تكشف القراءة فى الصحف الصادرة أيام النكسة عن الخداع الذى مارسه الإعلام المصرى للرأى العام، إذ راحت أجهزة الإعلام تتحدث عن انتصار للجيش المصرى، وإبادة طيران العدو.
وبتاريخ ٥ يونيو ١٩٦٧ كتبت جريدة «الأخبار» تقول: «العراق ينضم إلى اتفاق الدفاع المشترك مع الأردن.. عبدالناصر يعلن للعالم والأمة العربية بعد توقيع الاتفاق، أننا ننتظر المعركة على أحر من الجمر»، وفى الصفحة صورة لعبدالناصر، وهو يوقع الاتفاق وتحتها تعليق (سنتصدى لكل عدوان.. وسنهزم كل عدوان).
وفى عددها الصادر بتاريخ ٦/٦/١٩٦٧ وفى الصفحة الثالثة تكتب ذات الصحيفة تحت عنوان «أخبار الانتصار على الجبهة المصرية فى سيناء وغزة وشرم الشيخ.. البلاغات العسكرية عن المعركة ساعة بساعة» لتنشر فيها نص البلاغات العسكرية التى أذاعها المتحدث العسكرى المصرى من البيان رقم ١ إلى البيان رقم ١٧ وتشير فيها إلى إسقاط الطائرات الإسرائيلية وأسر الطيارين الإسرائيليين، أما جريدة «الجمهورية» فكانت مانشيتاتها فى ٦/٦/١٩٦٧ كالتالى: المعركة الفاصلة تدور الآن داخل إسرائيل.. قواتنا تسلمت زمام المبادأة وتوغلت داخل إسرائيل بعد أن دمرت دباباته، وأحبطت محاولاته للهبوط بالهليوكوبتر..
سلاح الجو الإسرائيلى يلقى أكبر هزيمة فوق الأرض العربية.. ٨٦ طائرة أسقطها سلاحنا الجوى و٥٠ أسقطتها سوريا و٢٣ أسقطتها الأردن والعراق ٧ وواحدة لبنان، القوات السورية والأردنية والعراقية تضرب مواقع العدو، وتتوغل داخل أراضيه على طول الجبهة، تدمير مطارات العدو وضرب مصفاة البترول فى حيفا، وإشعال النيران فى ٥ مستعمرات إسرائيلية.. القوات الأردنية تستولى على جبل المكبر وتطارد قوات العدو فى القدس المحتلة وتحتل مستعمرة زايد.
أما جريدة «الأهرام» فى نفس اليوم فحملت عناوين: معارك ضارية على كل الجبهات مع العدو.. بدأ العدو الإسرائيلى هجومه على الجبهة المصرية جواً وبراً ابتداء من الساعة ٩ صباح أمس.. إسقاط أكثر من ١١٥ طائرة للعدو خلال هجماته الأولى.. وأسر وقتل عدد من طياريه، صد ٣ هجمات إسرائيلية بالمدرعات فى مناطق الكونتيلا وأبوعجيلة وخان يونس، قواتنا توجه ضربات متلاحقة للعدو وتلحق به خسائر فادحة فى البر والجو.
وتستمر الأكاذيب وتكتب «الأخبار» فى ٧ يونيو: قواتنا تطارد فى عنف مقاتلات أمريكا وبريطانيا، كبدنا العدو خسائر فادحة فى الطائرات منها ٩ فوق أبوعجيلة وخان يونس وأسرنا ٨ طيارين.. البوارج العربية ضربت قلب تل أبيب.. القوات العراقية والسورية تدك المستعمرات الصهيونية.
ويكتب فكرى أباظة فى عدد مجلة «المصور»، ٩/٦/١٩٦٧، تحت عنوان «مرحباً مرحباً بالمعركة» يقول: «كان القائد الأعلى جمال عبدالناصر يتوقع كل غدر، وقد وقع العدو فى الفخ وسقطت طائراته الواحدة تلو الأخرى وأصليت كتائبه الهزيلة على الحدود بنار حامية، كتلك النار التى انصبت على رؤوس طياريه وطائراته فى الجو، وولاء منقطع النظير من شعوب الأمة العربية للقائد عبدالناصر ودعاء حاراً من الأعماق لكى يجزيه الله خيراً».
وبتاريخ ١٢ يونيو ٦٧ يكتب أنيس منصور فى «الأخبار» فى عموده مواقف: أعلن جمال عبدالناصر أنه المسؤول وحده عن النكسة وأنه لذلك يجب أن يتنحى وهذه هى قمة البطولة وقمة المأساة أيضاً! كيف للراعى أن يتخلى عن رعيته المؤمنة به؟ كيف للمؤرخ أن يلقى قلمه وهو يصحح تاريخ مصر والأمة العربية..
لقد عشنا بك ومعك يا جمال أياماً سعيدة.. إن أعباء النكسة تستطيع وحدك أن تحملها وأن تزنها.. لقد أصدرنا قرارنا لا وشكراً لله أنك قلت لنا نعم. أما مقال هيكل بصراحة فى «أهرام» الجمعة ١٦/٦/٦٧ فقد تناول دهاليز الموقف السياسى ودعم أمريكا لإسرائيل.
كريمة حسن
ِAlmasry Alyoum
No comments:
Post a Comment