متى يمكن تقديم وزير للمحاكمة أثناء الوزارة ؟.. وهل البديل هو تجريسه؟.. كل يوم يسقط الوزراء كأوراق الخريف.. إما لأن الوزير تورط فى قضايا مال عام، وإما لأنه تاجر مع وزارته، وإما لأنه تورط فى علاج على نفقة الدولة، وإما لأنه خصص أرضاً لشركته، وإما لأنه استولى على قرية كاملة.. بينما لا نملك محاكمته.. لا سياسياً ولا جنائياً.. ولم يعد أمامنا غير عقوبة التجريس.. التجريس هو الحل!
التجريس قد يبدو حلاً، إذا لم نستطع محاكمة الوزراء، الذين تربحوا وأثروا من المال العام.. وقد يكون حلاً، إذا كنا لا نستطيع أن نتعامل، مع الذين باعوا مصر.. وقد يكون حلاً، لوزراء تحولوا إلى أباطرة.. وقد يكون التجريس حلاً، لأن الوزير يملك حصانة ضد المحاكمة، وبالتالى لا يوجد حل غير توقيع عقوبة اجتماعية.. ليس عن طريق ركوب الحمار بالمقلوب، ولكن عن طريق الفضائيات!
لا يوجد حل آخر بديل للمحاكمة، غير تجريس المسؤولين والوزراء.. مرة بإبلاغ النائب العام، ومرات بتناول قصة فساد الوزير المتهم فى الفضائيات، وبرامج التوك شو.. فلا يعقل إهدار ٨ مليارات جنيه خلال ثلاث سنوات، فى علاج على نفقة الدولة، والأنكى أنه ليس على علاج حقيقى، وإنما على مساج وتدليك وشفط دهون، وتجميل وحمامات مائية!
ولم يوجه هذا الاتهام الخطير صحفى موتور، ولم تكتبه صحيفة يمكن وصفها بالصفراء.. بالعكس صاحب هذا الاتهام، هو رئيس جهاز جهاز المحاسبات، الدكتور جودت الملط.. يقول الملط «إنك خنت عهدى، وأهدرت الأموال ولم تشرنى».. ويقول: «إن قرارات العلاج على نفقة الدولة التى صدرت للعاملين بمجلس الوزراء، فساد كبير يقتضى المحاكمة»!
ولم يكن غريباً أن يهدد الدكتور فتحى سرور برفع الحصانة عن المتورطين.. فقد تضمنت قرارات العلاج عمليات تجميل، وعلاج طبيعى والعلاج بالحمام المائى، بالإضافة إلى جلسات مساج وعلاج بالأوزون والأسنان، وأخيراً زرع العدسات.. وهى شبهة فساد، كما يراها قانونى كبير بحجم ووزن الدكتور الملط، خاصة أن هناك صندوق خدمات صحية للعاملين بمجلس الوزراء!
قضايا الفساد لا تقتصر على قرارات العلاج، وإهدار المليارات فقط، وإنما تمتد أيضاً إلى تخصيص قرى كاملة، أو الاستيلاء عليها.. ولا يعقل تبديد ثروة مصر العقارية فى عهد واحد، ومصادرة حقوق أجيال قادمة، لا يكون أمامها غير «التأميم والمصادرة»، وإعادة توزيع الثروة.. فالمافيا الآن لا تستولى على قيراط أرض لتأكل، بل تستولى على مساحات بالكيلومتر!
سرقة الأراضى جريمة منظمة، وهى انعكاس لسرقة مصر كلها، من قرية آمون فى أسوان، إلى الضبعة فى الساحل الشمالى.. مروراً بعشرات الكيلو مترات فى الإسماعيلية، وليس بعيداً ما فعلته المافيا هناك، حين استولت على ٢٠ كيلو متراً على امتداد البحر المتوسط، بطول عشرة كيلومترات، وعمق ٦ كم، بمنطقة أرض سبيكة، غير ١٨ فداناً فى قلب الإسماعيلية، يقع عليها مبنى ديوان المحافظة نفسه!
ولا يمكن أن يحدث هذا التبجح، إلا حينما تكون الدولة فى الطراوة.. وأظن أن كلمة الطراوة، أكثر دلالة من تعبير الدولة الرخوة.. لقد تجاوزنا حكاية الدولة الرخوة، بمراحل كثيرة.. مصر تتسامح مع الفساد، دون أن ترد الأموال المنهوبة والأراضى المسروقة.. وإنما تسعى إلى تقنين الأوضاع.. يا سلام على الأوضاع.. فمتى نجرهم إلى النائب العام حتى لا يكون الحل هو التجريس؟
محمد أمين - Almasry Alyoum
No comments:
Post a Comment