Monday, November 05, 2007

مجدى مهنا - يكره مصر - ماذا عن المطحونين ؟

الكاتب المصرى الكبير الاستاذ مجدى مهنا غنى عن التعريف , فهو مشهور بمواقفه المشرفة , سواء فى ايام كان يكتب فى جريدة الوفد التابعة لحزب الوفد المصرى , او بعد ان تركها مرغما , الى جريدة اخرى مستقلة , او قبل ذلك فى احدى الاصدارات الحكومية , كذلك من خلال برنامجه المحترم على احدى الفضائيات الخاصة, فهو فى كل كتاباته وحواراته ,كان يستهدف الحقيقة مجردة , وكان يصبو الى العدالة والحرية حتى لو تحرك فى الممنوع , الامر الذى جر عليه الكثير من العداءات والحروب من الصغار والكبار , تلك الحروب التى اصابته فى النهاية بالامراض القاسية , بالرغم من كونه لا يزال شابا نسبيا

.لقد تالمت كثيرا لمرض هذا الكاتب المحترم الذى قل مثاله فى مصر ,كما تالم كل المطحونين الحقيقيين الذين كان يناصرهم دائما فى كتاباته, لكن ما افجعنى ما قرأته فى عموده المنشور يوم الحادى والثلاثين من اكتوبر بجريدة المصرى اليوم , والذى اعترف فيه ,انه عند سفره للعلاج بالخارج كره مصر ولم يكن يطيق سماع اسمها, وكان يتمنى عدم العودة اليها.. لكنه عاد ليستطرد انه فى سفره الحالى يشعر بالوحشة ويتمنى العودة سريعا ,لكونه اكتشف انه لا يستطيع فراق هذا الوطن الجميل الذى مهما قسى بعض ابنائه او من يتحكمون به , فلا يستطيع احد ممن يطالهم ظلم او بغى او اضطهاد , ان يستمر فى مرارة شعر بها ,او ان يستمرىء , حقد مر على خاطره فى لحظة ضعف ناتجة من تراكم ضربات وقساوات بعض من بنى وطنه .مجدى مهنا الكاتب والسياسى والمواطن المصرى البسيط قال رسالته -شفاه الله - وعلى الجميع ان يسمع ,ان الاحساس بالظلم قد يورث الكفر والكراهية للمظلوم حتى لو كان فى حجم وقامة كاتب نبيل لا يستطيع الكراهية مثل مجدى مهنا , وكما اشار مجدى مهنا ,ما اكثر الشرفاء والمخلصين فى هذا البلد العظيم مصر,لكن هؤلاء الشرفاء والمخلصين , لا يجدون الا النكران والجحود بل والحرب والمطاردة , بينما اللصوص والانتهازيين يتقدمون الصفوف فى كل المواقع , ليس فى الصحافة , او السياسة,او الثقافة ,فحسب ولكن حتى فى المواقع الوظيفية المحدودة , اننا معك يا استاذ مجدى ومع كل الشرفاء المنتمين لهذا الوطن , لا نستطيع ان نكره حتى من ينفونناولا ان نكره من يتحالفون ضدنا مع اعداء الوطن التاريخيين , نحن نحب مصر بخيرها وشرها , وكما قلت انت نحن نرفض السياسات والاوضاع التى نعيش فيها ونتمنى تغييرها , ونمقت السياسات التى ادت اليها , وجعلتنا نتلظى ونحترق بنيران خيبة الامل بسبب ضياع العمر , دون بادرة امل , لكن اى من الشرفاء وانت منهم ,لا يمكنهم حتى العيش خارج حواريها او شوارعها , ولو للعلاج .ان مصر التى هى بلدنا تعرف كما اشرت انت من يحبها حبا مجردا من الاهواء , مصر تعرفك وتحبك , بالرغم من عزوفك عن جلسات التلميع , او ابتعادك عن بروباجندا الشكاوى طلبا لثمن لكل موقف , ان من يشرب من النيل يعود اليه , فما بالك بمن هم مثلك الذين ولدوا وتربوا شرفاء على هذا التراب الطاهر؟ اننا نتوجه الى من نتوسم فيهم التعقل , او من لا يزالون يملكون بعض من الانتماء لهذا الوطن , اذا كان كاتب بحجم الاستاذ مجدى مهنا , لم يستطع ان يمنع بعض الهواجس عن نفسه كما اشار هو , وهو المعروف بالاتزان والهدوء والموضوعية , فماذا عن من هم دونه ثقافة او علم او معرفة او انتماء ووطنية؟ان الامور قاربت الى ما يشبه الكارثة , والاسباب معلومة , لن يؤثر فيها مشروع قومى مثل المشروع النووى وحده لاعادة الاتزان , المطلوب هو سرعة استيعاب المطحونين والتشغيل لملايين العاطلين واعادة الامل بالمستقبل للناشئة , ليس صعبا العودة الى المشاريع القومية الاقتصادية المملوكة للدولة , كما اشار الدكتور نادر فرجانى, لانتشال الفقراء الذين لا يجدون قوت يومهم , ويؤثرون الموت غرقا من اجل السفر لايطاليا وغيرها , كما حدث اول امس من وفاة وغرق لعشرات الشباب من ابناء الفقراء , بينما بعض ابناء النخبة ,كما كتب الدكتور احمد ثابت فى جريدة الدستور المصرية , يقبضون عشرات الالوف من الدولارات شهريا, وعمر احدهم لا يتجاوز خمسة وعشرون عاما, فى وطن يطرد الموظفون الفقراء من اعمالهم , او يضطهدوا ليستقيلوا , وتتم دعوة ابنائهم العاطلين من خريجى الجامعات عبر اعلانات تلفازية رسمية,الى ان يلحقوا القطار لان البلد بتتحرك , وان يرضوا -ابناء الفقراء- وهم الجامعيون بشغلانة عامل فى مصنع ؟ بل وفى استخفاف يوضح حجم الماساة الاعلامية فى مصر , يتبجح المذيع عندما يسأله احد من يمثلون دور العاطل الجالس على المقهى قائلا "واذا قام المصنع بالاستغناء عنى ماذا افعل؟" فيرد عليه المذيع قائلا " ابقى ارجع اقعد على القهوة تانى " هل هناك ما يوجع القلب وينمى الكراهية وشطب الوطن من اجندة الانتماء سواء لدى الشرفاء او غير الشرفاء اكثر من هذا الغباء ؟!!!!

نستحلفكم الله تدارسوا ما قاله مجدى مهنا جيدا , وهو الذى يكتب ويعبر عن نفسه ويملك مصادر دخل وبعض الشهرة والكثير من اعجاب الناس ؟!!!

!!! فماذا عن المطحونين ؟

حسن مدبولى

www.hambooly@yahoo.com

الحوار المتمدن - العدد: 2091 - 2007 / 11 / 6

No comments: