل أى منصف يرى أن المجلس برىء من أى تقصير فى أداء مهامه، بسبب الأغلال التى تكبل معصميه وقدميه وتطالبه بأن يقفز إلى الأمام. وحتى لا يكون الحديث مرسلاً، نسأل صاحب التصريح، منذ التعددية الحزبية فى نوفمبر ١٩٧٦،
كم أنجز المجلس من تشريعات قدمتها الحكومة، وكم مرة أنجز اقتراحاً بقانون للأعضاء؟ وكم تشريعاً عدله المجلس وما نسبة التعديل وكم تشريعاً خرج كما دخل؟ وكم مرة حول المجلس اتهامات المعارضة لمسؤولى الحكومة لجهات التحقيق؟ وكم استجواباً مر ولم تستخدم فيه عبارة الانتقال إلى جدول الأعمال؟ وكم محاولة سحب ثقة من المعارضة تجاه الحكومة قدمت وكم نجح منها؟ وهل هناك نائب متهم بالفساد نجح رئيس المجلس فى تحويله لجهات التحقيق أم أن هذا كما يقول رئيس المجلس فى تصريحه: «وانا مالى»؟.
رابعاً: الدفاع عن عدم تداول السلطة فى مصر مفهوم من صاحبى التصريحين، فصاحب التصريح الأول نفسه قابع على رأس مجلس الشعب منذ عام ١٩٩٠، وهو ما يتماشى مع حال التكلس الرهيب على مستوى النخبة الحاكمة، وهو تكلس يسميه رئيس الدولة استقراراً ويسميه العامة ركوداً. يبرر رئيس مجلس الشعب بقاء المادة ٧٦ بالخوف من تدخل أجنبى، رغم أن القيادى بالحزب الوطنى مصطفى الفقى أكد عليه بالإشارة لحتمية موافقة إسرائيل وأمريكا على رئيس مصر المقبل. يا صاحبى التصريحين، تبرير بقاء الوضع الراهن لا يتناسب مع كون ٤٠% من المواطنين تحت خط الفقر، ولا يتناسب مع حال الصحة الرث والتعليم الهُزؤ.. تواضعوا قليلاً واقرأوا وضع مصر فى تقارير التنمية البشرية ومنظمة الشفافية... إلخ.
خامساً: وقوع صاحبى التصريحين فى تناقض عند الحديث عن الأحزاب السياسية، فهما يدافعان عن تداول السلطة، وأنها يجب أن تمر عبر الأحزاب القائمة، وفى الوقت نفسه، يتهمان الأحزاب بالتقصير والهدم. هما يطالبان الأحزاب بالمزيد من الجهد فى العملية السياسية، وهى مكبلة بأمور لا متسع لذكرها لكنها مسطورة فى قوانين الأحزاب والطوارئ ومباشرة الحقوق السياسية والشعب والشورى والدوائر الانتخابية، ناهيك عن الممارسة التى أعطت للأمن اليد الطولى فى الشارع السياسى، ولم تجعل للأحزاب بما فيها الوطنى دوراً يُذكَر.
يطالب صاحب التصريح الأول بتنشيط الأحزاب ويدافع عن النظام الفردى، رغم إقراره بأن التعديلات الدستورية هدفت لتعديل النظام الانتخابى دون الطعن بعدم الدستورية. ينال صاحب التصريح الثانى من البرادعى بشأن ما سماه الأول انضمامه للحزب الوطنى بقوله «هى تلاقيح جتت» ثم يعرب له عن تقديره له على المستوى الشخصى!!
ربنا ارفع مقتك وغضبك عنا
د. عمرو هاشم ربيع- Almasry Alyoum
No comments:
Post a Comment