انتقدت منظمة العفو الدولية وضع حقوق الإنسان فى مصر، وقالت «إن تجديد حالة الطوارئ لمدة عامين آخرين أدى إلى شعور بالاستياء على نطاق واسع»، متوقعة أن يمنح قانون مكافحة الإرهاب - الذى يجرى إعداده حالياً - «صلاحيات دائمة» للسلطات، تكون مماثلة لما يمنحه قانون الطوارئ، مما يسهل - حسب المنظمة - ارتكاب «انتهاكات جسمية لحقوق الإنسان». وأشارت المنظمة - فى تقريرها السنوى عن وضع حقوق الإنسان فى العالم لعام ٢٠٠٩، والذى أعلنته أمس - إلى حادث الدويقة.
وقالت إنه «سلط الضوء على معاناة سكان العشوائيات فى القاهرة، والذين يبلغ عددهم من ٥ إلى ١١ مليون نسمة، ويعيشون فى حوالى ألف منطقة عشوائية مكتظة تفتقر إلى المرافق والخدمات الأساسية».
وأضافت المنظمة - فى تقريرها المكون من ٤٠٠ صفحة ويغطى ١٥٧ دولة - «إن ارتفاع أسعار المواد الغذائية وتنامى الفقر أديا إلى اندلاع موجة من الإضرابات بين العاملين فى القطاعين العام والخاص، وتحولت بعض المظاهرات إلى صدامات عنيفة بين الشرطة والمتظاهرين، وحوكم عدد من المتظاهرين أمام محاكم الطوارئ». ولفتت المنظمة الدولية إلى أن الصحفيين «لا يزالون عرضة للحبس» بتهمة التشهير وتهم أخرى،
وقالت « إن السلطات ألقت القبض على مئات من النشطاء السياسيين، معظمهم من جماعة الإخوان المسلمين»، مشيرة إلى بقاء «آلاف السجناء السياسيين محتجزين رهن الاعتقال الإدارى بموجب قانون الطوارئ، وبينهم كثيرون محتجزون على هذا النحو منذ أكثر من ١٠ سنوات، مع تفشى التعذيب وغيره من أنواع المعاملة السيئة».
وقالت «إن وزارة الداخلية تقول إن عدد المعتقلين إداريا لا يتجاوز ١٥٠٠ شخص، لكن مصادر غير رسمية تقول إنه «يتجاوز ١٠ آلاف معتقل، محتجزون فى ظروف تعد من قبيل المعاملة القاسية، وبعضهم يعانى من الأمراض نتيجة ذلك»، مشيرة إلى «احتجاز عدد غير معروف من المواطنين المصريين المشتبه فى صلتهم بالإرهاب، والذين تمت إعادتهم قسراً من حكومات الولايات المتحدة ودول أخرى خلال السنوات السابقة، ويتعرضون للتعذيب فى مصر».
وأضافت: «إن المواطنين المصريين أحمد عجيزة ومحمد الزارع، أعيدا إلى مصر فى إطار برنامج النقل الاستثنائى، فى ديسمبر ٢٠٠١، على متن طائرة ألمانية، كما أعادت الاستخبارات المركزية الأمريكية أبوعمر المصرى فى فبراير ٢٠٠٣».
واتهمت المنظمة مصر بإجراء محاكمات «فادحة الجور» أمام المحاكم العسكرية والخاصة، و»مضايقة ومحاكمة» عدد من المدافعين عن حقوق الإنسان، و»استخدام قوانين قمعية»، للتصدى لانتقادات المعارضة، ومحاكمة عدد من الصحفيين بتهمة السب والقذف.
وأشادت المنظمة بتعديلات قانون الطفل وتجريم ختان الإناث، معربة عن مخاوفها من أن يؤدى النص الخاص بإباحة الختان فى حال وجود ضرورة طبية، إلى «تقويض حظر الختان».
وانتقدت المنظمة ما اعتبرته «تمييزا ضد المثليين» من خلال محاكمتهم وإجراء فحوص طبية عليهم رغما عنهم، كما انتقدت التمييز ضد الأقليات الدينية، وقالت «إن السلطات تحجم عن الالتزام بقرارات المحكمة الخاصة بحق من عادوا للمسيحية بإثبات ذلك فى بطاقاتهم الشخصية»
وأضافت المنظمة: «إن الصراع المتواصل بين الإسرائيليين والفلسطينيين، إلى جانب وجود القوات الأمريكية فى العراق، وبواعث القلق بشأن الأهداف النووية لإيران، والانقسام الواضح بين الإسلاميين والعلمانيين، والتوتر الناشئ بين التقاليد الثقافية والطموحات الشعبية النامية، خلق مناخ انعدام الأمن السياسى فى شتى أرجاء الشرق الأوسط، وأن الأزمة المالية العالمية زادت الإحساس بانعدام الأمن اقتصاديا واجتماعيا، وبدأ تضرر الفقراء أو من يعيشون على شفا الفقر من ارتفاع أسعار الأغذية،
وظهر ذلك من خلال تفجر حالات الإضراب وغيره من صور الاحتجاج من جانب العمال فى القطاعين الخاص والعام، فى مصر وغيرها من دول المنطقة». وحذرت المنظمة من أن الأزمة الاقتصادية تنذر بتصاعد انتهاكات حقوق الإنسان فى أفريقيا حال نزول الجماهير مجدداً إلى الشوارع، للاحتجاج على تدهور ظروف معيشتها، مما يعرضها إلى قمع شديد من السلطات،
مؤكدة أن انتهاكات حقوق الإنسان تزايدت مع الأزمة الغذائية العام الماضى حين قمعت العديد من الحكومات الأفريقية بقسوة المتظاهرين المحتجين على ارتفاع أسعار المواد الأساسية.
وقالت أمين عام المنظمة إيرين خان: «إن العالم يرقد فوق قنبلة اجتماعية وسياسية واقتصادية موقوتة، من جراء أزمة حقوق الإنسان التى تتكشف أمامنا يوما بعد يوم». وأضافت خان: «إن الأزمة الاقتصادية تخفى وراءها أزمة متفجرة لحقوق الإنسان، فما شهده العالم من انكماش اقتصادى قد فاقم الانتهاكات وحول الأنظار عنها وخلق مشكلات جديدة، وباسم الأمن، أهملت حقوق الإنسان، والآن، وباسم العمل من أجل الانتعاش الاقتصادى، يجرى دفع حقوق الإنسان إلى المؤخرة».
وأكدت أن «العالم اليوم بحاجة إلى تعاقد عالمى جديد بشأن حقوق الإنسان، ليس فى صورة وعود براقة على الورق، وإنما عبر الالتزام والعمل الملموس من جانب الحكومات، بغية نزع فتيل قنبلة حقوق الإنسان».
وقالت: «إن مليارات البشر يعانون اليوم من انعدام الأمن والعدالة والكرامة، وعنوان الأزمة الراهنة هو شح الطعام وعدم توافر الوظائف والماء النظيف، والأرض والسكن، والحرمان والتمييز، وتنامى عدم المساواة وإرهاب الأجانب والعنصرية، والعنف والقمع فى جميع بقاع العالم».
وأشارت «خان» إلى ردود فعل الحكومات، والتى اتسمت بالعنف - حسب قولها - على الاحتجاجات ضد الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية فى تونس ومصر والكاميرون.
وقالت: «ثمة علامات متنامية على عدم الاستقرار والعنف السياسى وعلى أن خطر الركود الاقتصادى سوف يؤدى إلى مزيد من القمع».
وأضافت: «إن تجاهل أزمة ما وتسليط الأضواء على أخرى، ليس سوى وصفة ناجحة لمفاقمة كلتا الأزمتين، فلن يكون التقاط الأنفاس الاقتصادية قابلا للاستدامة ولا عادلا إذا ما ظلت الحكومات تشيح بوجهها عن معالجة الانتهاكات التى تدفع بالناس إلى الفقر وتعمقه، أو عن النـزاعات المسلحة التى تولد المزيد والمزيد من الانتهاكات».
وحذرت منظمة العفو الدولية من أنه على أى تعاقد عالمى جديد بشأن حقوق الإنسان، رفض فلسفة «اختر ما شئت»، والتى درج عليها أصحاب المعايير المزدوجة إزاء حقوق الإنسان، لافتة إلى أنه لن تكون هناك مصداقية لقادة العالم، ولا فاعلية، إذا ما أصروا على أنه ليس هناك من ضرورة لأن ينظفوا سجلاتهم الملوثة ومعاييرهم المزدوجة تجاه حقوق الإنسان.
وأعلنت «خان» إطلاق منظمة العفو الدولية حملتها الجديدة «فلنطالب بالكرامة» على صعيد العالم بأسره لمواجهة انتهاكات حقوق الإنسان التى «تدفع البشر نحو هاوية الفقر».
وقالت: «إن مطلبنا الأول فى هذه الحملة نوّه إلى الولايات المتحدة الأمريكية والصين، فالولايات المتحدة لا تقبل بفكرة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بينما لا تحترم الصين الحقوق المدنية والسياسية، وعلى كلتا الحكومتين أن تضعا توقيعهما على مبدأ ضمان جميع حقوق الإنسان لجميع البشر».
وتركز عناوين الحملة على أحياء الصفيح (الفقراء)، والدعوة إلى وضع حد لعمليات الإجلاء القسرى، وعلى وفيات الأمهات، والمطالبة بحق المرأة فى الصحة الجنسية والإنجابية
كتب فتحية الدخاخنى ٢٩/ ٥/ ٢٠٠٩
المصرى اليوم
No comments:
Post a Comment