صدمتنى كما صدمت كثيرين غيرى تهنئة الرئيس للحزب الوطنى بالنجاح الذى حققه فى انتخابات الشورى الأخيرة، وتساءل الناس هل الرئيس فعلا لا يعرف أن هذه الانتخابات مزورة تماما من «الألف» إلى «الياء» كما شاهد الناس جميعا، أم أن أتباعه لا يريدون إطلاعه على هذه الأمور. الشارع المصرى يعلم عكس ما يقول الرئيس بل والعالم كله ومنهم من يباركه مثل أمريكا وإسرائيل التى تعلم أن التزوير يصب فى النهاية فى مصلحتها، والرأى عندى أن الرئيس يعلم بما يحدث وتهمه النتيجة وهى كما يرغب تماما ١٠٠% للحزب الوطنى وصفر% للمعارضة لأنه لا يمكن أن يوصف من نجح من خارج الحزب الوطنى بالمعارض الحقيقى وإنما هو فتات ألقاه الحزب لمن يريد والتقطه الضعفاء ممن يتطلعون إلى المناصب باعتبارها المطمح الوحيد لهم حتى وإن أتت على حساب الكرامة.
لا تكاد تتجه وجهة أو تذهب إلى مكان أو تسير فى طريق إلا ويسألك الناس عن إمكانية التغيير فى مصر والأمل فى ذلك ولا تكاد تحضر اجتماعا فى بلدة من بلدان مصر إلا وتشاهد الحشود الراغبة فى التغيير، والتى أصابها الملل واليأس من الإصلاح فى ظل الأوضاع السياسية القائمة والتى عفا عليها الزمن وملها الناس.
الأمن أصبح فى مصر من المعالم الرئيسية فى كل مكان وإمكانياته فى ازدياد وتطور تلحظه العيون من أول لحظة، سألنى شاب من الشباب الذى يتطلع إلى التغيير شاهد المظاهرة الحاشدة الأخيرة يوم ٢٥/٦/٢٠١٠ فى الإسكندرية عن هذا الكم الهائل من رجال الشرطة والعربات المصفحة التى كانت تحاصر المكان من كل اتجاه وسألنى ما إذا كانت الدولة فى حالة حرب مع الشعب وتستعد لها بهذا المظهر الذى يفوق كل التوقع، وقال لقد شهدت أكثر من عشرة لواءات شرطة فى المكان عدا غيرهم بالطبع فى الزى غير الرسمى فهل هناك عدد من اللواءات بهذه الكثرة فى مدينة واحدة هى الإسكندرية أم أن هناك استعانة بقوات من الشرطة من خارجها.
تساؤلات تستحق الإجابة وهى على لسان كل مصرى الآن وإذا كان السيد/ جمال مبارك قال فى أحد تصريحاته إنه لا يمكن الاستجابة للتغيير بناء على مقال كتب فى إحدى الجرائد فإنى أقول له أعتقد أنه قد آن الأوان لكى تغير التفكير فى هذا الأمر بعد هذه التظاهرات الحاشدة التى بكل تأكيد شاهدتها على شاشات التلفاز لأن جرائدك لا تنشرها وأنا أعلم أنك لا تحب الجرائد المستقلة والحزبية ولا تقرؤها.
عدد الحاضرين فى تظاهرة الإسكندرية يوم ٢٥/٦/٢٠١٠ أمام مسجد سيدى جابر قدره البعض بما بين ثلاثة أو أربعة آلاف شخص رغم التضييق الأمنى الشديد على مكان المظاهرة ومحاصرته من كل اتجاه بل والتضييق الأمنى على مداخل الإسكندرية لمنع الراغبين فى المشاركة من الوصول إليها ولو كانت الحكومة ترغب فى معرفة شعبيتها لدى الناس لخففت ولو بعض الشيء من هذا التضييق الأمنى لتعرف مدى شعبيتها وشعبية الحزب الذى يحميها وتحميه ويحتمى الجميع تحت جناح الرئيس، ولو أن الرئيس/ حسنى مبارك ترك الحزب الوطنى غدا لأى سبب لما بقى فيه حتى شلة النفاق التى لا تعرف الولاء لغير مصلحتها.
التضييق الأمنى يا سيادة الرئيس يذكرنى بالشخص الضعيف الهزيل الذى يريد أن يضرب عملاقا يتصدى له ولا يستطيع التغلب عليه فيأمر أتباعه بتقييد يديه وأرجله ثم ينهال عليه ضربا وبعد أن يقعده من الضرب يرفع يده ملوحا للناس معلنا النصر وهو خائف مرتعد من أن يفيق هذا العملاق من رقدته ويحطم أغلاله وينقض عليه.
هل يمكن يا سيادة الرئيس أن تسمى ما حققه حزبك فى انتخابات الشورى الأخيرة نصراً أم سطواً على إرادة الشعب واغتيال لحريته فى اختيار من يحكمه.
يا سيادة الرئيس حكم التاريخ عليك وعلى حزبك وحكومتك سيكون قاسيا خاصة أن الأمور فى مصر تزداد تعقيدا ولا يوجد أى بريق أمل فى التغيير المنشود يمكن أن يجعل الناس تطمئن على مستقبلها ومستقبل أبنائها.
إن سد سيل التغيير عن طريق صندوق الانتخاب لفتح الطريق على مصراعيه أمام التغيير عن طريق العنف الذى يخرج منه جميع الأطراف خاسرين حتى المنتصر منهم فلماذا تلجئ الناس إلى سلوك هذا الطريق الصعب الوعر، اقلع فقط عن تزوير الانتخابات واترك الناس تختار بحريتها وإرادتها وتقبل ما يسفر عنه هذا الاختيار سواء كان لصالحك أو ضد مصلحتك الشخصية فتعرف فى هذه الحالة حجم حزبك ومبلغ رضاء الناس عن حكومتك. وهل فعلا الناس تريد التغيير أم أنها قانعة بما هى فيه كما يصور لك المحيطون بك.
لم تحدث تجاوزات فى مظاهرة الإسكندرية يوم ٢٥/٦/٢٠١٠ والسبب فى ذلك فى نظرى يرجع إلى أمرين الأول هو كثرة عدد المتظاهرين لأن الشرطة تعمل لذلك
ألف حساب وهى دائما كأى عدو يعمل حسابا لقوة عدوه وهو لا يقدم على أمر إذا أحس أنه فى النهاية سيخسر الجولة ووجود الأعداد الكبيرة فيه تحذير للشرطة من مغبة الانتهاكات لأن الخسارة فى الطرفين فى هذه الحالة ستكون فوق التحمل ولأن منظر الدماء عادة ما يكون مثيراً للأعصاب ويؤدى إلى انفجارها، والأمر الثانى هو وجود وسائل الإعلام وخاصة الأجنبية وبكثافة ظاهرة وأعتقد أن العالم كله قد شاهد هذه التظاهرة، من هنا أقول وأذكر الناس بأن التجمع قوة ويد الله دائما مع الجماعة والتظاهر السلمى قوة ضغط على النظام لابد أن تستمر فى كل مناسبة ممكنة حتى تستطيع أن تصل إلى التغيير الذى تنشده والذى هو فى مصلحة الشعب والوطن،
وحتى نستطيع أن نرسل رسالة إلى السيد رئيس الجمهورية نقول فيها هذا هو الحجم الطبيعى لحزبك فلا تصدق ما يقوله لك أصحاب المصالح المحيطون بك من أن من يطالبون بالتغير قلة لا يعمل لها حساب، لأنه إذا كان المتحدثون المتحركون المطالبون بالتغيير حتى الآن ليسوا بالكثرة المطلوبة فإن الصامتين الراغبين فى التغيير أكثر مما تتوقع ومعهم الخائفون من المشاركة ولكن الأيام كفيلة بتحريك الفئتين لأن الرغبة فى التغيير أقوى من الكسل والخوف والإحباط.
No comments:
Post a Comment