قضينا ليلتين وثلاثة أيام فوق كثبان بحر الرمال» عندما كنا نقول هذه الجملة للزملاء والأصدقاء بعد عودتنا إلى القاهرة كانوا يتقبلون المعلومة بشىء من الريبة، فعلاقة المصريين بالصحراء، التى تمثل ما يزيد على ٩٠% من مساحة الدولة، فقيرة فما الحال ببحر الرمال الذى ابتلع جيش قمبيز عن آخره، وصورته أفلام مصرية عديدة على أنه قادر على ابتلاع الرجل بطوله فى دقائق معدودة،
وكأنه أعتى فى قوته من أمواج البحر. والمعيشة فى بحر الرمال صعبة للغاية، لعدم وجود أى مصدر للمياه، إضافة لصعوبة حركة السيارات فوق الكثبان الرملية، لكنها ليست مستحيلة، الليالى الربيعية التى قضيناها بين «الغرود» كانت ممتعة، رؤية الهلال ابتداء من اليوم الأول فى الشهر العربى، ومتابعة أفوله حتى يصبح وكأنه فى متناول اليد وعلى بعد سنتيمترات من الرمال تجربة فريدة حيث تقترن برؤية السماء الزرقاء بنجومها وكواكبها.
لم نبحث بالطبع عن جيش قمبيز أو بقاياه، فالموضوع يبدو للعلماء وخبراء الآثار وكأنه درب من الخيال فلم يقل بفناء جيش الملك الفارسى فى بحر الرمال قرب سيوة إلا المؤرخ الإغريقى هيرودت، وقبل عدة سنوات نشطت حملة سياحية ثقافية للبحث عن الجيش الفارسى، لكنهم لم يجدوا أى آثار،
إلا أن بعض الباحثين عثروا على ما يشبه لجام فرس نحاسى فى بحر الرمال وهو ضمن ممتلكات المتحف المصرى، ولم يثبت حتى الآن تاريخ هذا الأثر وما إذا كان يعود للجيش المفقود أم لا، إضافة إلى ذلك فإننا مررنا فى الجزء الجنوبى لبحر الرمال ونحن فى طريقنا من وادى «السليكا» إلى واحة الفرافرة، وبحسب الخبراء المرافقين للقافلة فإننا كنا نبعد نحو ٤٠٠ كيلو متر من الموقع المرجَّح مرور جيش قمبيز منه فى اتجاه الغرب.
ومساحة بحر الرمال تبلغ - وفقاً لأقل التقديرات - ١٣٥ ألف كيلو متر مربع، ويقول خبراء الجغرافيا إنه يمتد بنحو ٥٠٠ كيلو من الشمال إلى الجنوب، فيما يبلغ عرضه نحو ٤٠٠ كيلو متر فى بعض المناطق، ويمتد من سيوة شمالاً إلى الجلف الكبير جنوباً، وللمتجه من غربه إلى شرقه سيجد فى طريقه ما يربو على ٥٥ من الكثبان الرملية «يسمونها الغرود» منها ١٧ غرداً متوسط الانحدار ونحو ٣٠ غردًا شديد الانحدار.. ويصل طول بعض الغرود نحو ٤٠٠ كيلومتر فى بعض الأحيان.. أما أقصى ارتفاع لها فيبلغ ١٦٠ مترًا من السفح.
وزوايا الهبوط من أعلى الغرد إلى أسفله تكون شاقة وصعبة فى أغلب الأحيان، وتصل درجة الميل فى بعضها إلى ٦٠ درجة، وعلى مدار يومين هبطنا العشرات من هذه الغرود، وعندما ننظر إلى الأسفل ونرى بعض سيارات القافلة قد وصلت إلى السطح كنا نصاب بدوار يشبه ما يحدث لراكبى السفن أو الطائرات لأول مرة، وكان بعض الزملاء فى الرحلة يتلون الشهادة مع كل هبوط، بينما كان السائقون المحترفون - ومنهم محمود - يزيدون من سرعتهم مع إصدار أصوات عالية، لإعطاء مزيد من الرهبة والتشويق لمهمتهم.
والكثبان الرملية لها أسماء علمية متعارف عليها، وهى «السيوف» و«الهلالية» و«ظهر الحوت»، ويعرف الخبراء والعلماء جيدا طريقة تكون كل نوع منها، وما تتضمنه، وعمرها.
رجال المحميات الغربية نصبوا على أبواب بحر الرمال آخر لوحاتهم الإرشادية عن محمية الجلف الكبير، وبعد يومين من السباحة فوق بحر الرمال، أخذنا قائد الرحلة محمود نور الدين إلى لوحة جمالية رائعة توضح معجزة الخالق.. عددًا محدودًا من النباتات الخضراء التى نمت وترعرت فوق كثبان بحر الرمال وبدون قطرة مياه واحدة سواءً من الأمطار أو من المياه الجوفية، فالأجواء قاحلة للغاية، والأرض مرتفعة بنحو ٢٨٥ متراً عن سطح البحر.
الشجيرات التى رأيناها وصورناها كانت من نوع أفيدرا ألاتا، وقال أحمد سلامة مدير محميات المنطقة الغربية، إنها تنمو على قطرات الندى التى تستخلصها من الجو.
وعلى بعد عدة كيلومترات من هذا الموقع، أخذنا قائد القافلة إلى موقع ليس بعيد عن «عين دله»، وهى عين المياه العذبة الوحيدة فى بحر الرمال، وهناك وجدنا تلاً صغيرًا من الترسيبات البحرية التى تنتشر فيها أحجار الماغنسيوم والجبس، كما شاهدنا فيها مجموعة متحجرة من أسنان القرش، كما سجل مصطفى رزق خبير الآثار فى المجموعة وجود عدد من قطع بيض النعام، التى لا تتحلل بسهولة لارتفاع نسبة الكالسيوم فيها.
وفسر الخبراء والجيولوجيون المرافقون وجود هذه الترسيبات والكائنات بأن بحر الرمال كان منطقة منخفضة للغاية، بحسب نظرية الدكتور فاروق الباز، وأن هذه الرمال جاءت مع المياه، وأن المياه هبطت للأرض أو تبخرت أو ذهبت للبحر، وبقيت الرمال، لكن نظريات أخرى تشير إلى أن كل هذه المنطقة كانت جزءًا من البحر المتوسط، الذى انحسر إلى الخلف تاركاً دلالات وكائنات بحرية متحجرة فى هذا المكان.
وبالقرب من واحة سيوة، وعلى بعد ٤٠٠ كيلو متر من الموقع الذى نجد فيه بحر الرمال من الغرب إلى الشرق، شاهدنا من قبل منطقة ممتلئة بقواقع البحر، وهو ما يفسر وجود مياه مالحة فى وقت سحيق فى هذا المكان.
قطعنا نحو ٥٠٠ كيلو متر من الجلف الكبير للوصول إلى أقرب واحة فى طريق العودة، وهى واحة الفرافرة، ودعنا شيئاً فشيئاً بحر الرمال بلونيه الأبيض والأصفر لتقابلنا أرض طفيلة حمراء عليها تشكيلات رائعة يطلق عليها العلماء اسم «هضبة القس أبوسعيد»، وهى ترتفع عن سطح البحر بنحو ٣٥٣ مترًا وتأخذ شكلاً قائم الزاوية وتغطى مساحة تبلغ ١٤٨٠ كيلو مترًا مربعًا.
تجمعت القافلة وهى على طرق هذه الهضبة قبل أن تهبط للواحة، خرجنا من السيارات التى كانت تقلنا لنهنئ بعضنا على سلامة العودة رغم أننا كنا نبتعد فى حينها عن القاهرة بنحو ٦٠٠ كيلو متر، وجمعتنا صور تذكارية فى آخر نقاط بحر الرمال قبل أن تقع أعيننا مجدداً على مياه الآبار والزرع الأخضر والطرق الأسفلتية.
بعد ١٢ يوماً فى الصحراء بدون استحمام أو «حلاقة ذقن»، حيث المياه للشرب ولإعداد الطعام فقط، فإن اللقاء مع الحمّام كان أهم من لقاء الأحبة، تناقشنا مع قائد الرحلة حول أهمية البقاء فى الفرافرة ولو لعدة ساعات فى أحد الفنادق أو «الكامبات» المخصصة لاستقبال سائحى الصحراء، وذلك للاستحمام لكنه نصحنا بالنزول مباشرة إلى إحدى الآبار الطبيعية المنتشرة فى الفرافرة، «بير ٦» أو «ماجيل ووتر» كما يسميها صاحبها أبوالمعاطى عبد الفتاح، القادم من شربين الدقهلية إلى الفرافرة لاستصلاح الأرض والحاصل من محافظة الوادى الجديد على حق الانتفاع بالبئر،
استغربنا الفكرة فى البداية وذلك لأن البئر مكشوفة للمارة ولأن مياهها حمراء تماماً بفعل أكاسيد الحديد الموجودة فى بطن الأرض، لكن التردد ذهب، عندما وجدنا البئر ممتلئة عن آخرها بمجموعة من السياح الأوروبيين الذين يعرفون فوائد هذه المياه الصحية أكثر من المصريين، انتظرناهم حتى خرجوا ونزلنا المياه التى تتجاوز حرارتها الأربعين، أما رائحتها فكانت نفاذة للغاية.
المياه تتدفق من بئر عمقها مائتا متر تقريباً بدون أى مواتير رفع، و تدافعها قوى للغاية لدرجة أننا استعملناها كمساج لظهورنا المنهكة من رحلة الجلف الكبير.
فى المساء كانت رحلتنا إلى الصحراء البيضاء،التى تقع فى الجزء الشمالى من واحة الفرافرة بمحافظة الوادى الجديد، وهى تبعد عن الواحات البحرية بنحو ١٨٠ كيلو مترًا فقط.
والصحراء البيضاء تمتلك طبيعة نادرة وهى منطقة مهمة لجذب السياحة البيئية، كما تعتبر مزاراً تعليميًا وترويجيًا مهماً لسكان الواحات ولمصر بشكل عام.
وصدر قرار رئيس الوزراء فى ٢٠٠٢ بإعلان محمية الصحراء البيضاء، وهى أجمل تشكيل طبيعى فى مصر على الإطلاق، حيث تتكون من الحجر الجيرى الطباشيرى ذى اللون الأبيض الناصع والذى يتميز بشقوق مليئة بالكالسيت، وتحتوى أحجار المحمية على حفريات القشريات والمحاريات وأسنان القرش.
الحياة الحيوانية غنية فى الصحراء البيضاء وهى تتميز بمجموعة محددة من أنواع الحيوانات والنباتات المتخصصة والمتأقلمة للحياة فى البيئات الرملية ومنها أنواع مهددة بالانقراض مثل الغزال الأبيض وثعلب الفنك، كما تم تسجيل نحو ٢٤ نوعاً من الطيور المقيمة داخل المحمية.
ويزور المحمية نحو ٧٠ ألف سائح سنوياً، ويقول محمود نورالدين قائد قافلتنا، إن السائحين الأوروبيين والآسيويين، خاصة اليابانيين يقبلون على زيارة الصحراء البيضاء، ويشير إلى أن معظم أفواج السائحين تقضى ليلة أو ليلتين داخل المحمية البالغة مساحتها نحو ١٠ آلاف كيلو متر مربع داخل خيام مخصصة لهذه الأماكن، وينوه بأن سياحة ركوب الجمال منتشرة فى الصحراء البيضاء،
ويقبل عليها الأوروبيون، ويشير إلى أنهم يستقدمون الجمال من الواحات البحرية أو من الفرافرة فى شاحنات نقل إلى مدخل المحمية، لكن محافظ الوادى الجديد الحالى أصدر قرارًا غريباً بمنع دخول الجمال من الطرق الأسفلتية وأصدر تعليماته لرجال المرور فى الطريق، وأن هذا الوضع حرم مئات العائلات التى امتهنت هذا العمل على مدار سنوات طويلة.
ومشاكل الصحراء البيضاء لاتقتصر على ذلك، بل إن جميع المشاركين فى القافلة كانت لهم إسهامات وإضافات فى هذا المجال، المحمية الرائعة التى صنعت عوامل التعرية فيها أجمل الأشكال وكأنها ريشة فنان مبدع، تتعامل مع السائحين والمتخصصين بقرارات قديمة وبالية،
وقال رجال السياحة المرافقون لنا إن المصريين، وبالطبع الأجانب، ممنوعون من دخول الجهة الغربية للمحمية، وللعلم فإن الطريق الأسفلتى الذى يربط الفرافرة بالواحات البحرية ينتصف المحمية.
ومنع المصريين والسياح من الدخول إلى الجهة الغربية من المحمية إلا بإذن من الجهات السيادية وراءه قرار من نائب الحاكم العسكرى، وهو صادر قبل ٢٥ عاماً تقريباً، فى هذه الفترة كان هناك توتر فى العلاقات مع ليبيا، وتم تفويض الجهات السيادية بحماية المكان، وتبدلت الأمور منذ سنوات طويلة، وتصالح الأشقاء وبقى القرار الذى يعطل عمل رجال البيئة والسياحة، وكذلك فرص تنمية المكان ورعايته حتى من المسؤول عن المحمية الطبيعية.
ورغم التشدد حول دخول المنطقة الغربية للمحمية، التى تبتعد عن خط الحدود مع ليبيا بنحو ٤٠٠ كيلو متر، فإن محافظ الوادى الجديد وافق لإحدى الشركات الإيطالية المتخصصة على بناء فندق داخل الجزء الغربى للمحمية، قال خبراء البيئة والسياحة إنهم اتحدوا لمواجهة هذا القرار، وتدخلت عدة وزارات لسحب هذه الموافقة العشوائية، وتم تجميد القرار، لكننا رأينا طريقاً ممهداً للمكان المرشح لبناء الفندق.
وأجمل صور الطبيعة فى مصر يمكن أن تحصل عليها فى «الصحراء البيضاء» تكوينات متنوعة أجملها صور لمنطقة تسمى «المشروم» وهى أكثر المناطق جذباً للسائحين داخل المحمية، وفيها منظر لنحت طويل من الحجر الجيرى يشبه «المشروم» أو عيش الغراب، أو كأنه صورة بؤرة انفجار نووى وإلى جواره نحت آخر يشبه الدجاجة البيضاء، وعندما درنا حولها من جميع الاتجاهات أعطت الاحساس نفسه «دجاجة وديعة ترقد فوق بيضها».
وبالمحمية أيضا مجموعة من العيون المائية مثل «عين الصر» وإلى جوارها آثار منازل قديمة وأوانٍ فخارية استخدمها الانسان الذى عاش حول هذه العيون المائية وترجع إلى العصر الرومانى، كما توجد مقبرة بالتلال المحيطة بمنطقة عين الصر، ويوجد بها بقايا مومياوات قديمة.
غادرنا المكان إلى «الواحات البحرية» وقد شكلت لدينا خبرة أو مرجعية جديدة حول بعض مشاكل الواحات المصرية ومحمياتها الطبيعية، ومصر بها ٢٧ محمية طبيعية أكبرها - كما يقول أحمد سلامة، مسؤول المحميات الغربية فى وزارة البيئة - هى محمية الجلف الكبير وأصغرها محمية الدبابية فى قنا، والمحميات فى مصر تمثل ١٥% من مساحة مصر، والمحميات تعانى بعض التلوث وقلة الاعتمادات المالية،
ولولا أموال المعونات الأجنبية لتراجع العمل فى هذه المحميات وخاصة فى الصحراء البيضاء والجلف الكبير، والتى تمولها المعونة الإيطالية بشكل كامل، أما المشاكل المتكررة التى سمعناها فى «الداخلة» و«الفرافرة» فتركز على استنفاد الخزان الجوفى للمياه المعدنية إضافة إلى غياب الضوابط التى تحدد أشكال الزراعة فى هذه الأراضى التى تحتوى فى بطنها مخزونًا من المياه العذبة غير المتجددة.
أما مشاكل واحة سيوة فعديدة ومعقدة، وفشلت الحكومات فى اختراقها منذ أن زارها رئيس الوزراء السابق الدكتور عاطف عبيد ومعه مجموعة من الوزراء، وخاصة فيما يتعلق بارتفاع منسوب مياه الصرف والمياه الجوفية بالواحة، وكذلك وجود هجمة من الاستثمار السياحى على الواحة، ويقول القيسونى مستشار وزير السياحة إن هناك مخاوف من إقامة بعض المصانع فى سيوة،
وصلنا إلى «الواحات البحرية» مساء الإثنين لنعود إلى الحياة المدنية تدريجياً، فقضينا ليلتنا الأخيرة فى هذه الرحلة داخل «كامب» مخصص كاستراحة لسائحى السفارى، وهو يمثل مرحلة وسطًا بين حياة الصحراء وحياة المدينة، فالنوم فى أسرّة مصنوعة من الحجر لكن تعلوه وسائد مريحة والكوخ مبنى من الغاب والخوص وسعف النخيل أما الإضاءة فبواسطة الشموع المغروزة وسط الكوخ وداخل وعاء من الفخار المملوء بالرمل.
فى المطعم المريح «للكامب» والذى تناولت العشاء الأخير فيه وكان لحم جدى مشويًا، أعادنا أشرف لطفى رئيس جمعية محبى الصحراء إلى مشاكل الواحة، ولكن للبحث عن حلول لها والتى بدأت جمعيته بالمساهمة فيها فعليًا، وقال إن ١٨٠ من أصحاب الشركات السياحية والمهنية بالصحراء أعضاء فى هذه الجمعية، وعملهم ينطلق من «البحرية لكنه يصل إلى الصحراء البيضاء، والصحراء الغربية بوجه عام»، أما عن أهم أنشطتهم الدورية فهى حملات النظافة الدورية للمحميات وذلك بواقع مرتين سنوياً.
والواحات البحرية توصف بأنها «بوابة الصحراء»، كما قال لنا أشرف لطفى، وبها ٦٠٠ سيارة دفع رباعى تعمل جميعها فى سياحة السفارى، و٣ آلاف من أبناء الواحة يعملون فى السياحة، أما فنادق «البحرية» فيتجاوز عددها العشرين، وأشار إلى أن ١٠٠ ألف سائح صحراوى زاروا الواحة أو عبروها خلال العام الماضى.
وقال إن هدفهم المستقبلى هو تأسيس شركات سياحية خاصة بأبناء الواحات البحرية أسوة بما تم فى سيوة والفرافرة.
وانتقد أداء رئيس مجلس المدينة وقارن بين تراجع حالة النظافة فى «البحرية» وتقدمه فى سيوة أو الداخلة، كما حذر من الزحف الاستثمارى على أراضى الواحة ودارت مناقشة واسعة حول «الصحراء السوداء» وقال أشرف إنها تستحق أن تكون محمية طبيعية لوجود ظواهر جيولوجية نادرة فيها.
وشارك كل من ألبرتو سليوتى وزوجته إيفون، وهما خبيران إيطاليان ويمثلان «المشروع الإيطالى للمحميات» فى المنطقة.
وقالت إيفون، وهى أستاذة للجيولوجيا، إن الصحراء السوداء لها أهمية جيولوجية كبيرة لوجود صخور البازلت المنصهر فيها، إضافة إلى قرب هذا المكان من موقع اكتشاف أقدم ديناصور فى العالم، والذى يخضع لدراسات علمية متخصصة الآن فى الولايات المتحدة.
وقال أشرف لطفى إن المحافظة أرسلت وفداً من الآثار والمحميات، وكذلك علماء جيولوجيا للمكان، وأوصوا جميعاً بأن يقوم رئيس مجلس الوزراء بإصدار أوامره بتنفيذ إزالات فى المنطقة لإعلانها محمية طبيعية، وكذلك منطقة أم اللقاح، لكن أحمد سلامة، مدير محميات المنطقة الغربية، قال: إن القرار السياسى فى هذه المسألة يحتاج دراسة متأنية، خاصة أن منطقة الصحراء السوداء خصبة، والرقعة الزراعية ضيقة فى هذا المكان،
وأشار إلى أن «البيئة» بصدد إعداد خطة للمحافظة على خصوصية المكان وفى نفس الوقت إعادة احتياجات عمليات التنمية فى المنطقة، وقال إن مصر لديها خطة لإنشاء وإدارة محمياتها الطبيعية حتى ٢٠١٧، وإن هذه المنطقة غير مدرجة فيها.
وكأنه أعتى فى قوته من أمواج البحر. والمعيشة فى بحر الرمال صعبة للغاية، لعدم وجود أى مصدر للمياه، إضافة لصعوبة حركة السيارات فوق الكثبان الرملية، لكنها ليست مستحيلة، الليالى الربيعية التى قضيناها بين «الغرود» كانت ممتعة، رؤية الهلال ابتداء من اليوم الأول فى الشهر العربى، ومتابعة أفوله حتى يصبح وكأنه فى متناول اليد وعلى بعد سنتيمترات من الرمال تجربة فريدة حيث تقترن برؤية السماء الزرقاء بنجومها وكواكبها.
لم نبحث بالطبع عن جيش قمبيز أو بقاياه، فالموضوع يبدو للعلماء وخبراء الآثار وكأنه درب من الخيال فلم يقل بفناء جيش الملك الفارسى فى بحر الرمال قرب سيوة إلا المؤرخ الإغريقى هيرودت، وقبل عدة سنوات نشطت حملة سياحية ثقافية للبحث عن الجيش الفارسى، لكنهم لم يجدوا أى آثار،
إلا أن بعض الباحثين عثروا على ما يشبه لجام فرس نحاسى فى بحر الرمال وهو ضمن ممتلكات المتحف المصرى، ولم يثبت حتى الآن تاريخ هذا الأثر وما إذا كان يعود للجيش المفقود أم لا، إضافة إلى ذلك فإننا مررنا فى الجزء الجنوبى لبحر الرمال ونحن فى طريقنا من وادى «السليكا» إلى واحة الفرافرة، وبحسب الخبراء المرافقين للقافلة فإننا كنا نبعد نحو ٤٠٠ كيلو متر من الموقع المرجَّح مرور جيش قمبيز منه فى اتجاه الغرب.
ومساحة بحر الرمال تبلغ - وفقاً لأقل التقديرات - ١٣٥ ألف كيلو متر مربع، ويقول خبراء الجغرافيا إنه يمتد بنحو ٥٠٠ كيلو من الشمال إلى الجنوب، فيما يبلغ عرضه نحو ٤٠٠ كيلو متر فى بعض المناطق، ويمتد من سيوة شمالاً إلى الجلف الكبير جنوباً، وللمتجه من غربه إلى شرقه سيجد فى طريقه ما يربو على ٥٥ من الكثبان الرملية «يسمونها الغرود» منها ١٧ غرداً متوسط الانحدار ونحو ٣٠ غردًا شديد الانحدار.. ويصل طول بعض الغرود نحو ٤٠٠ كيلومتر فى بعض الأحيان.. أما أقصى ارتفاع لها فيبلغ ١٦٠ مترًا من السفح.
وزوايا الهبوط من أعلى الغرد إلى أسفله تكون شاقة وصعبة فى أغلب الأحيان، وتصل درجة الميل فى بعضها إلى ٦٠ درجة، وعلى مدار يومين هبطنا العشرات من هذه الغرود، وعندما ننظر إلى الأسفل ونرى بعض سيارات القافلة قد وصلت إلى السطح كنا نصاب بدوار يشبه ما يحدث لراكبى السفن أو الطائرات لأول مرة، وكان بعض الزملاء فى الرحلة يتلون الشهادة مع كل هبوط، بينما كان السائقون المحترفون - ومنهم محمود - يزيدون من سرعتهم مع إصدار أصوات عالية، لإعطاء مزيد من الرهبة والتشويق لمهمتهم.
والكثبان الرملية لها أسماء علمية متعارف عليها، وهى «السيوف» و«الهلالية» و«ظهر الحوت»، ويعرف الخبراء والعلماء جيدا طريقة تكون كل نوع منها، وما تتضمنه، وعمرها.
رجال المحميات الغربية نصبوا على أبواب بحر الرمال آخر لوحاتهم الإرشادية عن محمية الجلف الكبير، وبعد يومين من السباحة فوق بحر الرمال، أخذنا قائد الرحلة محمود نور الدين إلى لوحة جمالية رائعة توضح معجزة الخالق.. عددًا محدودًا من النباتات الخضراء التى نمت وترعرت فوق كثبان بحر الرمال وبدون قطرة مياه واحدة سواءً من الأمطار أو من المياه الجوفية، فالأجواء قاحلة للغاية، والأرض مرتفعة بنحو ٢٨٥ متراً عن سطح البحر.
الشجيرات التى رأيناها وصورناها كانت من نوع أفيدرا ألاتا، وقال أحمد سلامة مدير محميات المنطقة الغربية، إنها تنمو على قطرات الندى التى تستخلصها من الجو.
وعلى بعد عدة كيلومترات من هذا الموقع، أخذنا قائد القافلة إلى موقع ليس بعيد عن «عين دله»، وهى عين المياه العذبة الوحيدة فى بحر الرمال، وهناك وجدنا تلاً صغيرًا من الترسيبات البحرية التى تنتشر فيها أحجار الماغنسيوم والجبس، كما شاهدنا فيها مجموعة متحجرة من أسنان القرش، كما سجل مصطفى رزق خبير الآثار فى المجموعة وجود عدد من قطع بيض النعام، التى لا تتحلل بسهولة لارتفاع نسبة الكالسيوم فيها.
وفسر الخبراء والجيولوجيون المرافقون وجود هذه الترسيبات والكائنات بأن بحر الرمال كان منطقة منخفضة للغاية، بحسب نظرية الدكتور فاروق الباز، وأن هذه الرمال جاءت مع المياه، وأن المياه هبطت للأرض أو تبخرت أو ذهبت للبحر، وبقيت الرمال، لكن نظريات أخرى تشير إلى أن كل هذه المنطقة كانت جزءًا من البحر المتوسط، الذى انحسر إلى الخلف تاركاً دلالات وكائنات بحرية متحجرة فى هذا المكان.
وبالقرب من واحة سيوة، وعلى بعد ٤٠٠ كيلو متر من الموقع الذى نجد فيه بحر الرمال من الغرب إلى الشرق، شاهدنا من قبل منطقة ممتلئة بقواقع البحر، وهو ما يفسر وجود مياه مالحة فى وقت سحيق فى هذا المكان.
قطعنا نحو ٥٠٠ كيلو متر من الجلف الكبير للوصول إلى أقرب واحة فى طريق العودة، وهى واحة الفرافرة، ودعنا شيئاً فشيئاً بحر الرمال بلونيه الأبيض والأصفر لتقابلنا أرض طفيلة حمراء عليها تشكيلات رائعة يطلق عليها العلماء اسم «هضبة القس أبوسعيد»، وهى ترتفع عن سطح البحر بنحو ٣٥٣ مترًا وتأخذ شكلاً قائم الزاوية وتغطى مساحة تبلغ ١٤٨٠ كيلو مترًا مربعًا.
تجمعت القافلة وهى على طرق هذه الهضبة قبل أن تهبط للواحة، خرجنا من السيارات التى كانت تقلنا لنهنئ بعضنا على سلامة العودة رغم أننا كنا نبتعد فى حينها عن القاهرة بنحو ٦٠٠ كيلو متر، وجمعتنا صور تذكارية فى آخر نقاط بحر الرمال قبل أن تقع أعيننا مجدداً على مياه الآبار والزرع الأخضر والطرق الأسفلتية.
بعد ١٢ يوماً فى الصحراء بدون استحمام أو «حلاقة ذقن»، حيث المياه للشرب ولإعداد الطعام فقط، فإن اللقاء مع الحمّام كان أهم من لقاء الأحبة، تناقشنا مع قائد الرحلة حول أهمية البقاء فى الفرافرة ولو لعدة ساعات فى أحد الفنادق أو «الكامبات» المخصصة لاستقبال سائحى الصحراء، وذلك للاستحمام لكنه نصحنا بالنزول مباشرة إلى إحدى الآبار الطبيعية المنتشرة فى الفرافرة، «بير ٦» أو «ماجيل ووتر» كما يسميها صاحبها أبوالمعاطى عبد الفتاح، القادم من شربين الدقهلية إلى الفرافرة لاستصلاح الأرض والحاصل من محافظة الوادى الجديد على حق الانتفاع بالبئر،
استغربنا الفكرة فى البداية وذلك لأن البئر مكشوفة للمارة ولأن مياهها حمراء تماماً بفعل أكاسيد الحديد الموجودة فى بطن الأرض، لكن التردد ذهب، عندما وجدنا البئر ممتلئة عن آخرها بمجموعة من السياح الأوروبيين الذين يعرفون فوائد هذه المياه الصحية أكثر من المصريين، انتظرناهم حتى خرجوا ونزلنا المياه التى تتجاوز حرارتها الأربعين، أما رائحتها فكانت نفاذة للغاية.
المياه تتدفق من بئر عمقها مائتا متر تقريباً بدون أى مواتير رفع، و تدافعها قوى للغاية لدرجة أننا استعملناها كمساج لظهورنا المنهكة من رحلة الجلف الكبير.
فى المساء كانت رحلتنا إلى الصحراء البيضاء،التى تقع فى الجزء الشمالى من واحة الفرافرة بمحافظة الوادى الجديد، وهى تبعد عن الواحات البحرية بنحو ١٨٠ كيلو مترًا فقط.
والصحراء البيضاء تمتلك طبيعة نادرة وهى منطقة مهمة لجذب السياحة البيئية، كما تعتبر مزاراً تعليميًا وترويجيًا مهماً لسكان الواحات ولمصر بشكل عام.
وصدر قرار رئيس الوزراء فى ٢٠٠٢ بإعلان محمية الصحراء البيضاء، وهى أجمل تشكيل طبيعى فى مصر على الإطلاق، حيث تتكون من الحجر الجيرى الطباشيرى ذى اللون الأبيض الناصع والذى يتميز بشقوق مليئة بالكالسيت، وتحتوى أحجار المحمية على حفريات القشريات والمحاريات وأسنان القرش.
الحياة الحيوانية غنية فى الصحراء البيضاء وهى تتميز بمجموعة محددة من أنواع الحيوانات والنباتات المتخصصة والمتأقلمة للحياة فى البيئات الرملية ومنها أنواع مهددة بالانقراض مثل الغزال الأبيض وثعلب الفنك، كما تم تسجيل نحو ٢٤ نوعاً من الطيور المقيمة داخل المحمية.
ويزور المحمية نحو ٧٠ ألف سائح سنوياً، ويقول محمود نورالدين قائد قافلتنا، إن السائحين الأوروبيين والآسيويين، خاصة اليابانيين يقبلون على زيارة الصحراء البيضاء، ويشير إلى أن معظم أفواج السائحين تقضى ليلة أو ليلتين داخل المحمية البالغة مساحتها نحو ١٠ آلاف كيلو متر مربع داخل خيام مخصصة لهذه الأماكن، وينوه بأن سياحة ركوب الجمال منتشرة فى الصحراء البيضاء،
ويقبل عليها الأوروبيون، ويشير إلى أنهم يستقدمون الجمال من الواحات البحرية أو من الفرافرة فى شاحنات نقل إلى مدخل المحمية، لكن محافظ الوادى الجديد الحالى أصدر قرارًا غريباً بمنع دخول الجمال من الطرق الأسفلتية وأصدر تعليماته لرجال المرور فى الطريق، وأن هذا الوضع حرم مئات العائلات التى امتهنت هذا العمل على مدار سنوات طويلة.
ومشاكل الصحراء البيضاء لاتقتصر على ذلك، بل إن جميع المشاركين فى القافلة كانت لهم إسهامات وإضافات فى هذا المجال، المحمية الرائعة التى صنعت عوامل التعرية فيها أجمل الأشكال وكأنها ريشة فنان مبدع، تتعامل مع السائحين والمتخصصين بقرارات قديمة وبالية،
وقال رجال السياحة المرافقون لنا إن المصريين، وبالطبع الأجانب، ممنوعون من دخول الجهة الغربية للمحمية، وللعلم فإن الطريق الأسفلتى الذى يربط الفرافرة بالواحات البحرية ينتصف المحمية.
ومنع المصريين والسياح من الدخول إلى الجهة الغربية من المحمية إلا بإذن من الجهات السيادية وراءه قرار من نائب الحاكم العسكرى، وهو صادر قبل ٢٥ عاماً تقريباً، فى هذه الفترة كان هناك توتر فى العلاقات مع ليبيا، وتم تفويض الجهات السيادية بحماية المكان، وتبدلت الأمور منذ سنوات طويلة، وتصالح الأشقاء وبقى القرار الذى يعطل عمل رجال البيئة والسياحة، وكذلك فرص تنمية المكان ورعايته حتى من المسؤول عن المحمية الطبيعية.
ورغم التشدد حول دخول المنطقة الغربية للمحمية، التى تبتعد عن خط الحدود مع ليبيا بنحو ٤٠٠ كيلو متر، فإن محافظ الوادى الجديد وافق لإحدى الشركات الإيطالية المتخصصة على بناء فندق داخل الجزء الغربى للمحمية، قال خبراء البيئة والسياحة إنهم اتحدوا لمواجهة هذا القرار، وتدخلت عدة وزارات لسحب هذه الموافقة العشوائية، وتم تجميد القرار، لكننا رأينا طريقاً ممهداً للمكان المرشح لبناء الفندق.
وأجمل صور الطبيعة فى مصر يمكن أن تحصل عليها فى «الصحراء البيضاء» تكوينات متنوعة أجملها صور لمنطقة تسمى «المشروم» وهى أكثر المناطق جذباً للسائحين داخل المحمية، وفيها منظر لنحت طويل من الحجر الجيرى يشبه «المشروم» أو عيش الغراب، أو كأنه صورة بؤرة انفجار نووى وإلى جواره نحت آخر يشبه الدجاجة البيضاء، وعندما درنا حولها من جميع الاتجاهات أعطت الاحساس نفسه «دجاجة وديعة ترقد فوق بيضها».
وبالمحمية أيضا مجموعة من العيون المائية مثل «عين الصر» وإلى جوارها آثار منازل قديمة وأوانٍ فخارية استخدمها الانسان الذى عاش حول هذه العيون المائية وترجع إلى العصر الرومانى، كما توجد مقبرة بالتلال المحيطة بمنطقة عين الصر، ويوجد بها بقايا مومياوات قديمة.
غادرنا المكان إلى «الواحات البحرية» وقد شكلت لدينا خبرة أو مرجعية جديدة حول بعض مشاكل الواحات المصرية ومحمياتها الطبيعية، ومصر بها ٢٧ محمية طبيعية أكبرها - كما يقول أحمد سلامة، مسؤول المحميات الغربية فى وزارة البيئة - هى محمية الجلف الكبير وأصغرها محمية الدبابية فى قنا، والمحميات فى مصر تمثل ١٥% من مساحة مصر، والمحميات تعانى بعض التلوث وقلة الاعتمادات المالية،
ولولا أموال المعونات الأجنبية لتراجع العمل فى هذه المحميات وخاصة فى الصحراء البيضاء والجلف الكبير، والتى تمولها المعونة الإيطالية بشكل كامل، أما المشاكل المتكررة التى سمعناها فى «الداخلة» و«الفرافرة» فتركز على استنفاد الخزان الجوفى للمياه المعدنية إضافة إلى غياب الضوابط التى تحدد أشكال الزراعة فى هذه الأراضى التى تحتوى فى بطنها مخزونًا من المياه العذبة غير المتجددة.
أما مشاكل واحة سيوة فعديدة ومعقدة، وفشلت الحكومات فى اختراقها منذ أن زارها رئيس الوزراء السابق الدكتور عاطف عبيد ومعه مجموعة من الوزراء، وخاصة فيما يتعلق بارتفاع منسوب مياه الصرف والمياه الجوفية بالواحة، وكذلك وجود هجمة من الاستثمار السياحى على الواحة، ويقول القيسونى مستشار وزير السياحة إن هناك مخاوف من إقامة بعض المصانع فى سيوة،
وصلنا إلى «الواحات البحرية» مساء الإثنين لنعود إلى الحياة المدنية تدريجياً، فقضينا ليلتنا الأخيرة فى هذه الرحلة داخل «كامب» مخصص كاستراحة لسائحى السفارى، وهو يمثل مرحلة وسطًا بين حياة الصحراء وحياة المدينة، فالنوم فى أسرّة مصنوعة من الحجر لكن تعلوه وسائد مريحة والكوخ مبنى من الغاب والخوص وسعف النخيل أما الإضاءة فبواسطة الشموع المغروزة وسط الكوخ وداخل وعاء من الفخار المملوء بالرمل.
فى المطعم المريح «للكامب» والذى تناولت العشاء الأخير فيه وكان لحم جدى مشويًا، أعادنا أشرف لطفى رئيس جمعية محبى الصحراء إلى مشاكل الواحة، ولكن للبحث عن حلول لها والتى بدأت جمعيته بالمساهمة فيها فعليًا، وقال إن ١٨٠ من أصحاب الشركات السياحية والمهنية بالصحراء أعضاء فى هذه الجمعية، وعملهم ينطلق من «البحرية لكنه يصل إلى الصحراء البيضاء، والصحراء الغربية بوجه عام»، أما عن أهم أنشطتهم الدورية فهى حملات النظافة الدورية للمحميات وذلك بواقع مرتين سنوياً.
والواحات البحرية توصف بأنها «بوابة الصحراء»، كما قال لنا أشرف لطفى، وبها ٦٠٠ سيارة دفع رباعى تعمل جميعها فى سياحة السفارى، و٣ آلاف من أبناء الواحة يعملون فى السياحة، أما فنادق «البحرية» فيتجاوز عددها العشرين، وأشار إلى أن ١٠٠ ألف سائح صحراوى زاروا الواحة أو عبروها خلال العام الماضى.
وقال إن هدفهم المستقبلى هو تأسيس شركات سياحية خاصة بأبناء الواحات البحرية أسوة بما تم فى سيوة والفرافرة.
وانتقد أداء رئيس مجلس المدينة وقارن بين تراجع حالة النظافة فى «البحرية» وتقدمه فى سيوة أو الداخلة، كما حذر من الزحف الاستثمارى على أراضى الواحة ودارت مناقشة واسعة حول «الصحراء السوداء» وقال أشرف إنها تستحق أن تكون محمية طبيعية لوجود ظواهر جيولوجية نادرة فيها.
وشارك كل من ألبرتو سليوتى وزوجته إيفون، وهما خبيران إيطاليان ويمثلان «المشروع الإيطالى للمحميات» فى المنطقة.
وقالت إيفون، وهى أستاذة للجيولوجيا، إن الصحراء السوداء لها أهمية جيولوجية كبيرة لوجود صخور البازلت المنصهر فيها، إضافة إلى قرب هذا المكان من موقع اكتشاف أقدم ديناصور فى العالم، والذى يخضع لدراسات علمية متخصصة الآن فى الولايات المتحدة.
وقال أشرف لطفى إن المحافظة أرسلت وفداً من الآثار والمحميات، وكذلك علماء جيولوجيا للمكان، وأوصوا جميعاً بأن يقوم رئيس مجلس الوزراء بإصدار أوامره بتنفيذ إزالات فى المنطقة لإعلانها محمية طبيعية، وكذلك منطقة أم اللقاح، لكن أحمد سلامة، مدير محميات المنطقة الغربية، قال: إن القرار السياسى فى هذه المسألة يحتاج دراسة متأنية، خاصة أن منطقة الصحراء السوداء خصبة، والرقعة الزراعية ضيقة فى هذا المكان،
وأشار إلى أن «البيئة» بصدد إعداد خطة للمحافظة على خصوصية المكان وفى نفس الوقت إعادة احتياجات عمليات التنمية فى المنطقة، وقال إن مصر لديها خطة لإنشاء وإدارة محمياتها الطبيعية حتى ٢٠١٧، وإن هذه المنطقة غير مدرجة فيها.
قام بالرحلة محمد السيد صالح ٨/ ٤/ ٢٠٠٩
المصرى اليوم
No comments:
Post a Comment