Friday, July 16, 2010

فى مصر.. كيف نصنع مجرماً؟

تحولت سياسة مصر الداخلية إلى سياسة حكيمة للغاية فى صنع المجرمين والمنتحرين وجامعى الإتاوة، ولا أدل على ذلك من حادث المقاولون العرب الأخير الذى نفذه عامل بسيط من قرى أسيوط لا يعانى من مرض نفسى ولم يسبق أن تناول أى مواد مخدرة ولم يبتلع أى لفافات من البانجو.

وكذلك مسلسلات الانتحار التى نشاهدها فى فترات متقاربة، والأفلام التى اعتدنا عليها من جامعى الإتاوة والمرتشين، والأقلام التى اعتادت أن تكتب زيفاً، وإن تحول الباطل ببراعة إلى حق.

بينما تحولت سياسة مصر الخارجية إلى الصمت الدبلوماسى الدائم، وعدم التحرك إلا وقت الأزمات، ويكون التحرك على كرسى متحرك.. ربما حفاظا ً على كرسى آخر هو أهم من 80 مليون مصرى يعانون فى الداخل، وأهم من كل مصالح مصر وأمنها القومى فى الخارج.

المجتمع المصرى يقوم بإفراز نخبة من المثقفين والعلماء يتم تصديرهم فورا إلى الخارج، واستيرادهم إجباريا بعد ذلك فى شكل حملات إعلامية توضح مدى فضل مصر فى إنجابهم ويتناسى الإعلام البراعة التى يتم بها طرد هذه الكفاءات إلى الخارج!.

الشاب المصرى يقف مشاهدا ً وشاهدا ً على طرد هذه الكفاءات العلمية، ويقف متعجبا ومتحسرا على ما يحدث من حالات انتحار، ويقف حزينا ً على ما يشاهده من نهب وإتاوة ورشوة.

عندما يتخرج الشاب المتعلم "ابن الحلال" ولا يجد وظيفة حتى يستطيع تكوين أسرة ويتزوج من "بنت الحلال"، بينما نجد أن "ولاد الحرام" هم من يمتلكون ويتكلمون ويكممون.. هنا نستطيع أن نصنع المجرم المتعلم ابن الحلال.

وعندما يكون مستوى التعليم لا يشجع على إفراز عقليات نابغة، ويركز على الحفظ والتلقين، فنحن هنا بصدد صُنع المتعلم المجرم الذى لايحمل أى هوية يستطيع بها أن يكون صاحب وجهة نظر تضيف لمجتمعه وله.

المتعلم الأجوف الذى قد يصادف بأن يصبح أستاذا ً فيبدأ فى تعليم الأجيال الناشئة مما حفظه ولم يفهمه، مما سمعه ولم يعيه، وبالتالى فهو يصنع بجدارة أجيال من المجرمين الناشئين.
صناعة المجرمين هى صناعة مزدهرة للغاية فى مصر وكانت أول خطواتها سياسة عدم التفرقة بين الصواب والخطأ؟، وعدم التفرقة بين الحلال والحرام، وكذلك سيادة شعور عام بأن القوانين صُنعت كى تُخترق، وكذلك حالة من الاغتراب تكون بداية مشجعة لصنع مجرم مثالى.

مبدأ آخر مهم من مبادئ النهوض بصناعة المجرمين، هو اقتناع الجميع بأن حاميها حراميها، وأن الشرفاء والمحترمين هم أفقر الناس وأغلبهم وأكثرهم هواناً.

الخطوات الأولى لإصلاح مصر هو إصلاح التعليم، من أجل خلق جيل من الشباب الواعد القادر على تحمل مسئوليات وطنه حتى نسترجع مصر المفقودة أو المفتقدة

أحمد عبد العليم- اليوم السابع

No comments: