Thursday, December 03, 2009

تقرير لـ١٦ منظمة حقوقية: مصر دولة «بوليسية» يحكمها الأمن.. وقانون الطوارئ أهدر أحكام الدستور


كشف تقرير «ملتقى منظمات حقوق الإنسان المستقلة»، الصادر أمس، عن تردى أوضاع حقوق الإنسان فى مصر، فى ظل ما سماها «الدولة البوليسية»، التى تلعب أجهزة الأمن فيها دورا كبيرا فى جميع المجالات .
وأكد أن الحكومة «تصرف الانتباه» عن انتهاكاتها بالحديث عن خطر الجماعات الإسلامية بالتوظيف السياسى للدين. وأشار التقرير الذى أعدته ١٦ من منظمات حقوق الإنسان غير الحكومية، إلى أن التعذيب يمارس بشكل منهجى فى مصر سواء للسياسيين أو الجنائيين على حد سواء، وأن الفقراء منهم يتعرضون لمختلف أنواع التعذيب كالضرب والسحل والصعق بالكهرباء، منتقدا تدخل الدولة فى القضاء ومحاولة النيل من استقلاله عن طريق السلطات الواسعة الممنوحة للسلطة التنفيذية.
ورصد التقرير تعرض المصريين لانتهاكات جسيمة لحقهم فى المشاركة فى الانتخابات، مشيرا إلى أن التعديلات الدستورية الأخيرة جعلت من المستحيل على المستقلين الترشح للانتخابات الرئاسية. وجاء فى التقرير أن هناك سيادة لنمط متكامل من الاستثناء والانتهاكات فى ظل مناخ من الحصانة تم إنشاؤه وتعميمه بشكل عمدى على مدار عدة عقود.
وأضاف: «لعبت حالة الطوارئ المفروضة دون انقطاع منذ عام ١٩٨١ دورا أساسيا فى ترسيخ هذا النمط وتعميم الاستثناء وإهدار حكم القانون، مما أدى إلى تآكل مقومات الدولة القانونية وتحطيم ثقة المواطنين فى الدولة وشعورهم بقيمتهم الذاتية، الأمر الذى أدى إلى توسع سلطات الأجهزة الأمنية حتى تحولت مصر إلى دولة بوليسية».
وأشار التقرير إلى أن الحكومة تلجأ إلى عدة وسائل لصرف الانتباه عن سجلها الحقوقى الذى وصفه بـ«المشين» كالتذرع بخطر جماعات الإسلام السياسى، والتوظيف السياسى للدين أو لدعاوى ثقافية لإضفاء قدر من المشروعية على انتهاكات حقوق الإنسان،
لافتا إلى استمرار الاختلال فى مؤشرات العدالة الاجتماعية وارتفاع نسبة الفقر بدلا من أن تنخفض، واتساع نطاق التفاوت فى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بين الريف والحضر، وبين الأغنياء والفقراء. وأضاف: «إن الحكومة المصرية تلعب دورا قياديا واضحا فى إضعاف الآليات الدولية والإقليمية لحماية حقوق الإنسان وداخل المجلس الأممى، وسعت مراراً إلى حماية الحكومات التى ترتكب انتهاكات حقوقية جسيمة، وتقيد حرية التعبير».
وأكد التقرير أن التردى المستمر فى أوضاع حقوق الإنسان ليس نتاج الثقافة المجتمعية أو نقص الموارد المادية أو الحاجة إلى التدريب وبناء القدرات - وهى حجج تستخدمها الحكومة - وإنما نتاج للافتقار إلى الإرادة السياسية اللازمة من جانب مؤسسات الدولة للتخلى عن سياسات معينة واحترام وتعزيز حقوق الإنسان.
وأضاف التقرير: «إن النظام القضائى المصرى يحفل بأشكال مختلفة من انتهاك معايير المحاكمات المنصفة وضمانات استقلال القضاء، وأدى استمرار العمل بقانون الطوارئ إلى الإهدار الفعلى لقيم دولة القانون والمساواة أمام القضاء فضلا عن تقويض مؤسسات العدالة عبر إنشاء نظم قانونية استثنائية موازية لها، الأمر الذى سمح للأجهزة الأمنية بتعطيل أحكام الدستور على مدى ما يقرب من ثلاثة عقود، ووضع قيود على الحريات الشخصية كحرية التنقل والاجتماع والإقامة،
وتكفلت التعديلات الدستورية عام ٢٠٠٧ بإضفاء حماية دستورية على هذا الوضع، الذى وصفه التقرير بـ(الشاذ) الذى يقضى على القضاء الطبيعى وإنشاء نظام مواز له لإجراء محاكمات لا ترغب الدولة فى إجرائها أمام القضاء الطبيعى».
وأكد التقرير أن حرية التعبير فى تراجع مستمر خلال العقود الماضية، حيث تصر الحكومة على الإبقاء على قوانين وسياسات تكرس التمييز على أساس الدين أو المعتقد خاصة التمييز ضد الأقباط الذين يشكلون نسبة من ٨-١٠% من سكان البلاد كما استمرت ملاحقة أو اعتقال أشخاص على أساس معتقداتهم الدينية لا ترضى الدولة عنهم كالشيعة والقرآنيين.
وأشار التقرير إلى أن الخطر الأكبر يتمثل فى ازدياد التحرش بالمسيحيين والبهائيين دون مبالاة من الدولة.. وفيما يخص حرية الرأى، فبالرغم من وعد رئيس الجمهورية بإلغاء الحبس فى قضايا النشر، فقد تزايدت حالات الملاحقة القضائية للصحفيين وواصلت الحكومة رفضها تعديل القوانين التى تجيز الحبس فى قضايا النشر، فضلا عن التضييق على القنوات الفضائية الخاصة وحجب مواقع الإنترنت والقبض على عدد من المدونين على خلفية آرائهم السياسية.
ورصد التقرير عدم الحرية فى تشكيل التنظيمات النقابية المستقلة، حيث إن القانون يُخضع جميع التشكيلات النقابية العمالية لإشراف ورقابة وزارة القوى العاملة ويمنح الحق للوزارة فى الاعتراض على إجراءات تكوين المنظمات النقابية، وبالنسبة لحرية التجمع السلمى تستخدم الدولة القيود التشريعية والعنف المفرط فى حرمانهم من هذا الحق.
وأشار التقرير إلى أن المصريين يواجهون انتهاكات جسيمة لحقهم فى المشاركة فى الحياة العامة عبر الانتخابات، حيث فرضت التعديلات الدستورية الأخيرة قيودا مستحيلة حرمت المرشحين المستقلين فعليا من التنافس فى الانتخابات الرئاسية.
أما الانتخابات البرلمانية فإن آخر انتخابات لها جرت عام ٢٠٠٥ شهدت عنفا غير مسبوق أدى إلى مصرع ١٣ مواطنا نتيجة للطوق الأمنى المشدد من جانب الأمن المركزى على مقار التصويت بينما شهدت انتخابات مجلس الشورى وانتخابات المجلس المحلى - وهى أسوأ انتخابات شهدتها البلاد - تدخلا أمنيا وإداريا قويا وتجاهلا للعديد من الأحكام القضائية
كتب هشام عمر عبدالحليم ٣/ ١٢/ ٢٠٠٩
Almasry alyoum

No comments: