قابلتها صدفة بعد مرور ثلاث سنوات من اختفائها المتعمد، كانت أخبار تمردها غير المتوقع هي آخر ما أعرفه عنها.
جلسات النميمة النسائية والذكورية اجتمعت عليها، فلقد خلعت زوجها وخلعت حجابها وقدمت استقالتها من وزارة التربية والتعليم وتركت منزل حضانة أطفالها، ثم "فص ملح وداب".
صديقة العمر التي أعرفها ربما منذ وعيت علي الدنيا والتي كانت تشير إليها أمي كنموذج للفتاة المثالية وتطالبني أن أقلد ولو جزءا بسيطا من سلوكها، فهي مطيعة بعماء، هادئة حد السكون، تحمل ابتسامة دائمة كنت أراها وحدي بلا معني، تمشي دوماً وتحت إبطها كراسة رسم وفي حقيبتها ألوان عديدة، رغم ذلك التحقت بكلية البنات مثلما رغب أهلها، وقبلت بأن تتم خطبتها علي رجل يكبرها بخمسة عشر عاماً فقط لأن أهلها يرون فيه زوجا مثالياً.
أنجبت ثلاثة أبناء تماماً كما حدد زوجها لنفسه، واكتفت بالعمل كمدرسة رياضيات في أحد المدارس الإعدادية حيث رفضت ترقيتها كمدرسة ثانوي، بناء علي إيمان زوجها بأن التدريس للمرحلة الثانوية أمر مرهق
.تعودتُ أن أحبها نظراً لأنها واحدة من صديقات العمر، لكني دوماً كنت أتعجب من سلوكها في الحياة، خاصة أنها لم تعترض ولو مرة واحدة علي أي شيء يدور حولها، تجلس بجمالها الطاغي علينا جميعاً، في سكون مشابه للموت، وربما تضحك علي واحدة من تعليقاتنا علي الرجال خاصة بعدما تزوجنا وأصبحت لدي كل واحدة منا قائمة اعتراضات تطاول السماء ضد زوجها وضد الزواج بشكل عام، لكنها أبداً لا تعترض ولا تستنكر أو حتي تشجب أي تصرف من تصرفات زوجها، رغم أننا جميعاً كنا نراه رجلاً كريهاً
صديقتي التي التقيتها صدفة، تحولت مائة وثمانين درجة حتي إنني لم أعرفها، بل أقبلت هي علي فاتحة ذراعيها ومندهشة لأنني أنظر لها باستغراب، حيث كانت تظن دوماً أنني الوحيدة التي كنت أفهم داخلها جيداً.
قصت علي أسباب انفجارها المكبوت سنين طويلة، فلقد أصيب زوجها بمرض السرطان ولازمته طوال فترة مرضه بجلد وصبر أربع سنوات كاملة من العذاب في مواجهة هذا المرض القاتل، لكنه وبمجرد أن أتم الله شفاءه، تزوج عليها مبرراً الأمر بأنه يمارس حقه الإلهي وأنها لن ينقصها أي شيء.
أكدت لي أنها لم تحزن بل علي العكس، كانت تخاف من أن تغير تجربة المرض القاسية سلوكه السيئ معها منذ أول يوم زواج وتجد نفسها مضطرة إلي حبه، لكنها أفاقت علي حقيقة ضياع 30 عاماً من عمرها دون أن تفعل شيئا واحدا تحبه وترغب فيه، فقررت أن تفعل ما تريده فقط، وبالفعل درست الديكور وهي الآن تعمل في هذا المجال وحققت نجاحاً سريعا فيه، وتعيش أيامها بسعادة مع أطفالها الثلاثة، وعندما سألتها عن موقفها من الرجال وحاجاتها الطبيعية بعد الطلاق، قالت لي ساخرة أنا مختونة أصلاً وعمري ما حسيت بأي متعة في الجنس
بقلم: أمنية طلعت
نقلا عن جريدة البديل
No comments:
Post a Comment