القاهرة (رويترز) - حتى بدايات التسعينيات كان معرض القاهرة الدولي للكتاب عرسا ثقافيا عربيا يجد فيه المتعاملون مع كلمة "ثقافة" ما يريدونه.. بداية من أمسيات شعرية شعبية كان بطلها نزار قباني مرورا بأمسيات محمود درويش وندوات في السياسة لمتحدثين مثل البابا شنودة الثالث ومحمد حسنين هيكل.
كما كانت المناظرات الفكرية تحظى باهتمام جماهيري واضح خاصة اذا كان طرفاها علمانيين واسلاميين وهو ما دفع ادارة المعرض لاعادة النظر فيها حيث قيل ان مناظرة من هذا النوع بين اسلاميين منهم الشيخ محمد الغزالي وعلمانيين منهم فرج فودة أدت الى اغتيال فودة أمام منزله في يونيو حزيران 1992 بجحة أنه مرتد عن الاسلام.
وكانت القاعة التي يحاضر فيها هيكل أو شنودة أو يلقي فيها عبد الرحمن الابنودي أو نزار أو درويش شعرا تضيق بالجمهور فتضطر ادارة المعرض للاستعانة بمكبرات صوت في الساحة التي زرعت فيها هذا العام بوابة حديدية ضخمة وحولتها الى ما يشبه المعسكر.
وتوقف توجيه الدعوة لهيكل للقائه السنوي بالجمهور بعد ندوته الشهيرة التي انتقد فيها موقف الحكومة المصرية من الحرب التي شنها حلفاء على العراق في يناير كانون الثاني 1991 بعد احتلاله الكويت. وهيكل ليس ضمن العشرات من الكتاب والمثقفين الذين يحاورهم الرئيس المصري حسني مبارك في لقاء تقليدي يوم افتتاح المعرض سنويا.
وافتتحت الدورة الحادية والاربعون لمعرض الكتاب الاربعاء الماضي وقال ناصر الانصاري رئيس مجلس ادارة الهيئة المصرية العامة للكتاب منظمة المعرض ان 765 ناشرا يمثلون 27 دولة منها 16 دولة عربية يشاركون في المعرض الحالي الذي ينتهي في الخامس من فبراير شباط وتحل فيه بريطانيا ضيف شرف.
وأعلن المجلس الثقافي البريطاني بالقاهرة في وقت سابق أنه أعد برنامجا متكاملا لتمثيل بريطانيا وثقافتها ويتضمن أمسيات شعرية وأنشطة ثقافية وموسيقية وعروضا مسرحية وسينمائية.
وأصابت رواد المعرض الدهشة وهم يشاهدون عروض فرقة (مسرح الطبيعة) البريطاني والتي قدمت محاكاة ساخرة مثيرة للضحك لشخصيات بريطانية غريبة الاطوار حيث كان الممثلون يتجولون وسط الجمهور وهم يرتدون أقنعة ويؤدون حركات تمثيلية كما ارتدى ممثل وممثلة في رأسيهما انائين مملوئين بالورود ورفعا أيديهما لتحية الجمهور الذي لا يرى رأسيهما.
وتساءلت الناقدة عزة هيكل أستاذة الادب الانجليزي بجامعة عين شمس عن معايير اختيار ضيف الشرف وهل يشارك مثقفون متخصصون في هذا الاختيار أو اقتراح ما يمكن أن يقدمه الضيف خلال "معرض للكتاب وليس مهرجانا للفنون الشعبية" في اشارة الى عروض فرقة مسرح الطبيعة.
وقالت ان ما تراه تراجعا لاداء معرض القاهرة للكتاب سببه "وجود (تحكم) مجموعة من الموظفين الاداريين الذي لا يسمحون بالتطوير الحقيقي لبرنامج المعرض.. لا يعرفون ولا يتركون غيرهم يفعل" مضيفة أن مصر غنية بالمواهب الثقافية والادارية التي قالت انها تستبعد من المشاركة في مثل هذه الانشطة.
وبعيدا عن غياب الندوات السياسية والشخصيات التي تحظى بالاهتمام الكبير اختفى هذا العام مقهى المثقفين. وهو مقهى عادي كان منتدى حقيقيا لمعظم رواد المعرض.
وقال الشاعر المصري أسامة عفيفي ان "اختفاء المقهى سابقة غريبة مثيرة للتساؤلات والتكهنات" مضيفا أنه أيا كانت مبررات مسؤولي المعرض فان الغاء المقهى "هدم لطقس" كان يمثل ظاهرة ثقافية مستقلة وموازية لانشطة رسمية داخل المعرض حيث كان يشهد جلسات نقاش أكثر سخونة مما يدور في الندوات كما كان شعراء عرب بارزون يلتقون فيه بأصدقائهم وبرواد المعرض قبل الامسيات وبعدها.
ورجح أن "النظام أصابه الرعب من أي تجمع ولو داخل أسوار معرض الكتاب."
لكن علاء عبد الهادي المستشار الاعلامي لهيئة الكتاب نفى هذا الاحتمال قائلا إن الغاء المقهي كمكان لتقديم المشروبات والمأكولات "مجرد اجراء تنظيمي من هيئة المعارض (حيث يقام معرض الكتاب) والهيئة ملتزمة به" في اشارة الى الهيئة المصرية العامة للكتاب منظمة المعرض مضيفا أن الانصاري رئيس هيئة الكتاب "كان يفضل الجلوس على المقهى" بين الحين والاخر في السنوات الماضية.
وينظم المعرض هذا العام عروضا لافلام بريطانية منها (حب في نوتينج هيل) و(العميل 707) و (غاندي) و(هاري بوتر وكأس النار) و(اسكندرية كمان وكمان) و(هي فوضى) و(حسن ومرقص).
وتساءل الشاعر المصري مصطفى عبادة.. "هل تقام أمسيات للشعر وندوات عن قضايا النشر والثقافة والابداع الادبي في مهرجان السينما مثلا.. هذا ليس معرضا للكتاب بل سوقا كبيرة يباع فيها كل شيء.. يكفي القصف المتواصل لمشايخ لا ندري من ينصحون في هذه الفوضى" في اشارة الى الخطب التي تذيعها مكبرات الصوت من باعة الكتب الاسلامية.
وأضاف أن قضايا الدراما تناقش في مهرجان خاص بها وأزمة الرياضة في الاندية والمجلس الاعلى للشباب والرياضة "فلماذا يستكثرون على المعرض أنه مخصص للكتاب والابداع الادبي ويناقشون فيه مشكلات كرة القدم وأزمة الدراما المصرية
كما كانت المناظرات الفكرية تحظى باهتمام جماهيري واضح خاصة اذا كان طرفاها علمانيين واسلاميين وهو ما دفع ادارة المعرض لاعادة النظر فيها حيث قيل ان مناظرة من هذا النوع بين اسلاميين منهم الشيخ محمد الغزالي وعلمانيين منهم فرج فودة أدت الى اغتيال فودة أمام منزله في يونيو حزيران 1992 بجحة أنه مرتد عن الاسلام.
وكانت القاعة التي يحاضر فيها هيكل أو شنودة أو يلقي فيها عبد الرحمن الابنودي أو نزار أو درويش شعرا تضيق بالجمهور فتضطر ادارة المعرض للاستعانة بمكبرات صوت في الساحة التي زرعت فيها هذا العام بوابة حديدية ضخمة وحولتها الى ما يشبه المعسكر.
وتوقف توجيه الدعوة لهيكل للقائه السنوي بالجمهور بعد ندوته الشهيرة التي انتقد فيها موقف الحكومة المصرية من الحرب التي شنها حلفاء على العراق في يناير كانون الثاني 1991 بعد احتلاله الكويت. وهيكل ليس ضمن العشرات من الكتاب والمثقفين الذين يحاورهم الرئيس المصري حسني مبارك في لقاء تقليدي يوم افتتاح المعرض سنويا.
وافتتحت الدورة الحادية والاربعون لمعرض الكتاب الاربعاء الماضي وقال ناصر الانصاري رئيس مجلس ادارة الهيئة المصرية العامة للكتاب منظمة المعرض ان 765 ناشرا يمثلون 27 دولة منها 16 دولة عربية يشاركون في المعرض الحالي الذي ينتهي في الخامس من فبراير شباط وتحل فيه بريطانيا ضيف شرف.
وأعلن المجلس الثقافي البريطاني بالقاهرة في وقت سابق أنه أعد برنامجا متكاملا لتمثيل بريطانيا وثقافتها ويتضمن أمسيات شعرية وأنشطة ثقافية وموسيقية وعروضا مسرحية وسينمائية.
وأصابت رواد المعرض الدهشة وهم يشاهدون عروض فرقة (مسرح الطبيعة) البريطاني والتي قدمت محاكاة ساخرة مثيرة للضحك لشخصيات بريطانية غريبة الاطوار حيث كان الممثلون يتجولون وسط الجمهور وهم يرتدون أقنعة ويؤدون حركات تمثيلية كما ارتدى ممثل وممثلة في رأسيهما انائين مملوئين بالورود ورفعا أيديهما لتحية الجمهور الذي لا يرى رأسيهما.
وتساءلت الناقدة عزة هيكل أستاذة الادب الانجليزي بجامعة عين شمس عن معايير اختيار ضيف الشرف وهل يشارك مثقفون متخصصون في هذا الاختيار أو اقتراح ما يمكن أن يقدمه الضيف خلال "معرض للكتاب وليس مهرجانا للفنون الشعبية" في اشارة الى عروض فرقة مسرح الطبيعة.
وقالت ان ما تراه تراجعا لاداء معرض القاهرة للكتاب سببه "وجود (تحكم) مجموعة من الموظفين الاداريين الذي لا يسمحون بالتطوير الحقيقي لبرنامج المعرض.. لا يعرفون ولا يتركون غيرهم يفعل" مضيفة أن مصر غنية بالمواهب الثقافية والادارية التي قالت انها تستبعد من المشاركة في مثل هذه الانشطة.
وبعيدا عن غياب الندوات السياسية والشخصيات التي تحظى بالاهتمام الكبير اختفى هذا العام مقهى المثقفين. وهو مقهى عادي كان منتدى حقيقيا لمعظم رواد المعرض.
وقال الشاعر المصري أسامة عفيفي ان "اختفاء المقهى سابقة غريبة مثيرة للتساؤلات والتكهنات" مضيفا أنه أيا كانت مبررات مسؤولي المعرض فان الغاء المقهى "هدم لطقس" كان يمثل ظاهرة ثقافية مستقلة وموازية لانشطة رسمية داخل المعرض حيث كان يشهد جلسات نقاش أكثر سخونة مما يدور في الندوات كما كان شعراء عرب بارزون يلتقون فيه بأصدقائهم وبرواد المعرض قبل الامسيات وبعدها.
ورجح أن "النظام أصابه الرعب من أي تجمع ولو داخل أسوار معرض الكتاب."
لكن علاء عبد الهادي المستشار الاعلامي لهيئة الكتاب نفى هذا الاحتمال قائلا إن الغاء المقهي كمكان لتقديم المشروبات والمأكولات "مجرد اجراء تنظيمي من هيئة المعارض (حيث يقام معرض الكتاب) والهيئة ملتزمة به" في اشارة الى الهيئة المصرية العامة للكتاب منظمة المعرض مضيفا أن الانصاري رئيس هيئة الكتاب "كان يفضل الجلوس على المقهى" بين الحين والاخر في السنوات الماضية.
وينظم المعرض هذا العام عروضا لافلام بريطانية منها (حب في نوتينج هيل) و(العميل 707) و (غاندي) و(هاري بوتر وكأس النار) و(اسكندرية كمان وكمان) و(هي فوضى) و(حسن ومرقص).
وتساءل الشاعر المصري مصطفى عبادة.. "هل تقام أمسيات للشعر وندوات عن قضايا النشر والثقافة والابداع الادبي في مهرجان السينما مثلا.. هذا ليس معرضا للكتاب بل سوقا كبيرة يباع فيها كل شيء.. يكفي القصف المتواصل لمشايخ لا ندري من ينصحون في هذه الفوضى" في اشارة الى الخطب التي تذيعها مكبرات الصوت من باعة الكتب الاسلامية.
وأضاف أن قضايا الدراما تناقش في مهرجان خاص بها وأزمة الرياضة في الاندية والمجلس الاعلى للشباب والرياضة "فلماذا يستكثرون على المعرض أنه مخصص للكتاب والابداع الادبي ويناقشون فيه مشكلات كرة القدم وأزمة الدراما المصرية
REUTERS
No comments:
Post a Comment