يدلى المستشار محمود الخضيرى، نائب رئيس محكمة النقض، بشهادته عن أوضاع القضاء وأحوال المحاكم بعد ٤٦ سنة قضاها على منصة القضاء، منها ٢٠ سنة داخل محكمة النقض،
ويكشف المستشار الخضيرى أسباب الاستقالة التى تقدم بها الأسبوع الماضى، منها «احتجاجا على تردى أوضاع القضاة، ويأسه من إصلاح أحوال القضاء» كما يتحدث عن صور تدخلات السلطة التنفيذية فى القضاء.
ويكشف المستشار الخضيرى فى الحلقة الثانية من حواره لـ«المصرى اليوم» تدخلات وزير العدل فى العمل القضائى، وخاصة الأحكام القضائية التى يصدرها بعض القضاة فى المحاكم، وكيف يستخدم سطوته وسلطته للهيمنة على القضاة من خلال «أعوانه» رؤساء المحاكم،
ويتحدث القاضى المستقيل عن فترة حساسة من تاريخ مصر وهى التى شهدت الاستفتاء على التعديلات الدستورية، والانتخابات الرئاسية ثم الانتخابات البرلمانية،
ويؤكد أن السلطة التنفيذية وعلى قمتها الرئيس مبارك، «مخنوقة» من القضاء بسبب كشفهم ما يسمى تزوير الانتخابات وفضحهم التجاوزات والانتهاكات التى حدثت، لذلك كان طبيعيا تعديل الدستور بهدف سحب الإشراف على اللجان الانتخابية من القضاة، على حد تعبيره.. وإلى نص الحوار..
■ نسمع عن التأثير على القضاة فى عملهم.. هل يحدث ذلك وكيف وما نوعه؟
- نعم، هناك تأثير على القضاة حتى يصدروا أحكاما معينة، والتأثير له أشكال وأنواع عديدة، منها ما يمثل خطورة شديدة على القضاء ونزاهته، وبالطبع لا يتم التدخل فى جميع القضايا، بل فى قضايا معينة تهم الدولة أو النظام أو حتى مسؤولين نافذين ورجال أعمال.
■ كيف يتم ذلك وبعض القضاة ينفى حدوثه أصلا؟
- لهم الحق فى نفى ذلك، لكنها شهادة رجل قضى داخل القضاء أكثر من ٤٦ سنة، منها ٢٠ سنة فى محكمة النقض، وأستطيع القول إن هذا يحدث بطرق مختلفة فى الأسلوب، كما أؤكد أن هذا لا يحدث أيضا مع أى أحد، فلا يمكن أن يتدخل أى مسؤول عند الخضيرى مثلا، بل لا يجرؤ أن يفعل ذلك، لأنه سيقابل بطريقة لا يمكنه أن يتخيلها.
■ وما هى أبرز صور التدخل؟
- اختيار قاضٍ بعينه لنظر قضية بعينها، وهذا من أفظع الطرق للتدخل فى القضايا، وأفظع صور التلاعب بالقضاء، بمعنى أن القضايا لا يتم توزيعها على القضاة أو الدوائر بطريقة موضوعية ومضبوطة للجميع سلفا، أى لا يعرف أحد حتى القاضى نفسه هذه القضية «رايحة فين»، لكن يحدث فى المحاكم أن يقوم رئيس المحكمة باختيار قضاة معينين لنظر قضايا معينة، والدليل مثلا أن معظم المحامين المترددين على المحاكم أصبحوا يعرفون الحكم قبل صدوره من خلال إحالة القضية إلى دائرة معينة، وهذه مسألة فى منتهى الخطورة، وهناك طريقة أخرى للتأثير على القضاء بندب القضاة للعمل فى وظائف غير قضائية فى الوزارات والهيئات بجانب عملهم القضائى.
■ بصراحة هل تحدث اتصالات هاتفية لبعض القضاة فى قضايا معينة على طريقة الأفلام؟
- لا يحدث ذلك بتلك الفجاجة، إلا مع نوعية ضئيلة من القضاة وهم ضعفاء النفوس أو الذين فى قلوبهم هوى أو مرض، أقصد الذين يجرون وراء المناصب والأموال، كما يمكن أن يحدث ذلك مع القضاة صغار السن وعديمى الخبرة، لكن بشكل عام هناك أساليب أخرى غير مباشرة، تجدى نفعا مع عدد كبير من القضاة، وهى جعلهم يلهثون وراء الفوز بمنصب محافظ أو حتى وزير أو ندب لوظيفة بمبلغ محترم، والمسألة تأتى فى صورة كلام يُلقى، مثل «هناك حركة تعيينات أو حركة محافظين مقبلة».. وهكذا، وكل لبيب بالإشارة يفهم.
■ وما هو الحال مع القضايا السياسية أو الحساسة؟
- لا يختلف الأمر، فما دام هناك اختيار قاض معين لنظر قضية معينة، فالمسألة ستصبح محل شك وارتياب يؤثر على القضاء ونزاهته.
■ هل تذكر قضايا معينة؟
- كثير من القضايا، ولا أحب أن أخوض فيها.
■ لكن الرأى العام يريد أن يعرف ما يحدث خصوصا أن مرجعيتنا جميعا كقضاء وسلطة للشعب؟
- هناك قضية حدث فيها ذلك وهى القضية المعروفة بالمبيدات المسرطنة الخاصة بوزير الزراعة الأسبق د.يوسف والى، وهذه القضية أحيلت إلى قاض معين، حتى يستصدر فيها حكما معينا، وهذا ما حدث، كما لا أخفيك سرا أن هناك قضاة كثيرين مع الأسف يتمنون أن يتم اختيارهم كمحافظين، ولذلك قد يفعلون أى شىء فى سبيل اختيارهم لذلك المنصب أو لمناصب تنفيذية أخرى، رغم أن القاضى الحقيقى لا تعوضه مناصب الدنيا عن منصة القضاء، وأى قاضٍ هو أعلى من أى وزير فى الحكومة.
■ لماذا لا تكون هناك طريقة موضوعية عند إحالة أو توزيع القضايا؟
- المفترض أن يتم توزيع العمل عن طريق الجمعية العمومية لكل محكمة، لكن ما يحدث أن رؤساء المحاكم، وهم أعوان الوزير ورجاله وعيونه على القضاة، لديهم ما يسمى بـ «التفويض من الجمعية العمومية» فيستغلونه أول ما يستغلونه بالتأشير بإحالة قضية معينة لنظرها أمام دائرة معينة، غير الدائرة الأصلية التى من المفترض أن تنظرها.
■ لماذا لا يعترض القضاة داخل المحاكم؟
- بعض القضاة يبررون ذلك بأنها مواءمات للعمل كما أنهم يؤكدون لبعضهم البعض أن أحدا لا يستطيع أن يتدخل فى القضية مهما كان، وكثير من القضاة مع الأسف «بيقولوا وأنا مالى»، خصوصا أنهم لا يريدون أن يخسروا وزراة العدل بما تملكه من إغراءات مادية، فيصبحوا محكومين بالمزايا، كما أن القاضى المحال إليه يعتبرها فرصة لتقديم نفسه فى انتظار المكافأة، والنفس البشرية أمارة بالسوء، وأخطر شىء يهدد القضاء هو نظر القضاة إلى الوظائف التنفيذية فى الوزارات أو تعيينهم كمحافظين، وغيرها من المناصب، وأطالب بتعديل فى القانون يحظر على القضاة تقلد أى مناصب تنفيذية حتى بعد تقاعدهم بل حتى لو استقالوا من القضاء
.
■ إذن المشكلة فى التفويض؟
- بالطبع التفويض له دور كبير فيما يحدث.. والتفويض شكلا قانونى لكنه تحول إلى عمل غير قانونى، فقد كان هدفه هو عدم التوسع بحيث لا يكون إلا فى أمور معينة، وأهمها عدم تعطيل العمل أثناء العام القضائى، حتى لا تتم دعوة جميع القضاة بمحكمة معينة لجمعية عمومية لنظر أمر، فيقوم رئيس المحكمة عن طريق التفويض باتخاذ اللازم نحوه، لكنه تحول إلى عمل مشبوه، فأصبح يستخدم فى أعمال تسىء للقضاء والقضاة، ومنها إحالة قضية بعينها إلى قاضٍ بعينه، بدلا من إحالتها إلى قاضيها الطبيعى.
■ إذن المشكلة فى التفويض؟
- بالطبع التفويض له دور كبير فيما يحدث.. والتفويض شكلا قانونى لكنه تحول إلى عمل غير قانونى، فقد كان هدفه هو عدم التوسع بحيث لا يكون إلا فى أمور معينة، وأهمها عدم تعطيل العمل أثناء العام القضائى، حتى لا تتم دعوة جميع القضاة بمحكمة معينة لجمعية عمومية لنظر أمر، فيقوم رئيس المحكمة عن طريق التفويض باتخاذ اللازم نحوه، لكنه تحول إلى عمل مشبوه، فأصبح يستخدم فى أعمال تسىء للقضاء والقضاة، ومنها إحالة قضية بعينها إلى قاضٍ بعينه، بدلا من إحالتها إلى قاضيها الطبيعى.
■ ووزير العدل.. هل يتدخل؟
- بالطبع، وهذا لا يتم إلا برغبة وزير العدل التى هى رغبة الحكومة فى الأساس وهو يمثلها فى القضاء والمحاكم، وهو أداة النظام الحاكم، فعندما تكون للحكومة مصلحة فى قضية معينة، تقوم عن طريق وزيرها بتحريك الأمور، والوزير يعطى تعليماته لرؤساء المحاكم الذين يختارهم ويعينهم بمزاجه، ويستطيع أن يقيلهم من مناصبهم بمزاجه أيضا، ورغم أن مجلس القضاء الأعلى له حق الموافقة على اختيارهم وتعيينهم لكن يبقى الأمر شكليا فى النهاية، لأن الوزير يدير القضاء ويسيطر على القضاة بوسيلتين أساسيتين: الأولى من خلال أعوانه رؤساء المحاكم، والوسيلة الأخرى عن طريق التفتيش القضائى، الذى نجاهد لنقل تبعيته إلى مجلس القضاء الأعلى، رغم أن ممدوح مرعى يسعى حاليا بكل قوته لفرض سطوته وهيمنته على المجلس الأعلى من خلال مشروع قانون توسيع عضويته وضم رؤساء المحاكم الابتدائية إلى تشكيله.
■ لكن المشروع يتضمن ضم رؤساء محاكم استئناف جدد أيضا؟
- بالفعل، لكن مع الأسف فالمفروض أن رؤساء محاكم الاستئناف لا سيطرة للوزير عليهم، لأن اختيارهم بالأقدمية المطلقة، لكن عن طريق وسائل الترغيب والإغراءات وتمنيتهم بالمناصب التنفيذية، قد يتم التأثير عليهم.
■ ولماذا يحدث ذلك مع رؤساء محاكم الاستئناف وليس نواب رئيس محكمة النقض؟
- هناك حساسية بين الاثنين، رؤساء الاستئناف ونواب النقض، وهذه من الأمور المسكوت عنها داخل القضاء لكنها أشبه بالنار تحت الرماد، ومع الأسف الحكومة والنظام والأمن هم من يساهمون فى جعل النار مستعرة تحت الرماد، عن طريق الإيقاع بين القضاة وبعضهم البعض، فيوهمون القضاة بأن نائب النقض «حاسس بنفسه وبأنه أحسن منك»، ويرددون لهم أن نواب النقض هم السوبر رغم أنهم الأقل عددا والأعلى منصبا واختيارهم يتم بالكفاءة، أما مستشارو الاستئناف فهم الشغيلة، الذين يعملون أكثر وعددهم أكبر ودرجتهم القضائية أقل،
وهذا كله يتم بهدف تأجيج الخلافات داخل القضاء، واستغلالها للإيقاع بين القضاة، خصوصا أن اختيار أى من مستشارى محاكم الاستئناف للالتحاق بمحكمة النقض لا يتم إلا بترشيح من الجمعية العمومية لمحكمة النقض وبناء على تقارير الكفاءة والإنجاز، لكن ما أحب أن أقوله إن مستشارى الاستئناف هم على نفس الدرجة القضائية، وهم الأقدم داخل القضاء، والأقدمية لها الاحترام بحسب تقاليدنا القضائية، ولا امتياز لقاضٍ على قاضٍ إلا بعمله وعدله.
■ هل تشعرون بأن الرئيس مبارك يكره القضاء؟
- السلطة التنفيذية بشكل عام تكره القضاء، لأنها تشعر بأن القضاة يراقبون عملها وتصرفاتها، فالقضاة فى أحكامهم قد يحاكمون الحكومة أو النظام، ويتضح ذلك بشكل خاص فى مجلس الدولة.
■ بصراحة.. هل تعتقد أن النظام الحاكم «مخنوق» من القضاة؟
- بصراحة شديدة نعم.. أعتقد أن النظام يضيق بالقضاة، وكل القضاة يشعرون بذلك.
■ لماذا؟
- لأسباب متعددة، أعتقد أن أهمها على الإطلاق أننا كقضاة أحرجنا النظام الحاكم وأغضبناه، عندما كشفنا عورة تزوير الانتخابات العامة والاستفتاءات الرئاسية والتعديلات الدستورية على المستوى العالمى، وبصراحة من الممكن أن يقول الجميع إن الانتخابات يتم تزويرها لكن أن يعلنها أو يكشفها القضاة فى تقارير موثقة فيما يسمى بـ«تقارير تقصى الحقائق» فى الاستفتاء والانتخابات البرلمانية والرئاسية، فهذا قد تسبب فى كشف الدولة وفضح النظام الحاكم، ويذكرنى هنا أن أحد الصحفيين اليابانيين تحدث عن تزوير الانتخابات فى مصر، وقال إن هذا الأمر مكرر، لكن المثير والجديد أن يعلنه القضاة بأنفسهم، لذلك كان الصدى مدويا فى الخارج قبل الداخل.
■ أتصور أن النظام رد لكم الصفعة - إن جاز التعبير- عندما عدل الدستور لكى يلغى الإشراف القضائى الكامل.. ما رأيك؟
- هذا صحيح.. وكنا متأكدين أن النظام الحاكم سيلغى المادة ٨٨ من الدستور، الخاصة بالإشراف القضائى على اللجان الانتخابية، أى قاض على كل صندوق، وبالمناسبة علمنا من مسوؤلين نافذين من داخل النظام، أن الحكومة تسعى لإلغاء الإشراف القضائى، وكان الهدف الرئيسى من التعديلات الدستورية، هو إلغاء الإشراف القضائى، لذلك فقد وصفتها بـ«النكسة»، لكن فى الحقيقة تصورنا أنهم سيقرون قانونا لتنظيم الإشراف القضائى، وإلغاء إشراف القضاة الكامل عليها، لكن ترزية القوانين كانوا أكثر دهاء فوضعوا نص إلغاء الإشراف القضائى الكامل على الانتخابات فى الدستور، حتى لا نطعن عليه بعدم الدستورية.
■ البعض يرى أن إعلانكم وكشفكم التجاوزات التى حدثت فى الانتخابات العامة أضر بالبلد ومصلحة المواطنين، لأنه أدى إلى إلغاء الإشراف القضائى، وأعادنا إلى ما قبل انتخابات عام ٢٠٠٠؟
- «طيب» كيف كنا سنتصرف أمام ما يحدث من تزوير فاضح وانتهاكات شديدة، هل كنا نرى التزوير بالصورة الفاضحة، ونصمت عليه، ثم يخرج علينا مسؤولون كبار ليعلنوا أن الانتخابات تمت بشفافية ونزاهة، تحت إشراف قضائى كامل، كما كان يخرج من داخل القضاء مستشار لينفى حدوث أى تجاوزات، هل البديل أن نصمت ونتحول إلى شياطين خرس؟! أنا مندهش من ترديد أن القضاة الشرفاء هم من أخطأوا لأنهم كشفوا التزوير، وما كان يجب ذلك، لكن أقولها واضحة: هذا دورنا ولمصلحة البلد والشعب فعلنا ما فعلناه، وليس لمصلحتنا.
■ لكن الشعب إما شارك فى الاستفتاء بالموافقة على التعديلات الدستورية أو قاطعها، وفى الحالتين نجحت الدولة فى إلغاء الإشراف؟
- بالفعل.. لكننا تحركنا لكشف التجاوزات ولم نصمت عن قول الحق، وكانت النتيجة أن الناس صمتوا على ما يحدث ولم يعترضوا، وأحب أن أوضح هنا أننا لا نتمسك بالإشراف على الانتخابات، بل نريد أن يكون الإشراف من أى جهة بحياد وشفافية.
■ تقصد أن يكون هناك إشراف دولى على الانتخابات فى مصر؟
- نعم.. لكنى لا أتوقع أن يقبل النظام ذلك بسهولة، كما أن القضاة ليسوا الشرفاء الوحيدين فى مصر كما كان يحلو للبعض التقليل من شأننا، لكن القضاة هم الفئة التى تعتبر سلطة من سلطات الدولة، وأى فئة أخرى فى البلد، مهما كانت محترمة ونزيهة، فإن الشرطة والأمن سيقمعها، حتى إن هذا تم مع القضاة أنفسهم بالاعتداء عليهم وتكسير عظامهم أحيانا، إذن يبقى الإشراف الدولى هو الحل المناسب.
■ وكيف يمكن أن يتحقق ذلك؟
- يمكن أن يحدث تحت الضغط الشعبى والوعى العام، رغم أننى أتوقع أن تتلاعب به الحكومة، وتلتف حوله، ولا أخفيك سرا إذا قلت إننى عندما أسمع الحكومة أو أى مسؤول يقول إن الانتخابات المقبلة ستتم بشفافية ونزاهة، أستبشر شرا بأنها ستزور، لأنه إذا وقف الحرامى وقال أنا مش هسرق، فبالتأكيد لن يجد عاقلا يصدقه، وعموما لا يوجد أحد يعلن أنه شريف، فالمفترض أن الجميع شرفاء حتى يثبت العكس.
■ لكن رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء اعترفا بحدوث تجاوزات فى الانتخابات؟
- الرئيس قال إنه قد حدثت بعض التجازوات، وأنا أساله: يا سيادة الرئيس إذا كان ما حدث فى الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية أو الاستفتاء مجرد تجاوزات، «أُمال الجرائم تبقى إيه؟!»، وإذا كان مسؤول كبير على رأس السلطة القضائية، وهو المستشار مقبل شاكر يخرج علينا ليقول إنه لم يسمع أن الانتخابات تم تزويرها، وكل شىء سليم ولم تحدث أى تجاوزات فى أى انتخابات سابقة،
وقال أيضا عندما سألوه عن لجنة تقصى الحقائق: «الخضيرى ماله ومال الانتخابات هو لم يشرف عليها»، فأنا بدورى أسأله: «يا سيادة المستشار وشيخ القضاة، ما رأيك فى شهادات القضاة الذين أشرفوا على الانتخابات.. وكتبوا تقارير بتزويرها والانتهاكات التى حدثت؟!».. هذا كلام لا يرد عليه إلا بقولى «الله يسامحكم» على ما فعلتموه وتفعلونه بالبلد.
■ لكنك بالفعل لم تشارك فى الإشراف، ومع ذلك كنت الأعلى صوتا؟
- أنت تعرف أننا فى نادى قضاة الإسكندرية، أثناء فترة رئاستى له، شكلنا لجنة لمتابعة الانتخابات ورصد التجاوزات التى تحدث داخل اللجان وضد القضاة تحديدا، وشكلت اللجنة من حوالى ٢٠ قاضيا ومستشارا، بهدف تلقى الشكاوى الخاصة بإجراءات وسير العملية الانتخابية، وكنا نتلقى التجاوزات على فاكس النادى،
كما أننى قمت بالمرور على اللجان الانتخابية والاطمئنان على القضاة داخل اللجان، وشاهدت وتلقيت مستندات وأوراقاً تثبت أن الانتخابات تم تزويرها فى عدد كبير من الدوائر، وهو ما كشفته أيضا أحكام محكمة النقض فيما بعد،
ومازلت أحتفظ بمستندات رسمية عبارة عن أصول الأوراق الانتخابية كالفرز بالتوقيعات، وعدد الأصوات التى تثبت وقائع التزوير..المثير أننى أمتلك أوراقا رسمية لعدد من الدوائر كبندر دمياط مثلا، ومع ذلك فإن الحكومة أعلنت النتيجة ولا أدرى أين هى المستندات التى تملكها لتعلن ذلك، وأنا لدى أصول الأوراق.
■ ما الدرس الذى تعلمته من تلك التجربة؟
- تأكدت من خلال تلك التجربة، أن الإرادة الشعبية مازالت قوية، لأننى عندما ذهبت إلى لجنة فى كرموز، ووجدت عددا كبيرا من الشباب ملتفا أمام لجنة معينة، والبلطجية والأمن لا يستطيعون أن يقتربوا من اللجنة، عرفت أنهم مجموعة من شباب المنطقة، وأن اللجنة خاصة بالسيدات، فاتفقوا على عدم اقتراب الأمن المركزى أو البلطجية من تلك اللجنة حتى لا يتم التعدى عليهن أو الاحتكاك بهن، وعندما دخلت إلى اللجنة وجدت إقبالاً كبيراً على التصويت، دعنا نتخيل أن هذه التجربة تكررت فى كل لجنة وتصدى المواطنون للتجاوزات والحفاظ على الأمن والنظام داخل وخارج اللجان، ماذا سيحدث؟!
دون شك فإن الحكومة ستشعر بالخطر، لأن الحكومة لا تستطيع أن تتعرض لأحد إلا إذا كانت متأكدة أنها قادرة على قهره، وحسابات رجال الشرطة مختلفة، فالأمن لا يتدخل إذا كان سيخسر، وأنا مؤمن بأن الشعب أقوى إذا عرف قوته وقدراته جيدا.
■ ما رأيك فيما يوصف بـ«عسكرة القضاء»، أى أن يستقيل ضباط الشرطة ليتم تعيينهم فى القضاء؟
- أعتقد أن ذلك عمل مؤسف وغير موفق بالمرة، لأن التربية مختلفة بين الاثنين، وسأضرب مثلاً بذلك فالقاضى الذى كان ضابطا يفاخر بأنه يحبس ويستخدم أساليب البوليس ويتعامل على أنه ضابط، ورغم أن لكل قاعدة شواذ، فإن أكبر شواذ هذه القاعدة المستشار محمود مكى نائب رئيس محكمة النقض، فقد كان ضابطاً بالأمن المركزى، ومع ذلك فهو حاليا أحد أبرز القضاة المؤمنين بقضية إصلاح القضاء والمطالبين باستقلاله.
■ وهل هناك هدف وراء التوسع فى تعيين الضباط بالقضاء؟
- بالطبع.. فمسلك الضابط قريب جدا إلى تنفيذ الأوامر الفوقية التى تصدر إليه، وهو لا يستنكف تنفيذ أى أوامر، لأن تربيته تفرض عليه ذلك، بعكس القاضى الذى تتم تربيته على أنه مستقل وغير تابع لأحد ولا أحد يرأسه، حتى رئيس الدائرة التى يعمل فيها أو رئيس المحكمة، وتوسيع قاعدة تعيين الضباط فى القضاء شىء مؤسف
حوار طارق أمين
Almasry alyoum
No comments:
Post a Comment