تحت شعار "عام 2008 قمع الحريات الدينية في مصر" أصدر مركز الكلمة لحقوق الإنسان تقريره السنوي الأول عن الحريات الدينية في مصر خلال عام 2008، وقد تعرض التقرير بالرصد للانتهاكات التي تعرضت لها الأقليات الدينية في مصر خلال العام. وأكد التقرير على سياسة القمع التي انتهجتها الحكومة المصرية في مواجهة وأحكام القبضة الحديدية على حرية الدين والمُعتقد، ورصد التقرير الملاحقات القضائية للأقلية المسيحية المتعلقة برفض المحاكم المصرية إثبات ديانة مسلمين تحوّلوا إلى المسيحية (تنصروا) في الأوراق الثبوتية بالدولة في إشارة إلى قضية المُتنّصر محمد حجازي، وماهر المعُتصم، وذلك استناداً إلى أحكام الشريعة الإسلامية التي ينص عليها دستور البلاد في مادته الثانية.
كما رصد التقرير ازدراء المحاكم المصرية في حيثيات أحكامها بالعقيدة المسيحية خاصة في القضايا المتعلقة بالتحول الديني، وانتزاع الأطفال الصغار من حضانة أمهاتهم لوالدهم الذي أشهر إسلامه، وذلك في إشارة إلى فضية المُتنّصر محمد حجازي التي حملت رقم 35647 لسنة 61 ق، والتي أشارت حيثيات حكم المحكمة فيها إلى أن تحوّل حجازي إلى المسيحية بمثابة سوء مسلك وانحراف هوى وأن هناك أفضلية لدين على دين آخر.
كما أنه في قضية انتزاع حضانة الطفلتين القاصرتين أشرقت ( 12 عاماً) وماريا (8 أعوام) أشارت حيثيات الحكم في القضية التي حملت رقم 229 لسنة 2007 إلى أن ضرورة انتزاع الطفلتين المذكورتين من حضانة أمهما المسيحية لئلا يحدث لهما الضرر المتمثل في أن تصطحبهما معها إلى معابدها أو كنائسها.
وقد حدث ما يشابهه ذلك في قضية الطفلين ماريو وأندرو التي أصدرت المحاكم المصرية حكماً بانتزاعهما من حضانة والدتهما السيدة كاميليا لطفي، وضمهما إلى حضانة والدهما الذي أشهر إسلامه رغماً عنهما. ورصد التقرير تصاعد حدة التشدد الديني داخل البرلمان المصري، وهو ما يُشكّل خطراً على حقوق الأقليات الدينية ورفض وتهميش كل ما هو غير مسلم حيث رصد التقرير تنافساً محموماً بين أحد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين المحظورة والدكتور مفيد شهاب وزير الدولة لشئون المجالس النيابية والبرلمانية المحسوب على الحزب الوطني الحاكم، والذي أكد عند مناقشة البرلمان لقانون الطفل في الجلسة المنعقدة في 1 يونيو 2008 على انه من الضروري عدم إقرار أي نص فيه أي خروج على أحكام الشريعة الإسلامية، وأنه إذا تبين أن هناك فيه خروج على أحكام الشريعة الإسلامية فيجب عدم الموافقة عليه بأي حال من الأحوال.
كما رصد التقرير هياج البرلمان المصري عندما وقف وزير العدل د. ممدوح مرعي لمناقشة قانون الطفل مُفتتحاً حديث بـعبارة (بسم الله الذي نعبده جميعاً) ومطالبته بافتتاح حديثه بـالبسملة الإسلامية.
كما تم رصد حالة استهداف لرجل أعمال قبطي وتحميله وحده عبء المسئولية في انقلاب أتوبيس مغاغة الذي راح ضحيته 75 قتيلاً، والتلويح بأن الرجل يأخذ مشروع نقل الركاب بالمنيا عن طريق لوي الدراع. كما أشار التقرير إلى الحكم الصادر في 12 أكتوبر الماضي ضد الكاهن متاؤوس عباس وهبة الذي حكمت عليه المحاكم المصرية بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات بتهمة التزوير في أوراق ثبوتية وإتمام عقد قران لمسلمة غيّرت ديانتها إلى المسيحية وأنه كان يعلم بذلك، وهو ما نفاه الكاهن المذكور -الذي يقضي عقوبة السجن المقررة الآن بسجن طره بحلوان-.
وقد استنكر قداسة البابا هذا الحكم معتبراً إياه سابقة سوداء في تاريخ القضاء المصري، وطالبت أيضاً منظمات حقوقية بالإفراج عن الكاهن المحبوس أو إصدار عفواً رئاسياً عنه أسوة بما فعله الرئيس المصري محمد حسني مبارك مع الصحفي إبراهيم عيسى رئيس تحرير جريدة الدستور المصرية المستقلة. يذكر أن التهمة وُجّهت إلى متهمين مع الكاهن المذكور وُجّهت إليهما هذه التهم وقد حُكم عليهما غيابياً إلا الكاهن الذي حكمت عليه المحكمة حضورياً، ورصد التقرير رفض المحاكم المصرية شهادة مسيحيين وفقاً للأحكام الشرعية، في إشارة إلى رفض محكمة شبرا الخيمة لشئون الأسرة سماع شهادة مواطن مصري مسيحي أحضره جاره المسلم للشهادة في المحكمة المذكورة لإثبات وفاة والده إلا أن المحكمة طالبت المسلم بإحضار شاهد مسلم ليشهد في القضية لأنه لا يجوز شرعاً شهادة غير المسلم على المسلم حتى في إعلام الوراثة، وقد حملت هذه القضية رقم 1824 لسنة 2008 وراثات شبرا الخيمة. وأشار التقرير إلى أن المحاكم المثرية ألزمت الكنيسة المصرية بالزواج الثاني الأمر الذي يعد تحريضاً على دفع الكنيسة لمخالفة التعاليم الكنسية وتعاليم الإنجيل المقدس، وقد استنكر البابا شنوده الثالث الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في مارس الماضي بإلزام الكنيسة المصرية الزواج الثاني للمطلق، بقوله لجريدة الأهرام الرسمية الصادرة الثلاثاء 4 مارس 2008.
وتتبع التقرير الحكم الصادر في من محكمة المحكمة الإدارية العليا في فبراير 2008 بالسماح لمسيحيين اعتنقوا الإسلام بالعودة لديانتهم المسيحية، وإلزام وزارة الداخلية بأن تصدر للمدعين شهادات ميلاد ووثائق هوية تنص على أنهم مسيحيون ولكن في إشارة إلى اعتناقهم للإسلام سابقاً. وقد اعتبر حقوقيون أن كتابة مسلم سابقاً تعطي إيحاء إلى معاملة هؤلاء معاملة غير سوية تؤثر من قبل متطرفين ومتشددين في المصالح الحكومية والخدمية بالدولة، وإلى الآن تصر الداخلية المصرية على عدم تنفيذ هذا الحكم في تعدي صارخ لأحكام القضاء وحقوق هؤلاء في حرية الاعتقاد الديني، كما تغير الداخلية المصرية أسماء وديانات الصغار الذين تحول والدهم إلى الإسلام إلى أسماء وديانات إسلامية تنفيذاً للأحكام الشرعية التي تنص على ضرورة تبعية الأبناء لدين والدهم الذي أشهر إسلامه وهو ما يعتبر تعديّاً على سلطة وزارة العدل وحق الإنسان في اختيار دينه واسمه.
ورصد التقرير ملاحقة الأمن المصري للمتنصرين والمدونين في إشارة إلى اعتقال هاني نظير الذي اعتقلته الجهات الأمنية لنشره كتابات اعتبرها الأمن أنها مسيئة للإسلام وما زال المذكور رهن الاعتقال بموجب قانون الطوارئ حتى وقت صدور هذا التقرير. كما رصد التقرير قيام الأمن المصري بسحب جنسية وجواز سفر مواطن مصري مسلم لمجرد أن علم الأمن بتردده على الكنيسة المصرية لتهنئة إخوته المسيحيين بالأعياد في قبرص، وتتبع التقرير ملاحقة الأمن المصري للمتنصرة زينب سعيد عبد العزيز أبو لبن (مرثا صموئيل ميخائيل) واثنين هما زوجها المهندس جورج حنا مرقس والمحامي مسعود جرجس مسعود، وحبسهما بتهمة إنهما ساعدا المتنصرة في استخراج أوراق ثبوتية مزورة، وكان جهاز أمن الدولة قد قام بالقبض على المتنصرة مرثا صموئيل (24 عاماً) وزوجها في مطار القاهرة أثناء محاولتهما للسفر إلى روسيا، كما تم القبض على اثنين هما جورج حنا مرقس، ومسعود جرجس مسعود واتهمهما بتزوير أوراق رسمية للمذكورة وقد تم حبسهما، وقد لتعرضت المتنصرة بتهديدات في قسم شرطة النزهة لكي تعدل عن إيمانها المسيحي، وكذلك تعرضت لضغوط شديدة داخل السجن. وقد أصدر قاضي المعارضات بغرفة المشورة بمحكمة جنايات القاهرة بالعباسية أثناء إعداد هذا التقرير قرار بالإفراج عن المتهمين الثلاثة بكفالة ورغم استئناف المحكمة على الحكم إلا أن المحكمة أيدت الحكم بالإفراج، وهناك تخوفات من القبض على المتهمين بعد الإفراج عنهم بموجب قانون الطوارئ. هذا وقد رصد هذا التقرير حوادث العدوان الطائفي على المسيحيين، سواء احدث الطيبة بسمالوط وأحداث قرية دفش وكوم المحرص وعين شمس، ورشيد، وإغلاق الأمن المصري لمباني خدمات بالإسكندرية، وتتبع التقرير الممارسات رفض الحكومة المصرية الاعتراف بهوية المواطنين البهائيين في الأوراق الثبوتية رغم صدور حكم قضائي بالسماح لهم بترك خانة الديانة خالية أو وضع شرطة، ومنع نقابة الصحفيين إقامة مؤتمر صحفي بحجة حضور بهائية لإلقاء كلمة وهي د. بسمة موسى. ورصد التقرير اعتصام محمد الدريني أمام مكتب النائب العام أواخر 2008، واعتقال القرآني رضا عبد الرحمن في شهر أكتوبر الماضي وقد تم الإفراج عنه وقت إعداد هذا التقرير
No comments:
Post a Comment