Thursday, March 05, 2009

البرادعي.. رئيساً لجمهورية مصر العربية

السمكة تفسد من رأسها، إن صح ذلك فإنها لا تتعافي أيضاً إلا من رأسها.
واقع الأمر أن مصر قد فسدت فعلاً من الرأس، يعتقد الكثير من الناس أن التغيير المطلوب في مصر هو أبعد من مجرد تغيير رئيس الجمهورية الحالي بآخر أكثر كفاءة ويري هؤلاء وهم مٌحقون أنه لا يكفي أن يكون الرئيس الجديد منحازاً للغالبية العظمي من أبناء هذا الوطن
.ويؤكدون أنه ليست هناك ضمانة لأن يظل ذلك الرجل علي نفس مِنهاجه بعد توليه السلطة، فهم يرون ـ وما أصوب ما يرونه ـ أن السلطة تحض علي الفساد، وأنها إذا ما كانت سلطة مطلقة فلابد أنها مَفسدة مطلقة.
لهذا يصر هؤلاء الناس علي أن يطرحوا برنامجا متكاملا للتغيير يتضمن تغييراً دستورياً وقانونياً يحد من سلطات مؤسسة الرئاسة ويؤكد استقلال السلطة القضائية، ويفتح الطريق لحرية الفكر والعقيدة ويكفل حرية التنظيم ويجرم تزوير الانتخابات، باختصار برنامج لو تحقق فإنه يراقب القادم الجديد إلي سُدة الرئاسة ويضعه في موضع المراقبة الشعبية كما أن تحقيق ذلك يضمن تغيير الرئيس أو إقالته إذا ما ضلّ الطريق.
ولكن ما لا أوافق هؤلاء الناس عليه هو منطق الصفقة الشاملة الذي يطرحون به التغيير الشامل، وأظنهم بإصرارهم علي هذا المنطق، فإنهم يكادون يطرحون مهمة مستحيلة
.إن السياسة جزء من تلك الحياة المعقدة، التي لا تكفل تحقيق تلك الصفقات الشاملة. كما أن ضمان التأييد الشعبي لأي تغيير يأتي من الإمساك بما يسمي الحلقة الرئيسية، والمقصود بذلك هو أن نختار من بين الأهداف العديدة المطروحة هدفاً واحداً إذا ما تم إنجازه يفتح الطريق أمام إنجاز باقي الأهداف
.أروع ما في ذلك هو سهولة حشد الجماهير حول هدف بسيط وناصع. المهارة كلها هي في تعيين تلك الحلقة الرئيسية.دعونا إذن نري إذا ما كان ممكناً أن نُعين هدفا بسيطا يمكن أن نلف حوله الشعب المصري
. في ظني أن ما هو بسيط وسهل، ويمثل حلقة رئيسية في الوضع السياسي المعقد الراهن، هو اختيار مرشح للرئاسة القادمة في 2010 منذ الآن يسهل أن نحقق إجماعا شعبيا عليه، وتبدأ حركة شعبية واسعة لا هم لها سوي حشد التأييد الشعبي لهذا المرشح
.ولأن المرشح الذي تتوافر له هذه الشروط لابد أن يكون مستقلاً، فإن هذه الحركة الشعبية لا بد أن يكون لها هدف بسيط آخر هو تغيير المادة 76 من الدستورالتي تحول فعلياً بين المستقلين والترشح للرئاسة
.هدفان بسيطان من السهل الدعوة لهما بين أبسط الناس في مصر: نريد فلاناً رئيساً للجمهورية، ولكي يمكن ذلك لابد من تغيير المادة 76 من الدستور
.في ظني أن أبسط مواطن مصري في أي نجع من النجوع سوف يسهل عليه فهم هذين الأمرين، وأن يهتف بهما من أعماقه بعد أن تأكد للجميع أن الرئيس مبارك مسئول إلي حد كبير عما آل إليه حالنا من تدهور وما صرنا إليه من هوان
.أما هذا الفلان الذي يجب أن نلتف حوله فليجتهد الجميع في تعيينه، حتي نري من ترجح كفته، وإذا رأينا رجحان الكفة واضحاً، فإننا يجب أن ننسي كل ما سبق من مناظرات الترشيح، ولنتوحد جميعاً خلفه
.أما لماذا أري أن هذه هي الحلقة الرئيسية في الوضع الراهن؟
ولماذا أري أنها تفتح الطريق لبقية الأهداف التي يراها هؤلاء الناس المُحقون؟
.ردي ببساطة: إن تلك الطريقة الشعبية لتعيين مرشح الرئاسة وتزكيته تفتح الطريق لنهضة في الحركة الجماهيرية، وهو أمر والله جللُ لو تعلمون، والثاني أن مرشحاً لا يأتي من المؤسسة العسكرية، بل يأتي من خلال تلك الحركة الجماهيرية سوف يصعب عليه أن ينقلب علي المسار الديمقراطي الذي أتي به
.ليكن لنا جميعاً ذلك المرشح الواحد في مواجهة الرئيس مبارك ومن يرشُح منه.
من جانبي فأنا أٌرّشح الدكتور محمد مصطفي البرادعي، عالم القانون المصري الذي يترأس الوكالة الدولية للطاقة الذرية للدورة الثالثة رغم أنف أمريكا وإسرائيل،
وهو الحائز مع وكالته مناصفة علي جائزة نوبل للسلام،
وهو المشهود له بالكفاءة والاستقامة والثبات علي الحق
.يزكي الدكتور البرادعي لدي ولدي كل المصريين وقفته الباسلة ـ من خلال موقعه في رئاسة وكالة الطاقة الذرية ـ ضد الحرب علي العراق
، يزكي الدكتور البرادعي لدي ولدي كل المصريين أنه حال، حتي هذه اللحظة، دون إعطاء الولايات المتحدة الذريعة لهجوم غادر علي إيران، ونعلم جميعاً أنه لو تحقق ذلك الهجوم لدفعنا جميعاً ثمناً غالياً من دمنا ومالنا واحتمالات تقدمنا
، يزكي الدكتور البرادعي لدي ولدي كل المصريين أقوال أعدائه وأعدائنا عنه، إذ قال عنه شاؤول موفاز، نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي: البرادعي يعرّض السلم العالمي ـ يقصد موفاز الهيمنة الإسرائيلية وليس السلم ـ للخطر، وقال عنه أيضاً: البرادعي يستحق الإدانة لأنه يتصرف بطريقة غير مسئولة ويضع رأسه في الرمال حتي لا يري الأنشطة النووية الإيرانية
.يزكي الدكتور البرادعي لدي ولدي كل المصريين قوله عن بوش وأعوانه: لا نريد أن نعطي حجة إضافية لبعض "المجانين الجدد" الذين يريدون أن يقولوا هيا بنا نقصف إيران
.يبقي في النهاية السؤال: هل نجسر علي التحدي؟
هل نجسر علي العصيان؟
هل نجسر علي صياغة أهداف بسيطة والالتفاف حولها؟
والله لست أري ما يحول دون ذلك
بقلم- عادل المشد
نقلا عن البديل

No comments: