Friday, September 14, 2007

السقا يعود بثوب جديد فى مصر

فى مصر اتسعت ظاهرة بيع مياه الشرب بواسطة اشخاص يحملونها فى صهاريج على متن سيارات او عربات تجرها الدواب لبيعها للمواطنيين باسعار يقدر عليها البعض ولايقدر عليها كثيرون وان كانت هذه الاسعار زهيدة مقارنة بالمياه المعبأة فى زجاجات وتباع فى المتاجر.
كانت هذه الظاهرة مقتصرة فى الماضى على المناطق المحرومة من شبكات مياه الشرب النقية، الا ان المناطق الموجود بها شبكات مياه شرب دخلت نطاق بائعي المياه هى الاخرى. عودة السقا
على مدى قرون ليست ببعيدة كان الساقي او كما يسمونه فى مصر " السقا " ينتقل بين الاحياء المختلفة فى المدن الرئيسية حاملا قربة المياه ليبيعها للمواطنين.
وفى الريف كان الناس يشربون ويغتسلون بمياه القنوات الى وقت ليس ببعيد، وفى مرحلة لاحقة استحدثت مضخات تجلب المياه من باطن الارض عملت يدويا فى البداية ثم بالطاقة، ثم توالى مد شبكات ارضية لتوزيع مياه الشرب الى معظم الاحياء السكنية بالمدن والقليل من القرى فاختفى الساقي تدريجيا لكنه لم يختف طويلا، فقد عاد مجددا ولكن من دون قربة هذه المرة
مياه بالمحمول
الساقي الجديد رجل يحمل جهاز هاتف محمول ويقود سيارة تحمل على متنها حاوية او مجموعة من الحاويات البلاستيكية الشفافة المملوءة بالمياه المأخوذة من مصدر يقولون انه موثوق بمدينة قريبة.
وهذا الساقي يتجول فى المدن والبلدات الكبيرة ذات الكثافة العالية اما فى القرى والنجوع البعيدة ذات الكثافة القليلة والمستوى الاقتصادي المتواضع فالساقي يتجول بعربة تجرها الدواب تحمل صهريجا واحدا تاركا واحدا اخر احتياطيا بمنزله.
واحيانا تقوم عربات بحمل عدة حاويات بلاستيكية تجوب بها الشوارع.
وتنقل المياه الى المنازل فى عبوات بلاستيكية صغيرة " جراكن" وتخصص لاغراض الطبخ والشرب فقط.
اما الاغراض الاخرى فتستخدم فيها مياه الصنابير والتى صار الكثيرون يتشككون فى جودتها بعد وقوع عدة حوادث تسمم فى محافظات مختلفة تردد ان مياه الشبكات الارضية كانت وراءها
. البائع الخبير
محمد يقول انه بدأ نشاط بيع المياه منذ خمس شهور ووجده مشروعا ناجحا للغاية حتى الان
ومحمد لا يستطيع الحصول على عطلة من هذا العمل لان الحاجة الى الماء تدفع المواطنيين الى التوجه الى منزله اذا غابت عربته التى يجرها حمار عن شوارع القرية.
يؤكد محمد انه يحصل على مياهه من مصدر بمدينة التبين جنوب القاهرة. ويضيف ان هذه المياه نظيفة وتحتوى على نسبة اقل من الاملاح مقارنة بتلك التى توزع عبر الشبكة الارضية المتهالكة للقرية التي يعمل بها.
ويقول انه يقوم باستئجار جهاز خاص للكشف عن نسبة الاملاح فى المياه التي يبيعها بشكل دورى موضحا ان مياه الصنبور الموجود بالقرية تسببت فى انتشار الامراض بين المواطنيين حتى ان بعض الاطباء نصحوا بعدم تناولها. اشترى اليوم وادفع غدا
محمد يبيع " جركن " الماء زنة 25 لتر مقابل جنيه واحد (قرابة عشرين سنتا امريكيا) واحيانا لايتوافر لدى بعض زبائنه مثل هذا المبلغ الزهيد للغاية فيعطي لهم الماء بالاجل.
لا احد يستطيع ان يجزم مئة بالمئة بجودة المياه التى يوزعها محمد لانها في النهاية مياه شبكة ارضية ولكن فى منطقة تلقى اهتماما اكبر من المسؤولين. حتى تلك المناطق ايضا تنقطع فيه امدادات المياه من آن لآخر وابرزها حي مدينة نصر احد اهم احياه القاهرة ماليا وتجاريا.
بيد ان السكان فى هذه مثل هذه الاحياء لايشربون من الصنابير بالاساس فهم يشربون المياه المعدنية منذ سنوات بعيدة منذ اكتشفوا خطورة الملوثات الموجودة بالشبكات الارضية.
كل شئ تمام
وبرغم ان وزارة الاسكان والمرافق اعترفت بعدم قدرة اية دولة فى العالم على توصيل مياه الشرب النقية لمئة فى المئة من سكانها، يقول عبدالحميد شعير المستشار الاعلامي لوزير الاسكان ان بائعى المياه يسرقونها من مستحقيها.
وينفى شعير ان تكون مياه الشبكات مصدرا للامراض، مؤكدا ان الاجهزة الرقابية ومعامل وزارة الاسكان والصحة تتولى الكشف الدورى عن هذه الشبكات وتطهيرها اولا بأول.
ويؤكد شعير على ان الضجة التى اثيرت حول مياه الشرب في مصر مؤخرا كانت تحركها قوى بعينها لاتريد الخير لمصر.
ويدلل على ذلك بأنه لم يمر على الضجة اكثر من شهر ونصف ولكن الامور هدأت. وهذا يعنى فى رأيه انها كانت مفتعلة لانه لاتوجد حكومة تستطيع حل مشكلة المياه بميزانياتها المرتفعة ومتطلباتها المتعددة فى غضون ايام.
ومابين تأكيد الحكومة على نقاء مياه الشرب عبر شبكاتها والواقع الذى يقول ان معظم هذه الشبكات بحالة غير صحية ، سيستمر قطاع عريض من المصريين فى شراء المياه للشرب معبأة كانت او منقولة من مناطق اكثر ثقة، وعليه سيبقى نداء محمد بائع المياه المتجول، عاليا حتى اشعار اخر
عبدالبصير حسن
بي بي سي - القاهرة

No comments: