دعت منظمات للمجتمع المدني من مختلف أنحاء العالم، أغلبيتها من الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي، مجلس حقوق الإنسان إلى تعزيز اختصاصات وصلاحيات المقرر الخاص للأمم المتحدة لحرية الرأي والتعبير، ورفض التعديل الذي تقدمت به منظمة المؤتمر الإسلامي في هذا الصدد. وجاء فى بيان صادر عن أربعين منظمة متنوعة من منظمات حقوق الإنسان الدولية والمحلية والمجموعات المعنية بحرية الرأي والتعبير –منها مركز القاهرة لحقوق الإنسان- أنها تطالب الدول الأعضاء بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى تعزيز اختصاصات وصلاحيات المقرر الخاص للأمم المتحدة لحرية الرأي والتعبير، ورفض التعديل الذي تقدمت به منظمة المؤتمر الإسلامي في هذا الصدد لأنه يعد حلقة من الهجمات المتتالية ضد حرية التعبير والمحاولات المستمرة لاختزال أو تقويض صلاحيات المقرر الخاص لحرية التعبير. وكان ينبغي على مجلس حقوق الإنسان أن يحث كافة الدول الأعضاء على تدعيم وتفعيل الحماية الدولية لحقوق الإنسان لكل الأفراد ولكل الشعوب وخاصة الحقوق الفردية في الحياة، والمساواة، والعدالة، إضافةً إلى حقوق الأقليات والتي تشمل الأقليات الدينية ضد أفعال الكراهية والإكراه والعنف. يذكر أن منظمة المؤتمر الإسلامي قد تقدمت بشكل رسمي باقتراح تعديل إطار عمل وتفويض وصلاحيات المقرر الخاص لحرية الرأي والتعبير، وهو التعديل الذي سيؤدي في حالة إقراره إلى أن يضع على عاتق المقرر الخاص مهمة "متابعة ورصد الحالات التي يحدث فيها استغلال الحق في حرية التعبير عندما يمثل هذا الاستغلال فعلاً من أفعال التمييز على أساس عرقي أو ديني أخذاً في الاعتبار المادة 19 (3) والمادة 20 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والتعليق العام رقم 15 للجنة إنهاء كافة أشكال التمييز العنصري، والتي تتضمن حظر نشر وترويج كافة الأفكار المبنية على أساس التفوق العرقي أو الكراهية باعتبار ذلك يتسق مع حرية الرأي والتعبير".
وعبرت المنظمات عن قلقها العميق تجاه هذا التعديل المقترح والذي يقلص من تفويض وصلاحيات المقرر الخاص لحرية التعبير في الوقت الذي تحتاج فيه حرية التعبير إلى مزيد من الحماية والتعزيز.
كما يثير التعديل المقترح إشكاليات عديدة بالنظر إلى: - إن التعديل يتناقض مع جوهر الصلاحيات التي يتمتع بها المقرر الخاص: إذ أن دور المقرر الخاص ليس هو البحث في التعبيرات التي تمثل خروجاً عن حرية التعبير ولكن دوره هو النظر في الانتهاكات التي تتعرض لها حرية التعبير ومتابعة ومراقبة ذلك. وهناك من جانب آخر أجهزة عديدة في الأمم المتحدة لها دور محدد في النظر لأشكال التحريض على الكراهية العرقية مثل " لجنة إنهاء كافة أشكال التمييز العنصري" والتي خصصت الكثير من الاهتمام لهذه القضية. - التعديل المقترح يفتقد إلى التوازن: إذ أنه يركز فقط على تحديد وتقييد حرية التعبير بدلاً من أن يركز على السبل المناسبة لتحقيق التوازن الواجب ما بين متطلبات الحماية الإيجابية للحق في حرية الرأي والتعبير وما يقتضيه وضع حد لدعاوى التحريض على الكراهية الدينية والعرقية. إن الافتقاد لهذا التوازن يظهر على سبيل المثال فى ديباجة التعديل المقترح، إضافةً إلى إشارته فقط إلى المادة 19 (3) والتي تختص بالقيود على حرية التعبير بدلاً من الإشارة إلى المادة 19 بكاملها. - إنه تعديل غير ضروري: إذ أنه من المسلم به أن الصلاحيات المخولة للمقرر الخاص تأخذ بعين الاعتبار الضوابط المقبولة على ممارسة الحق في حرية التعبير كما فعل شاغل هذا المنصب حاليا السيد/ أمبيي ليمباجو في مناسبات عديدة علاوة على من سبقه في هذا المنصب، وإضافة إلى ذلك فإن التركيز بشكل خاص ومحدد على أحد أشكال التقييد بعينها -كما يطرح التعديل المقترح- يمنح أولوية غير مبررة على هذا الجانب وحده. - التعديل المقترح مدخل لإساءة التأويل: وذلك لأن العبارات غير المنضبطة التي تم بها صياغة هذا التعديل يمكن أن تجعل القانون الدولي لحقوق الإنسان بشكل عام والتكليف الخاص على وجه الخصوص عرضةً لأشكال مختلفة ومتباينة من إساءة الفهم والتأويل بشكل مضلل. - إن القانون الدولي يوفر بحد ذاته هيكلاً واضحاً ومتوازناً من المعايير في هذا المجال ويأتي ذلك في المادتين 19 و20 من العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية واللتان تمنعان التحريض على الكراهية على أساس الجنسية أو القومية أو العرق أو الدين، ولكن تحميان الحق في الانتقاد بما في ذلك توجيه الانتقادات إلى السياسات والمعتقدات والأديان. وتضمن الفقرات الخاصة بحماية السمعة في القانون الدولي لحقوق الإنسان حماية الأفراد وليس حماية الأفكار المجردة أو المؤسسات. وفي حين يسمح القانون الدولي بضوابط محددة على القول والتعبير لحماية سمعة الأفراد إلا أن هذه القيود لا تتسع لتشمل الأديان بحد ذاتها. والقانون الدولي لا يمنع تماماً القيود على القول والتعبير لحماية الأديان ولكنه يؤطر المجال المحدد لهذه القيود. إن من حق المؤمنين ألا يتم التمييز ضدهم على أساس معتقداتهم، ولكن الدين نفسه لا يمكن جعله محمياً من الانتقاد. إن المساواة بين كافة الأفكار والعقائد أمام القانون والحق في مناظرتها والتعليق عليها بحرية هي حجر الزاوية في الديموقراطية. وكما أكدت المحاكم الدولية لحقوق الإنسان فإن حرية التعبير تنطبق ليس فقط على المعلومات والأفكار التي يتبناها ويعتقد بها الأشخاص، ولكن أيضا على تلك الأفكار والتصورات التي يمكن أن تسيء أو تثير أو تصدم أو تربك أياً منا أو كلنا جميعاً. ولذلك فإن التعديل المقترح قد يجري فهمه وتأويله كمحاولة للانتقاص من هذا الإطار المؤسس والمعتمد
تقرير-إسحق إبراهيم
No comments:
Post a Comment