Friday, August 24, 2007

المصريون عاشوا الخوف مع عبد الناصر والغيظ مع السادات.. واليأس في عصر مبارك

خلاصة منظومة القيم التي يؤمن بها المفكر والناقد والمثقف الدكتور صلاح فضل عضو اللجنة التنفيذية العليا في حزب الجبهة الديمقراطية والرئيس السابق لدار الكتب المصرية، تتشكل من خمسة فرائض هي:
الديمقراطية في السياسة،
وحرية الإبداع في الثقافة
وكفاءة الإنتاج وتوازن المصالح في الاقتصاد،
وتكوين التفكير العلمي في التعليم،
وتحقيق المصداقية في الإعلام.
يؤكد الدكتور صلاح فضل أن السلطة السياسية في مصر بمستوياتها المختلفة حاليا أصبحت صماء لاتسمع شيئاً وعمياء لاتري سوي موقع أقدامها، كما أنها لاتهتم برأي الشعب وهذا يؤذن بقرب الانفجار مشيراً إلي أن أكذوبة التوريث المثارة حالياً تمثل أكبر خدعة في السياسة المصرية الراهنة.
ويري أن لعبة التخويف الداخلي والخارجي بالقوي الدينية التي يصر عليها النظام أصبحت مكشوفة، وأن اشتغال المثقف بالسياسة فرض عين لاكفاية.
وقال: إن الصحف القومية تروج للحكام وتبرر أخطاءهم ، والتليفزيون المصري ضاق بصراحة حمدي قنديل ، والديمقراطية هي السبيل الوحيد لاستعادة التوازن بين الثقافة والسلطة في مصر.
في السطور المقبلة مكاشفة عن الوجه الآخر السياسي للناقد والمفكر الدكتور صلاح فضل.

* مؤخراً شاركت في تأسيس حزب الجبهة الديمقراطية... الأمر الذي يجعلنا نتساءل... لماذا تحول صلاح فضل من الأدب إلي السياسة؟
- أعتقد أن الظروف التي يمر بها الوطن بتراكماتها التاريخية تفرض علي المثقفين الفاعلين في الحياة العامة ألا يكتفوا بخطابهم الثقافي الذي لم يعد مؤثرا لأمرين:
الأول أن السلطة السياسية بمستوياتها المختلفة أصبحت صماء لاتسمع شيئا يفيد استراتيجيتها وعمياء لاتري سوي موقع أقدامها وضرورة تثبيتها إلي الأبد، فلا تفعل شيئا - مهما كان ضروريا لمصلحة الوطن- يهز شعرة واحدة من خلودها الموهم، هي لا تؤمن بحتمية التغير ولا تصدم سوي بالموت القسري الذي يجتاح أفرادها.
الأمر الثاني: أن الضجيج المجتمعي الذي تخلقه حماقات هذه السلطة بقصر نظرها وتخاذلها عن اتخاذ المواقف الحازمة ورخاوتها في إعداد المؤسسات التي تعمل بنظام مضطرد ولصالح تقدم الوطن، جعل وصول صوت المثقف إلي الرأي العام شاحباً وخافتاً لكثرة التلوث والضباب الذي يحيط بالقاهرة والحياة المصرية بأكملها، لهذين السببين، أصبح من فرض العين لا الكفاية علي كل مثقف أن يشتغل بالسياسة وأن يتقدم بالفعل بطريقة متحضرة وسلمية بالإسهام في بناء حياة حزبية صحيحة تمثل المسار الوحيد نحو الديمقراطية.
جيلي مر بثلاثة عهود نوجزها في كلمات ثلاث: عصر الخوف من الدولة البوليسية الملفع بغمام الحلم القومي في عهد عبد الناصر، وعصر الغيظ من المغامرات غير المحسوبة والضربات العشوائية والانفتاح المدمر لقواعد الأخلاق والنظم الاقتصادية والقفز البهلواني علي السياسات الثابتة بالسقوط في القدس وتحدي إرادة الشعب مرة أخري في عهد السادات، ثم عصر اليأس المستطيل ومقاومة حتمية التغيير واستشراء الفساد لدرجة الغرغرينا، وتدهور الحياة السياسية والاقتصادية والمعنوية للإنسان المصري في هذا العصر.من الخوف إلي الغيظ الي اليأس، يكاد المثقفون أن يكونوا قد فقدوا فاعليتهم وإيمانهم بوطنيتهم وحلمهم الحقيقي المتحضر في بناء دولة مدنية تليق باسم مصر وبنضالها الديمقراطي.
وتري لواء في الداخلية يتبجح أمامك في التليفزيون المصري قائلا: «من لا يعجبه الحال فليهاجر»، وكأنه اغتصب الوطن واصبح سيداً مطلقا له دون ذرة من الخجل، إذا وصلت سلطة إلي هذه الدرجة من الفخر وعدم الاهتمام برأي الشعب، بل ومعاندته في كثير من الأحيان بطريقة قروية فجة فهذا يؤذن بقرب الانفجار، ولأن هذا الوطن غال علي أبنائه لابد أن نمنع الحريق قبل وقوعه، ولو تمتعت «الضباط الأحرار» لدينا بشيء من الوعي لفعلوا مثلما فعل الثوار في موريتانيا مثلا، إذ تركوا البلاد لأهلها محترمين قواعد اللعبة الديمقراطية، بدلاً من تجنيد جميع الطاقات الانتهازية لخدمة أهدافهم في البقاء والتأييد والتوارث.

* وهل المثقفون قادرون علي إحداث حراك في الحياة السياسية؟
كانت الثقافة دائماً ولاتزال في كل المجتمعات هي التي تخلق اتجاهات البوصلة الصحيحة دون شوشرة من الإعلام وأصحاب المصالح الانتهازية السياسية، والمأساة التي تعيشها مصر والتي لانظير لها تقريبا، هي أنها ورثت أسوأ النظم الاشتراكية والفاشية، فالدولة تملك ما يسمي صحفاً قومية، انحصرت رسالتها في الترويج للحكام وتبرير أخطائهم وتمرير أهدافهم، وأصبح التليفزيون بقنواته العديدة ومستوياته المختلفة جاثماً تحت اقل السقوف الإعلامية انخفاضاً من حيث الحرية والكفاءة، فهربت الطاقات الإعلامية الحقيقية خارج هذه المؤسسات الرسمية وحرمت مصر من كتابها ومثقفيها الأحرار،
وبالتالي ضاقت إلي أقصي درجة مساحة الشرفاء من المثقفين ذوي القدرة علي تحديد اتجاهات البوصلة، أصبحنا مثلا في الأهرام ننتظر عمود سلامة احمد سلامة من بين عشرات الأعمدة، وضاق التليفزيون المصري بصراحة حمدي قنديل وجرأته وامتلأت القنوات العربية بشباب مصر المحللين القادرين علي إدراك ابعد مدي للرؤية الاستراتيجية دون أن ينتفع منهم وطنهم، هذه الأوضاع يجب ان تتغير حتي تتغير مؤسساتنا إلي النمط الديمقراطي الصحيح الذي توازن فيه السياسة بالثقافة وتمارس السلطة الرابعة «الصحافة» حقها في النقد والتوجيه وليس التزلق والاستجداء، باختصار النمط الديمقراطي الصحيح هو السبيل الوحيد لاستعادة التوازن بين الثقافة والسلطة في مصر.

* وبماذا تفسر انحسار دور مصر الثقافي علي المستويين العربي والعالمي؟
- أعتقد أن الدور الثقافي المصري علي المستويين العربي والعالمي، لم يتم تنميته ولا تهيئة المجال له بالقدر الضروري، فالمبدعون المصريون محرومون من أن يحتلوا الصدارة في صحفنا المصرية كما كانوا من قبل لأن ولاءهم المطلق غير المشروط للسلطة مشكوك فيه، وأصحاب الرأي لا يؤخذ بمشورتهم، وإذا فقدت مكانك في وطنك فيصعب عليك أن تعوضه في فضاء آخر، ومع ذلك نجد ان الطاقات المصرية الكبري تحتل موقعها في الحياة العامة، وكم كنت مثلاً أرمق شخصية مثل محمد البرادعي وهي تدير أخطر مؤسسة متصلة بالنشاط النووي في العالم، وأقول لو قدر لرجل مثل هذا أن يحكم مصر ألم يكن ليقفز بها إلي المستوي اللائق بحضارتها وتاريخها؟!
هناك أمر آخر فيما يتصل بالدور الثقافي المصري لا يد لنا فيه لكنه شديد الخطورة والتأثير السلبي، وهو أن النهضة الحديثة التي قادتها مصر في التعليم والتنوير والمؤسسات المدنية قد بليت في العقود الأخيرة بحركة مضادة جاءتنا من دول الجوار النفطية العاتية التي حضنت مذاهب دينية شديدة الرجعية والعداء للتقدم وللحرية والحضارة وحتي للإسلام نفسه بمفهومه الذي روج له محمد عبده، وبقية المفكرين الأعلام استثمروا الدين للنفخ في روح الوطنية وتعزيز طاقة الحرية والانطلاق والتقدم في المجتمع، والشعور الديني بطبيعته مثل الطاقة الذرية يمكن أن يحدث المعجزات الايجارية لو توجه سلمياً للعلم وخدمة الإنسانية، وهو ذاته يمكن ان يدمر الكون كما يفعل الإرهاب اليوم عندما يتحول الي أسلحة دمار شامل.
الدين في المفهوم المصري كان يعادل الاستغلال السلمي للطاقة الذرية، لقد أصبح في المفهوم الوهابي وقوداً ذرياً لأسلحة كما هي في الواقع وليست في المجاز، فما تفعله القاعدة وبن لادن وما يجتذبه من حماس الشباب في كل الأقطار العربية ويشوه به وجه الحضارة، أكبر دليل والنتيجة الطبيعية للوهابية وثقافتها المدمرة.
هذا البلاء يوشك أن يكون أحبط نسبياً المسعي الحضاري المصري في العقود الأخيرة من القرن العشرين، وهو الذي يؤدي حتي اليوم إلي تحجيم الدور الثقافي المصري لأنه مضاد له وقد انتهز فرصة عزلة مصر بعد «كامب ديفيد» خلال عقدي السبعينيات والثمانينيات للانفراد بالساحة العربية وتهميش الدور المصري، وإن كان هذا التأثير قد أخذ يخف الآن بعد أن اكتشف الإخوة أنفسهم ضرورة تحجيم هذا الغول المتوحش من التعصب والجهل واتخاذ مسار مخالف للتوافق الحضاري مع القوي العالمية.

* وماذا عن الدور السياسي المصري؟
- فيما يتعلق بالأدوار السياسية أصبح اللاعب الأكبر فيه هي القطب الواحد الذي يكاد يفرض قواعده علي بقية الأطراف وأقصي ما نتوقعه من السياسة المصرية المستقلة ألا تتخاذل في سبيل حرصها علي دعم هذا القطب الأوحد لمشروعاتها السلطوية، عن اتخاذ المواقف الوطنية القومية اللائقة بمصر ومكانتها التاريخية.
وأحسب أن السبب الجوهري في ضعف النظم الفاشية أنها تدرك مدي هشاشة علاقتها بقواعدها الشعبية ولذلك تصبح أشد قابلية للتبعية وأيضا للقوي الخارجية حتي تضمن بقاءها واستمرارها، بمعني أن الحكومات والرؤساء المنتخبين بطريقة حرة وديمقراطية وشفافية هم وحدهم القادرون علي أن يترجموا إرادة شعوبهم باتخاذ مواقف محسوبة لصالحهم الوطني والإقليمي مهما كانت مضادة للأطماع الخارجية، أو مخالفة لمقتضيات الأوضاع الداخلية، ونأخذ نموذجاً علي ذلك من السياسة الداخلية علي وجه التحديد: «التعليم» فالذي أفسد مستواه في مصر وجعله بهذا الشكل المتدهور من الحضانة إلي الجامعة، هو عدم قدرة أي حكومة مصرية- لأنها غير منتخبة- علي اتخاذ القرارات الحاسمة بشجاعة، مثلاً لايمكن لعاقل أن يتصور أن الأهداف والشعارات التي رفعتها الدولة من الخمسينيات بضمان مجانية التعليم، بمستطاع هذه الدولة التغطية الحقيقية لتكلفتها الفعلية.
ان أقصي ما يمكن لبلد في مثل ظروف مصر الاقتصادية هي أن تضمن تعليماً أساسياً من الحضانة إلي الثانوية العامة ومجانياً حقيقياً دون دروس خصوصية ودون مستويات متعددة من تعليم وطني وأجنبي متميز وغير ذلك، أما الجامعة فأقصي ما يمكن لدولة مثل مصر، هو إتاحة الفرصة للنابغين فقط وأصحاب المواهب الحقيقية وعلي بقية الأوساط والضعاف أن يعملوا ويدبروا إمكاناتهم الاقتصادية بمواصلة التعليم الجامعي إن أرادوا مثلما يحدث في كل بلاد الدنيا، لكن خوف الحكومة من مظاهرات الطلاب واحتجاجات أولياء الأمور جعلها ترتكب خطأ فادحاً
وهو أنها تقبل مئات الآلاف من الطلاب في الجامعات دون أن تكون قادرة علي الإطلاق علي تكلفة تعليمهم الحقيقية مع ضمان مستوي رفيع من البحث العلمي وإنفاق أكاديمي ملائم لمتطلبات العصر فتكون النتيجة إخراج أفواج من أنصاف المتعلمين وإغراق سوق البطالة بهم وإلقاءهم في محيط من اليأس وفقدان الأمل، فلا هي علمتهم التعليم الصحيح لمواجهة الحياة بكفاءة والتنافس فيها ولاهي تركتهم يدبرون أمورهم بعيداً عن وهم أنهم أصبحوا جامعيين، وبالطبع ليست قادرة بأي شكل علي ضمان فرصة عمل حقيقية لهم.
والخوف من اتخاذ القرارات الحاسمة لعدم ارتكاز حكوماتنا علي قاعدة ديمقراطية صحيحة هو السبب في أشكال التدهور التي نعانيها وبالتالي تصبح الديمقراطية هي حبل النجاة للمستقبل.

* وكيف نحقق هذه الديمقراطية؟
- لا تتحقق الديمقراطية إلا بثلاثة أمور جوهرية وهي أولا : إباحة تعدد الأحزاب دون أي قيد أو شرط مع الحفاظ علي طبيعة الدولة المدنية وعلي أنصار التيار الديني الذين يريدون دخول الحياة الحزبية أن يحترموا هذا الشرط، لأن هذه هي قواعد اللعبة، الأمر الثاني هو تعديل كل النظم والقوانين لتؤدي إلي تداول السلطة في كل المستويات لأنها مثل الجرح لابد من تغيير الضمادات الموضوعة عليه،
فإذا بقي المسؤول الكبير في موقعة أكثر من العمر الافتراضي لوظيفته لابد أن يتحول إلي مصدر أساسي للفساد وينقلب إلي غرغرينا، أعرف أن الفساد مثل الملح موجود في كل أنواع الطعام لكن دائما بنسب مقننة لا يتجاوزها وإلا أفسد الأمر كله، فتداول السلطة يمنع بقاء وزير أكثر من خمس سنوات علي أقصي تقدير ويتيح الفرصة لبقية الكفاءات أن تمارس إبداعها الخلاق بفرص متكافئة دون احتكار أو تثيب.
الأمر الثالث هو الشفافية وإطلاق حرية الصحافة والإعلام مثلما يحدث في المنظمات والمؤسسات الدولية خاصة، أنه علينا أن نستفيد من تجربة الدول الاشتراكية الديمقراطية التي تحولت حديثاً إلي الديمقراطية، فقد استطاعت بعدها، بسلاسة عجيبة أن تنتقل من مرحلة الحكم الشمولي الأيديولوجي إلي نظم مبتكرة في الصحافة والتلفزيون والإعلام، تضع قواعد اللعبة الجديدة وتلزم الجميع بالالتزام بها دون ترك الفرصة للرأسمالية للسيطرة علي الصحف والقنوات الفضائية كما يتهددنا الآن.

* الإعلام المصري... كيف تراه؟
- الإعلام المصري أصبح في ذيل قائمة الإعلام العربي عموماً لأنه فقد أمرين،
الأول هو استنباط القيادات الشابة بقواعد مهنية سليمة وتسليمها مراكز القيادة بالتداول النشط
والأمر الثاني هو رفع سقف الحرية في عصر السماوات المفتوحة بما يسمح بانطلاق كل الطاقات في إطار التوافق الوطني والمصالحة القومية والانسجام مع إيقاع العصر.
مثلاً من الشائع أن التليفزيون المصري فقد مصداقيته وحتي المنتج المتميز الذي يتميز به نتيجة لتراكمات الحالة الثقافية المصرية الخاصة جداً في الوطن العربي، أصبح ينفي إلي ساعات البث الميتة عند الفجر وتهدر ملايين الجنيهات علي البرامج والمشروعات التافهة دون أن يتقدم أحد بمبادرات حقيقية لاستعادة الثقة في العقل المصري، وإتاحة الفرصة للكفاءات الشابة لملء هذا الفراغ، كل الخيوط عندما نمسك بها إلي آخرها تفضي بنا إلي بؤرة واحدة هي افتقاد التطبيق الحقيقي للنظام الديمقراطي، ففي تقديري أن البديل الآن لأحلام الزعامة القومية التي عشنا بها زمناً ثم صحونا علي كابوس النكسة وخيبة الأمل التي أعقبتها، هو وطن حر منتج، ديمقراطي بالفعل لا بالشعارات الزائفة، وطن يتيح لكل أبنائه أن يحققوا ذواتهم فيه وأن يجدوا فرصتهم داخله دون احتكار طبقي أو تجميد سياسي أو مراهنات اجتماعية.
وليس من الوارد علي الإطلاق في ظل هذا الأمل الوطني والقومي المنشود أن تتحول جمهوريتنا الي ملكية أو أن يعد مسرح الحياة فيها لأكذوبة التوريث التي تمثل أكبر خدعة في السياسة المصرية الراهنة.

* بمناسبة الحديث عن التوريث بماذا تفسر طغيان سياسة التوريث في معظم مؤسسات الدولة وكأن الوطن لا يوجد به من يصلح للعمل في تلك المؤسسات سوي أبناء العاملين فيها؟
- افتقاد الشفافية وانتهاك الحريات الدستورية في تكافؤ الفرص والمساواة أسفرا في مصر ـ كما هو شائع ـ الآن عن إصابة بعض المؤسسات المهيمنة بعدوي التوريث، ومنها الشرطة مثلا، التي أصبحت تقتل البشر بدلاً من حمايتهم، وفي القضاء مثلاً يتم تعيين أبناء القضاة بغير استحقاق في سلك القضاء ومن يحتج علي ذلك يهان ويهدد كما حدث لفاروق جويدة.
كما أصبح التوريث شائعاً في كليات الطب وبعض الكليات الأخري، فكم نري أبناء الأساتذة معيدين في تلك الكليات دون أن يستحقوا؟!كل تلك الظواهر تعود إلي جذر واحد هو الخلل بين السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية، نتيجة للنظام السلطوي المسيطر، وعلاج هذه الآفات في التعليم وفي المؤسسات المختلفة يستغرق عقوداً من الزمان لكن ليس بمستحيل علي الإطلاق، فالإنسان المصري قادر علي أن يحقق طفرة تستنهض عزيمة الوطنية التي انطلقت بجبروت رائع منذ مطلع القرن العشرين بزعامات مثل مصطفي كامل وسعد زغلول وطه حسين وعباس العقاد وتوفيق الحكيم والسنهوري باشا ونجيب محفوظ وغيرهم.

* وهل مصر عقمت عن إنجاب مثل هذه العبقريات حالياً؟
- مصر لن تعقم أبدًا، وهي قادرة علي إنجاب أمثالهم لكن رداءة الحياة المعاصرة وتلوث الغلاف الجوي المحيط بالقاهرة يمنعنا من رؤيتهم.

* في رأيك لماذا لا يعبر الناس عن رأيهم من خلال صناديق الانتخابات، التي نادراً ما يذهبون إليها؟
- هي حلقة مفرغة،سأتحمس لإبداء رأيي في اللحظة التي أتيقن فيها أنه سيتم احترامه والعمل بموجبه وسيلتزم كل الأطراف بنتائجه، ولكن عندما أشك ولو لهنيهة أنه سيزور - وقد أصبحت الشرطة في مصر تري أن تزييف الانتخابات واجب وطني - فلايمكن لأي عاقل أن يبذل مجهودا وهو يعرف انه سيهدر تماما.
اضمن لي انتخابات نزيهة أضمن لك مشاركة بحس وطني حقيقي، نحن شعب يدعي التدين وتري علي جبهات كبار اللواءات زبيبة الصلاة بينما يمارسون هذا التزييف الذي يعتبر أكبر درجات الخيانة للوطن دون أن يرف لهم جفن أو يشعروا بتأنيب ضمير، غير هذا الواقع وسيتغير وجه الحياة في مصر.

* كثيرة هي الأحزاب القائمة، لكن لانري لها دوراً ملحوظاً في الحياة السياسية... ما تعليقك؟
- الأحزاب القائمة في مصر حالياً أحزاب كرتونية مضحكة، فرغها النظام من فاعليتها وحرمها من جمهورها، ولن يسمح إلا بالأحزاب الهزيلة التي تخجل أي وطني شريف، وسيعمل علي افتعال الخلافات والتدمير من الداخل وحصار كل الأحزاب الكبري والناشئة، وأملنا أن يكون النظام قد أدرك أن لعبته في التخويف الداخلي والخارجي بالقوي الدينية،قد أصبحت مكشوفة وأن عليه أن يفعل شيئاً من أجل مستقبل مصر وهو أن يترك للقوي السياسية الحقيقية في مصر حريتها في تكوين الأحزاب مع شرط الحفاظ علي قواعد اللعبة المدنية كما تعرفها كل دول العالم الديمقراطي
حاوره في أبو ظبي محمد سالم ٢٤/٨/٢٠٠٧
المصرى اليوم

No comments: