Friday, June 04, 2010

الحزن الوطني الأوتوقراطي والفرز على الهوية الدينية

منذ بداية انقلاب يوليوعام 1952، فضل النظام أهل الثقة على أهل الخبرة، ومنذ ذلك الحين اعتبرت مصر ومن عليها ملك لأهل الثقة، فعمل اهل الثقة على توريث أبنائهم لوظيفتهم مما ساعد على تأخر وتخلف مصر في كل مناحي الحياة.
وفي فترة السبعينيات حاول النظام الساداتي تجميل المشهد السياسي، وتقديم صورة مغايرة لصورة الديكتاتور العادل والحاكم الأوحد، فأعلن عن شكل جديد للنظام يقام على التعددية، وأقام بالفعل حزبا سياسيا، مستدعيا اسمه من حزب الزعيم مصطفى كامل، وأطلق عليه الحزب الوطنى، لكن للأسف الشديد لم يكن هذا الحزب بداية لنظام ديمقراطي يقوم على الرأي والرأى الأخر، يجمع تحت لواءه جميع الأطياف السياسية والثقافية والعرقية والدينية، بل قام بجمع من تبقى من أهل الثقة على من استجد من أهل الثقة ودفع بهم إلى المراكز القيادية في الحزب وفى الحكومة، متجاهلا البعض الذين اسماهم أقلية عرقية وأقلية دينية، وأخذ منهم البعض في بعض المناصب لتجميل صورته الديكتاتورية الأوتوقراطية، والمؤسف في الأمر أننا لازلنا نعانى من هذه الأفكار الأوتوقراطية حتى اليوم، حيث لا يتم اختيار أصحاب الديانات الأخرى في مناصب قيادية وحساسة، وقد بح صوت الشرفاء في هذا الوطن ، سواء كانوا من المسلمين أو الأقباط، من المطالبة بتولي الأقباط مراكز قيادية، والاكتفاء بسياسة الفرز على الهوية الدينية، وللأسف مازال نظامنا الأوتوقراطي يتجاهل هذه النداءات، حتى تفجرت قضية د.عصام عبدالله فريد اسكندر أستاذ الفلسفة المساعد في كلية الآداب بجامعة عين شمس، والتي أظهرت الوجه القبيح للفكر الأوتوقراطي في النظام وفى الجامعة، حيث تم عرقلته كالعادة من الوصول إلى منصب رئاسة القسم، وليس رئاسة الجامعة أو عمادة الكلية، وهو ما دفع بالكاتب الصحفي الأستاذ علاء عُريبي لكي يتساءل مستهجناً أسلوب الحزب الأوتوقراطي في حرمانه للأقباط من شغل المراكز الحساسة لاعتبارات دينية،
حيث كتب الأستاذ علاء عُريبي ابن مصر البار الأصيل في جريدة الوفد المصرية دفاعاً عن الدكتور عصام فاضحاً الحزب الوطني الأوتوقراطي قائلا :
"ما مشكلة الحزب الوطني مع تولي الأقباط بعض المناصب القيادية؟، ولماذا لم يفتح هذا الملف بشكل جاد لمناقشته؟، ما الذي يضير الحزب الوطني وحكومته عند تعيين أحد المصريين الأقباط في منصب رفيع وحساس؟، ولماذا يصر قيادات الحزب الوطني وحكوماته المتعاقبة علي تجاهل المصريين الأقباط عند التفكير في اختيار شخصيات لرئاسة الجامعات المصرية؟، ولماذا لم نر مصريا قبطيا واحدا في منصب عميد كلية أو رئيس جامعة؟ . الذي يعود إلي تاريخ الجامعة المصرية ويستعرض الأسماء التي تولت رئاسة الجامعات وعمادة الكليات والمعاهد، سيكتشف أن جميعها خلت من أسماء مصرية قبطية، فمنذ أن قامت الأميرة فاطمة بنت الخديو إسماعيل رحمة الله عليها بالتبرع لإنشاء جامعة القاهرة، وقد مر علي هذه الواقعة أكثر من مائة عام، لم يعين في رئاسة هذه الجامعة أحد الأقباط، ولم يتول قبطي منصب العمادة، لماذا؟، هل لأن هذه الجامعات والكليات لا يوجد بها أساتذة بالقدر المطلوب؟، هل لأن الأساتذة الأقباط لا يصلحون من حيث الثقافة والخبرة والقدرة كأشخاص لتولي هذه المناصب؟، هل لأن المتواجد منهم بالكليات غير مؤهلين؟، ليس من المعقول علي مدار النصف قرن الماضية لم نتعثر ولو بالمصادفة في أحد الأساتذة الأقباط النابهين الذين يصلحون لأحد هذه المناصب، وليس من الطبيعي أن تمر كل هذه السنوات دون أن يعين احدهم، ما مبررات الحزب الوطني لهذا الغياب؟، هل لأن بعض قيادات الحزب والحكومة ضد تولي الأقباط بعض المناصب القيادية في الجامعات؟، هل لأنهم يأخذون بعدم ولاية القبطي علي المسلم في الجامعات؟، ما الفرق بين فكر قيادات الحزب الوطني وفكر ما أسموها بالمحظورة؟، ما الفرق بين فكر الحكومة وفكر الجماعات السلفية المتطرفة؟، أعضاء هذه الجماعات، ( كانت المحظورة أو المتطرفة ) ، يرفضون تعيين الأقباط في مناصب قيادية بسبب تبنيهم خطابا دينيا يميز بين المواطنين ويعلي من شأن المسلم مدنيا عن القبطي واليهودي، وأعضاء الحزب الوطني والحكومة يفعلون نفس الشيء، هل لتبنيهم نفس الخطاب الديني المتشدد؟، غير خفي عن أحد أن هذا الملف أصبح شائكا جدا، لأن إهماله وتعمد عدم بحثه وتراكم السنوات فوقه يكرس للخطابات المتشددة التي يركن إليها البعض، والغريب في هذا الملف أن بعض المتشدقين من النخبة بمفاهيم المواطنة وحقوق الإنسان، ينتهي بهم الحال عند الخطابات الحنجورية، وعندما يجلسون في مقام الاختبار يتناسون الشعارات التي يرفعونها . استدراك : مجلس الحكماء الذي تم تشكيله بجامعة عين شمس، ضم 21أستاذا لهم كل الحب والتقدير والاحترام، لكن جميعهم من المسلمين، ومعظمهم أعضاء بالحزب الوطني"
ومازال الحزب الحاكم يحكم مصر بمفاهيم متخلفة تعود لعصور سحيقة وماحدث للدكتور عصام عبد الله حدث لكثيرين لكنهم اثروا السلامة وهربوا بجلودهم فلمعوا فى سماء دول تقدس العلم، ومنهم من استحق لقب سير، ومنهم من شكره الرئيس اوباما شخصيا، ومنهم من لمعوا فى مدينة الطب بكليفلاند بامريكا، ومنهم ومن كرمتهم جامعاتهم بعمل صورة لهم بالحجم الطبيعي في مدخل الجامعة مثل الدكتور عزيز سوريال في جامعة...
والان متى ينتهى هذا التعصب البغيض والتخلف المقيت ضد الاخر بمصر، ومتى تصبح الكفاءة الحقيقة هى المعيار الحقيقى للوظائف القيادية، ومتى تنتهى شللية " أهل الثقة " فى مصر ... ومتى يستطيع الدكتور القبطى من نيل حقة الطبيعى والقانونى فى رئاسة قسم الفلسفة باداب عين شمس ..
يستطيع الدكتور عصام نيل حقه الطبيعي حينما ينتهى التدليس والتعصب ويختفى للابد الشعار البائد أهل الثقة وأهل الخبرة الذى أخر مصر لعصور مضت، يستطيع الدكتور عصام نيل حقه إذا قدم النائب العام القضية للتحقيق في واقعة التزوير ضد الدكتور القبطي، يستطيع الدكتور القبطي نيل حقه إذا انضم الشرفاء للقافلة، يستطيع الدكتور نيل حقه إذا صمد ضد التخلف والتطرف المؤدلج عقائديا، يستطيع الدكتور عصام نيل حقه إذا انضم شرفاء من جامعة عين شمس لكشف الحقيقة، اخيرا تستطيع مصر النهوض من تخلفها إذا انتهى عصر أهل الثقة وأهل الخبرة، وإذا انتهى الفرز على الهوية الدينية .
تحية لكل مصري يعمل لفضح أعضاء الحزب الوطني الأوتوقراطي وتآمرهم ضد الدكتور القبطي، تحية لكل كاتب شريف يقف مع العدل والمساواة.
تحية للدكتور عصام عبد الله لدفاعه عن حقه الطبيعى.
تحية للأستاذ علاء عُريبي المسلم المصري الأصيل الذى اصبح بقلمة صديقا للحق وانطبق علية المثل القائل.
Good friends are hard to find, harder to leave and impossible to forget
"الأصدقاء الحقيقيون يصعب إيجادهم، يصعب تركه ، ويستحيل نسيانهم"
أن تكون فرداً في جماعة الأسود خيراً لك من أن تكون قائداً للنعام"
Better being a cub in the family of lions than being a king of the ostriches
"إن جاءك الطعن من الخلف فاعلم انك في المقدمة"
تحية للدكتور حسن حنفى الذى عدل عن حكمة ورفض الاشتراك فى المؤامرة.

مدحت قلادة
medhat00_klada@hotmail.com
الحوار المتمدن

No comments: