أحمد فؤاد نجم يوصف من قبل كثيرين بأنه ليس فقط مجرد شاعر عامية له أراء لأذعه سياسيًا، وإنما ظاهرة سياسية وإنسانية وفنية تجذب بإنفرادها فئات بعينها كالفقراء والموجوعين ومن يحلمون بالعدل في واقع مشتد فيه فعل الألم
ولد نجم في محافظة الشرقية عام 1929 لأم كانت أمية تعمل بالفلاحة وأب يعمل بالشرطة، وقد كان لنجم لستة عشر شقيق كعادة أهل ذلك الزمان في زيادة الإنجاب.
ظلت الحياة طبيعية بالنسبة للنجم إلى حين أن توفي والده فأنتقل للعيش داخل ملجأ للأيتام بالزقازيق وتخرج منه وهو بعمر السابعة عشر لينتقل للعيش بالقاهرة ويعمل في رعاية "البهائم"،
لكن بعد سنوات ليست بالطويلة ترك نجم ذلك العمل ليلتحق بإحدى المعسكرات الإنجليزية ويساعد الفدائيين في تنفيذ عمليات ضد تلك المعسكرات إلى حين أن تم إلغاء المعاهدة الإنجليزية المصرية ودعوة الحركات الوطنية للعاملين في تلك المعسكرات إلى تركها، مما دفع بنجم لتنفيذ تلك الدعوة والانتقال للعمل بورش النقل الميكانيكي إلى أن قام أحدهم بسرقة معدات إحدى الورش التي كان يعمل بها نجم ليدخل السجن لتنفيذ حكم الحبس لثلاثة سنوات كتب بها نجم ديوانه العامي الأول"صور من الحياة والسجن" ليشتهر نجم من خلف الأسوار خاصة بعد أن قدمت لديوانه الأول سهير القلماوي.
بعد تجربة السجن والشهرة تلك أصبح نجم أحد شعراء الإذاعة المصرية و عُين موظف بمنظمة تضامن الشعوب الآسيوية الأفريقية،لكن كل هذا لم يرفع وضعه الاجتماعي حيث سكن بغرفة صغيرة على سطح أحد بيوت حى"بولاق الدكرور" ليحمل له القدر مفاجأة جيدة بمقابلة الشيخ"إمام" في حارة "خوش" ويكونا معًا ثنائي ناجح يجعل من تلك الحارة ملتقي للمثقفين.
من أشهر الأغنيات التي كتبها أحمد فؤاد نجم وغناها الشيخ إمام" رجعوا التلامذة يا عم حمزة....للجد تاني ....يا مصر أنتي اللي باقية وأنتي قطف الأماني ...ولا الصحافة والصحفجية شاغلين شبابنا عن القضية".بعد أن قام الشيخ "إمام" بغناء تلك الكلمات تحت تمثال "نهضة مصر" أمام ما يقرب من ثلاثون ألف طالب،
أعتقد كثيرين أن شهرة"نجم" ستنحصر بين الطلاب والمثقفين إلا أن الوقت أثبت لهم العكس فشعر"نجم" كان دائمًا من الشعب للشعب، لأن انحصار الشهرة برأي "نجم" بين فئات المثقفين والطلاب إنما يعنى أن ما يكتبه ليس إلا"فانتازيا" أو شيء"أورينال".
أنتقد "نجم" كثيرين بشكل لاذع وتعرض هو أيضًا للنقد،ومن أشهر من وجه لهم النقد الشاعر عبد الرحمن الأبنودي ليس بشاعر عامية،فـ"نجم" لا يراه مبدعًا وإنما هو جزء من المؤسسة الحكومية وصناعة إعلامية بعيد كل البعد عن الشعب ويكفي أنه يعيش بالزمالك مع الأرستقراطيين، ويعتقد"نجم" أن رأيه ذلك في الأبنودي ليس دليل ما قد يوصف بأنه عليه" حقد طبقي" لأنه-أي نجم- لو أراد أن يكون مثله لكتب الكثير وأصبح من الأغنياء.
تعرض إمام للسجن في كل مراحل حياته ومع مختلف الأنظمة السياسية التي مرت بمصر إلا أنه كتب قصيدة رثاء عند وفاة "عبد الناصر" رغم كل ما تعرض له أثناء فترة حكمه حيث قال" موسى نبي ،عيسي نبي،محمد نبي،وكل وقت له أدان ...وكل عصر وله نبي....وإحنا نبينا كده من ضلعنا نابت....لا من سماهم وقع...ولا من مره شابت....ولا انخسفت له القمر....ولا النجوم غابت....أيوة صعيدي وفهم....أمه طلعته ضابط....ظبط على قدنا وعلى المزاج ظابط....فاجومي من جنسنا ....مالوش مره ثابت....فلاح قليل الحيا إذا الكلاب عابت....ولايتطيش للعدا مهما السهام صابت....عمل حاجات معجزة وحاجات كتير خابت....وعاش ومات وسطنا على طبعنا ثابت....وإن كان جرح قلبنا كل الجراح طابت....ولايطولوه العدا مهما الأمور جابت".
الصحافة يرى"نجم" أنها لم تقدره وإنما كانت جزء لا يتجزأ من حملة الهجوم عليه والسخرية من حياته، وهناك الكثير من المواقف التي تؤكد ذلك أكثرها طرافة تعليق محمد عودة عند زواج"نجم" من صافيناز كاظم حيث كتب " يعنى شكوكو تزوج سهير القلماوي"، ولكن هذا لا يعني "نجم" الأن فقد صرح منذ أيام وهو بالثمانين من العمر أن زواجه بالمثقفات لم يحقق له شعوره بالحضارة والرقي مثلما تحقق له بزواجه الأخير من سيدة غير متعلمة وتصغره بنحو أربعين عام، لكنه وجد معها حضارة سبعة ألف عام كما أكد. الجدير بالذكر أن "نجم" لم يكمل تعليمه وغير حاصل على شهادات عليا جامعية ولم يسعى ليحقق ذلك،فهو يرى أن الشعر موهبة فطرية والثقافة تتكون من القراءات المتعددة وليس من مدرجات الجامعة
بقلم: باسنت موسى
No comments:
Post a Comment