Friday, June 25, 2010

ما لا يقال: الجنس والدين والسياسة

العذرية، المثلية الجنسية، تغيير العقيدة، قضايا ليس من المعتاد مناقشتها على الفضائيات ووسائل الإعلام العربية، وحتى لو نوقشت في بعضها ربما لا تتاح الفرصة لكل صاحب رأي للتعبير عن وجهة نظره دون خوف.

حاول تلفزيون بي بي سي العربي أن يسلط الضوء على هذه الملفات الحساسة – أو المحرمة إن شأت - عبر سلسلة من حلقات برنامج "ما لا يقال" التي بدأت أواخر مارس/ آذار الماضي واستمرت حتى أواخر يونيو/ حزيران 2010، لينتهي بذلك الموسم الأول من هذا البرنامج على أمل اللقاء بمشاهدينا في موسم جديد.

لكن ما هي الإضافة التي قدمها برنامج "ما لا يقال" للمشاهد العربي، ما هو الجديد الذي طرجه البرنامج؟ هل هو مجرد إثارة موضوعات حساسة قد لا تجرؤ كل وسائل الإعلام على تناولها بهذا القدر من الوضوح؟ أم أن هذه السلسلة من الوثائقيات قدمت أكثر من ذلك؟

قبل الحديث عما قدمه البرنامج خلال الأشهر الماضية وأهم الحلقات التي أثارت إهتمامكم وردود أفعالكم، يجدر بنا أن نتعرف قليلا على بعض المراحل التي سبقت إطلاق البرنامج.

استطلاع

حاولنا في بي بي سي أن نعتمد مدخلا علميا للتعرف على آراء وتوجهات المشاهدين في عدد من الدول العربية.

وقد شارك 1544 شخصا من السعودية، مصر، الأردن، تونس ، المغرب، الجزائر في استطلاع للرأي عبر الانترنت أعد لحساب بي بي سي وأجابوا خلاله على أسئلة عن المثلية الجنسية والتحول الديني وغيرها من القضايا الحساسة.

كان الهدف من الاستطلاع الذي أجري في مارس/ آذار الماضي التعرف على توجهات الشارع العربي حيال هذه القضايا تمهيدا لإعداد البرنامج.

وعلى الرغم من أن نتائج هذا الاستطلاع لا تعتبر قياسا علميا للرأي العام، لكن يمكن أن نستشف منها بعض المؤشرات.

فعلى سبيل المثال، اعتبرت الغالبية العظمى ممن استطلعت آراؤهم المثلية الجنسية أمرا غير مقبول، مقابل نسبا ضئيلة جدا للرأي المخالف والذين أجابو بأنهم لا يعلمون.

غالبية المشاركين في الاستطلاع اعتبروا الجنس قبل الزواج أمرا غير مقبول هو الآخر، لكن نسبة الرافضين كانت أقل بكثير من الرافضين للمثلية الجنسية.

كان الوضع مختلفا قليلا بالنسبة لتغيير العقيدة، حيث اقتربت نسبة الرافضين لهذا الأمر من نصف من استطلعت آراؤهم فقط، بينما رأى حوالي ربع المشاركين أنه أمر مقبول.

لم نكتف بهذا الاستطلاع بل حاولنا أن نكون أكثر قربا من نبض الشارع العربي، فتجولت كاميرا بي بي سي في عدد من المدن العربية لنسأل عن "ما الذي لا يقال؟"، لنحصل على إجابات متنوعة ومختلفة استفدنا منها كثيرا في الإعداد للبرنامج.

العذرية والمثلية

لعل حلقة "أسرار مدفونة" التي تناولت قضية العذرية كانت من أكثر الحلقات التي أثارت تعليقات وردود أفعال من قبل المشاهدين نسبة لحساسية الموضوع في الثقافة العربية.

لم يكن الجديد في هذا الحلقة هو الموضوع الذي نوقش في وسائل الإعلام من قبل، لكن ربما كان الجديد هو تحدث ثلاث فتيات لبي بي سي عن تجاربهن والأسباب التي دفعتهن لإجراء عملية ترميم البكارة.

قضية المثلية الجنسية تمت مناقشتها كذلك عبر ذلك عبر أربعة نماذج من مصر وإسرائيل والمغرب ودولة خليجية.

ويحاول الفيلم الوثائقي التعرف على الظروف التي مر بها كل من هؤلاء الأربعة بعد أن أعلن عن مثليته أو اكتشف وما يتعرضون له من مضايقات ونظرة سلبية في المجتمع.

قريبا من الدين والسياسة

لم تكن القضايا الجنسية وحدها التي نالت الاهتمام، فالدين أيضا كان حاضرا في حلقات "ما لا يقال"، وخاصة قضية المتحولين من الإسلام إلى المسيحية في مصر التي ناقشتها حلقة "متنصرون".

في هذه الحلقة تجولت كاميرا بي بي سي في ثلاث دول هي مصر والمغرب والولايات المتحدة للتعرف على الظروف التي دفعت بعض الأشخاص للتنصر وكذلك الحجج المضادة من قبل ناشطين إسلاميين.

وقريبا من الدين أيضا وليس بعيدا من السياسة كانت حلقة "الأقباط في الشارع" التي حاولت إلقاء الضوء على العلاقة المعقدة بين الأقباط والمسلمين في مصر.

ركز الفيلم على بعض الأحداث الهامة التي وقعت خلال السنوات الأخيرة مثل واقعة اعتداء شاب على بعض المصلين في كنائس الاسكندرية عام 2006.

منبر للمشاهدين

اما ما يميز هذه الحلقات الأربع بصورة عامة وكل حلقات "ما لا يقال" أنها لم تقتصر على عرض الفيلم الوثائقي، بل أعقبته ساعة كاملة من النقاش مع خبراء وناشطين في تلك القضايا بمشاركة معد البرنامج، مما أعطى بعدا وعمقا للمناقشة.

ولم يقتصر الأمر على الضيوف المتحدثين في الاستوديو أو عبر الأقمار الصناعية كما يحدث عادة في القنوات الفضائية، بل أتاحت بي بي سي الفرصة لكل مشاهديها للإتصال والمشاركة المباشرة أثناء البرنامج مما مكن عددا متابعي الحلقة للإدلاء بآرائهم.

ولعل تلك المشاركات المباشرة التي أدلى بها المشاهدون وجرأة البرنامج في طرح مثل هذه القضايا بدرجة من الجدية والموضوعية من أبرز الأسباب التي أدت لتميز "ما لا يقال" عن الكثير من البرامج الأخرى في الفضائيات العربية.

وعلى الرغم من أن برنامج "ما لا يقال" وكل البرامج الحوارية لا تهدف للوصول إلى إجابات قاطعة ونتائج نهائية، إلا أن النقاش الذي شهدته تلك الحلقات قد ساهم من دون شك في تحفيز المشاهدين على التفكير بصوت مسموع ولفت نظرهم إلى قضايا ربما تكون قريبة منهم، لكنهم لم يلحظوها في زحمة الحياة اليومية.

وقد تلقى فريق العمل بالفعل مقترحات لبعض القضايا لمناقشتها والتي قد يرى بعضها النور في الموسم القادم.

http://www.bbc.co.uk/arabic/multimedia/2010/06/100624_ma_la_yoqal.shtml

BBC arabic

No comments: