Friday, December 07, 2007

الفشل في مواجهة تطرف المتأسلمين في معركة العقول والقلوب

أمضيت ١٤ عاما في الشرق الأوسط ولهذا اعتدت الثقافة العربية وحساسياتها التي يسهل استثارتها، إلا أن القرار باعتقال وحبس المدرسة الإنجليزية جيليان جيبونز كان بعيدا كل البعد عن أدني إحساس بالمنطق، لدرجة أنني تساءلت عما إذا كان اليوم أول أبريل» هكذا بدأت شيراز ماهر مقالها المنشور في «تايمز» البريطانية
للأسف، لم تكن مزحة، فالحقيقة هي أننا بدأنا ندرك أننا وسط معركة بين عقول وقلوب وفي جوهرها تدور معركة أخري حول جوهر الإسلام نفسه. ولا يمكننا توقع أن يخوضها أحد نيابة عنا.
منذ أسابيع قليلة شارك رود ليدلي في حوار حول ما إذا كان الإسلام جيداً من أجل لندن أم لا. وكانت رسالته: ليس لدي أية مشكلات مع المسلمين، لكن لدي مشكلة مع الإسلام.
وأنا بالطبع لا أشارك رود في آرائه إلا أن الكثيرين يفكرون مثله وأنا أدرك تماما كيف وصلوا إلي ذلك التفكير، فلقد بلغ الأمر مرحلة أن تسمية لعبة من قبل الأطفال أصبح واقعة دولية تتحدث وزارات الخارجية بشأنها عن البعثات التبشيرية.
وجيبونز ليست الأولي التي تعاني تحت حكم الإسلاميين في السودان بقيادة الرئيس عمر البشير، الذي حدد مصيرها بكراهيته وخلافاته مع الغرب. فمنذ الاستيلاء علي الحكم عام ١٩٨٩ شن البشير الحرب علي مسيحيي الجنوب واستضاف أسامة بن لادن كضيف قومي خلال التسعينيات ومؤخرا دعم ميليشيا الجنجويد في اعتداءاتها الدموية التي تشنها في إقليم دارفور.
وحاليا أثارت محاولات إرسال قوات أممية فرنسية وانجليزية إلي دارفور غضب البشير الذي أقسم شخصيا بقيادة الجهاد ضدها، وبالنسبة للبشير ومسانديه الذين أرادوا إعدام جيبونز تمثل الأمم المتحدة «التدخل الغربي». وتلك «الإهانة» هي السر وراء قضية جيبونز التي سافرت من لندن إلي الخرطوم للمساعدة في تعليم الأطفال. وبعد اعتبار المحكمة أن جيبونز أهانت الإسلام كان من المحتمل
أن يكون مصيرها أسوأ كثيرا من ١٥ يوما في الحبس.. وقالت إحدي مدرسات المرحلة الابتدائية «أنا متسامحة مع كل الأديان لكن مع قراءة ماحدث في هذا الموقف، تم اختبار مدي تسامحي مع الإسلام، وكان اختبارا موجعا»، ومن الصعب لوم تلك المدرسة فخلال السنوات الأخيرة نتج كل ما تم تفسيره علي أنه إهانة للإسلام عن احتجاجات ضخمة في العالم شمل الهجوم علي السفارات ومقاطعات اقتصادية وأيضا قتلي. وشعر المسلمون بالألم لشرح أن تلك الأحداث التي تجري في السودان ليست من الإسلام في شيء ثم بعدها اشتكوا من أن الإعلام يصور المسلمين كشياطين.
أنا أوافق علي أن مصير جيبونز مرتبط بالسياسة أكثر من ارتباطه بالدين، لكن لماذا نتوقع أن يفرق الناس أوتوماتيكيا بين الإسلام والتأسلم؟ فلمدة عقدين سمحنا لرسالة الإسلام السياسي بالانتشار بلا منافس داخل المجتمع الإسلامي البريطاني. إن لا مبالاتنا سمحت للتأسلم بأن يكون المسار السياسي السائد بين الشباب المسلم في بريطانيا. وعندما يربط بين الإسلام ونمط البربرية الذي نراه في العالم فهذا ليس لأن المسلمين صمتوا طويلا ولكن لأننا فشلنا في تحدي وهزيمة الأيديولوجيا التي تنميه.
تغيير المفاهيم عن الإسلام سواء في الإعلام أو غيره لن يأتي من الإدانة وحدها أو الصراخ بأن ذلك «ليس الإسلام» كلما حدث شيء ما، لكنه قد يتحقق من خلال تحدي من يريدون استغلال الإسلام لخدمة أجنداتهم السياسية أينما كانوا
كتب نفيسة الصباغ ٧/١٢/٢٠٠٧
المصرى اليوم

No comments: