أعتقد أن جورج برنارد شو هو الذي قال ان الاغتيال أقصى درجات الرقابة
، وعلى هذا الأساس فالرقابة الصحافية في العراق هي الأشد في الشرق الأوسط والعالم، فمنذ بدء الحرب الأميركية على العراق في آذار مارس 2003، وحتى حزيران يونيو الماضي قتل في العراق حوالى 120 صحافياً ، أو ما يزيد في تقديري على الذين قتلوا في بقية العالم مجتمعاً. ومثل العراقيون أكثر من ثلاثة أرباع جميع الصحافيين الذين قتلوا في العراق.
القتل في العراق هو البضاعة الرائجة الوحيدة ، ولا أعرف ان كان الصحافيون قتلوا هناك لأنهم صحافيون، وهذا سبب كافٍ، أو انهم راحوا ضحية المقاومة والارهاب وقوات التحالف، أي القوات الأميركية، فلجنة حماية الصحافيين قالت في تقرير أخير لها ان القوات الأميركية قتلت 14 صحافياً في العراق، الا انها لم تجزم بأن القتل كان متعمداً. في حين أنني لا أجزم بدوري، الا أنني أرجح ان القوات الأميركية استهدفت «الجزيرة» وبعض محطات التلفزيون المحلية المعارضة للاحتلال.
القتل في العراق هو البضاعة الرائجة الوحيدة ، ولا أعرف ان كان الصحافيون قتلوا هناك لأنهم صحافيون، وهذا سبب كافٍ، أو انهم راحوا ضحية المقاومة والارهاب وقوات التحالف، أي القوات الأميركية، فلجنة حماية الصحافيين قالت في تقرير أخير لها ان القوات الأميركية قتلت 14 صحافياً في العراق، الا انها لم تجزم بأن القتل كان متعمداً. في حين أنني لا أجزم بدوري، الا أنني أرجح ان القوات الأميركية استهدفت «الجزيرة» وبعض محطات التلفزيون المحلية المعارضة للاحتلال.
ويعود أكبر عدد من الضحايا الى شبكة الميديا الحكومية العراقية نفسها، فحتى الشهر الماضي قتل 14 صحافياً من العاملين فيها، وعشرة موظفين آخرين يساندون عمل الصحافيين.
ولعل أسوأ ما في موضوع قتل الصحافيين العراقيين انه سيستمر ما استمرت كارثة الحرب وذيولها، فالأرقام السابقة ليست كاملة، وكنت وأنا أجمعها قرأت أن أربعة صحافيين عراقيين قتلوا في الأسبوع الأخير من أيار مايو ، فلم يبدأ حزيران حتى قتل اثنان آخران. وأخشى ألا تنشر هذه السطور إلا ونكون سمعنا عن ضحايا آخرين من بين الصحافيين العراقيين. ولا أنسى أن أزيد على أرقامهم حوالى 40 ضحية من العاملين في مساعدة الصحافيين أقدر أنهم قتلوا منذ احتلال العراق.
يفترض ألا تكون الصحافة في العراق خاضعة لرقابة حكومية، ويفترض أن تحمي القوانين حرية العمل الصحافي، غير أن حكومة نوري المالكي أغلقت محطتي تلفزيون السنة الماضية لنشرهما صور تظاهرات احتجاج على اعدام صدام حسين، وهددت بإغلاق محطات تلفزيون أخرى وصحف بتهمة التحريض على العنف، أو عرض مشاهد عن أعمال عنف، أي ان الحكومة تريد منع العراقيين من رؤية التدمير اليومي لبلدهم. وتستطيع الحكومة العراقية التوكؤ على قوانين من أيام صدام حسين، لم تلغ بعد، تمنع إهانة المسؤولين وكشف أسرار الدولة.
ربما كان العراق يمثل أسوأ مظاهر معاناة الإعلام العربي، وقد بدأت به بسبب القتل، غير أن الحريات الصحافية ناقصة الى معدومة في جميع البلدان العربية.
آخر تقرير سنوي شامل لدار الحرية، وهي مؤسسة اميركية تعنى بشؤون الحرية حول العالم، يعود الى عام 2005، وقد صدر السنة الماضية، وهناك تقارير دورية لاحقة، تظهر استمرار الوضع على حاله في منطقة الشرق الأوسط تحديداً، فالتقرير العام يشمل 194 دولة منها 19 دولة في الشرق الأوسط (ليست بينها تركيا)، وهو يظهر ان دولة واحدة حرة هي اسرائيل ، وان دولتين حرتان جزئياً هما لبنان والكويت ، وان 16 دولة غير حرة . وهكذا تمثل إسرائيل خمسة في المئة من منطقة تضم 350 مليون نسمة، ولبنان والكويت 11 في المئة، والبقية 84 في المئة، أي 84 في المئة من دون حرية.
أستطيع أن أغلف ما سبق ببعض السكر، من دون أن أتجاوز الحقيقة، فالتقرير يظهر أن جميع الدول العربية في النصف الأول من القائمة كلها، والدولة العربية الأخيرة في قائمة الشرق الأوسط هي ليبيا، ومركزها التاسع عشر، الا انها تحتل الرقم 96 من أصل القائمة الكاملة التي تمثل 194 دولة، واذا شئت أن أزيد فهناك ست دول عربية أخرى تحتل مراكز في الثلث الأول من القائمة العالمية.
وكما يرى القارئ فإنني أحاول أن أخرج من جلدي الصحافي لأتحدث بموضوعية عن الحكومات، فأزيد نقطة هامشية على سبيل تخفيف الوطأة هي أن على الفلسطينيين أن يشكروا الأخ العقيد ونظامه في ليبيا شكراً كثيراً على خدمة غير مقصودة لهم، فاحتلال النظام الليبي المرتبة التاسعة عشرة والأخيرة في قائمة الحريات الصحافية في الشرق الأوسط، أعفى الفلسطينيين من هذا «الشرف»، لأن الأراضي الفلسطينية تحتل المرتبة الثامنة عشرة، ولولا ليبيا لكانت الأخيرة أو «الطّشْ» كما كنا نقول للطلاب المقصرين في المدرسة.
العراق في قائمة الشرق الأوسط يحتل المرتبة الحادية عشرة، وهذا جيد لولا أن دماء الصحافيين تلطخ المرتبة الوسطية هذه، فدار الحرية تعنى بالممارسة الصحافية، ومدى الحرية المتاحة، وهنا لا يبدو العراق أسوأ من غيره.
التضييق على الصحافة يعني أن عـند الحكومة، ما تريد اخفــاءه، غير ان هـذا شبه مسـتحيل في زمن ثورة الاتصالات والانتـرنت والمدونات والفضائيات. والتضييق في هذا العصر لم يعد يكـتم المعلومات وانما يؤدي الى نشرها مشوهة أو مبالغاً فيها، ويوقع بالحكومة المعنية ضرراً أكبر مما لو سمحت بنشرها.
أرجو أن تعي الحكومات العربية هذه الحقيقة،
ولعل أسوأ ما في موضوع قتل الصحافيين العراقيين انه سيستمر ما استمرت كارثة الحرب وذيولها، فالأرقام السابقة ليست كاملة، وكنت وأنا أجمعها قرأت أن أربعة صحافيين عراقيين قتلوا في الأسبوع الأخير من أيار مايو ، فلم يبدأ حزيران حتى قتل اثنان آخران. وأخشى ألا تنشر هذه السطور إلا ونكون سمعنا عن ضحايا آخرين من بين الصحافيين العراقيين. ولا أنسى أن أزيد على أرقامهم حوالى 40 ضحية من العاملين في مساعدة الصحافيين أقدر أنهم قتلوا منذ احتلال العراق.
يفترض ألا تكون الصحافة في العراق خاضعة لرقابة حكومية، ويفترض أن تحمي القوانين حرية العمل الصحافي، غير أن حكومة نوري المالكي أغلقت محطتي تلفزيون السنة الماضية لنشرهما صور تظاهرات احتجاج على اعدام صدام حسين، وهددت بإغلاق محطات تلفزيون أخرى وصحف بتهمة التحريض على العنف، أو عرض مشاهد عن أعمال عنف، أي ان الحكومة تريد منع العراقيين من رؤية التدمير اليومي لبلدهم. وتستطيع الحكومة العراقية التوكؤ على قوانين من أيام صدام حسين، لم تلغ بعد، تمنع إهانة المسؤولين وكشف أسرار الدولة.
ربما كان العراق يمثل أسوأ مظاهر معاناة الإعلام العربي، وقد بدأت به بسبب القتل، غير أن الحريات الصحافية ناقصة الى معدومة في جميع البلدان العربية.
آخر تقرير سنوي شامل لدار الحرية، وهي مؤسسة اميركية تعنى بشؤون الحرية حول العالم، يعود الى عام 2005، وقد صدر السنة الماضية، وهناك تقارير دورية لاحقة، تظهر استمرار الوضع على حاله في منطقة الشرق الأوسط تحديداً، فالتقرير العام يشمل 194 دولة منها 19 دولة في الشرق الأوسط (ليست بينها تركيا)، وهو يظهر ان دولة واحدة حرة هي اسرائيل ، وان دولتين حرتان جزئياً هما لبنان والكويت ، وان 16 دولة غير حرة . وهكذا تمثل إسرائيل خمسة في المئة من منطقة تضم 350 مليون نسمة، ولبنان والكويت 11 في المئة، والبقية 84 في المئة، أي 84 في المئة من دون حرية.
أستطيع أن أغلف ما سبق ببعض السكر، من دون أن أتجاوز الحقيقة، فالتقرير يظهر أن جميع الدول العربية في النصف الأول من القائمة كلها، والدولة العربية الأخيرة في قائمة الشرق الأوسط هي ليبيا، ومركزها التاسع عشر، الا انها تحتل الرقم 96 من أصل القائمة الكاملة التي تمثل 194 دولة، واذا شئت أن أزيد فهناك ست دول عربية أخرى تحتل مراكز في الثلث الأول من القائمة العالمية.
وكما يرى القارئ فإنني أحاول أن أخرج من جلدي الصحافي لأتحدث بموضوعية عن الحكومات، فأزيد نقطة هامشية على سبيل تخفيف الوطأة هي أن على الفلسطينيين أن يشكروا الأخ العقيد ونظامه في ليبيا شكراً كثيراً على خدمة غير مقصودة لهم، فاحتلال النظام الليبي المرتبة التاسعة عشرة والأخيرة في قائمة الحريات الصحافية في الشرق الأوسط، أعفى الفلسطينيين من هذا «الشرف»، لأن الأراضي الفلسطينية تحتل المرتبة الثامنة عشرة، ولولا ليبيا لكانت الأخيرة أو «الطّشْ» كما كنا نقول للطلاب المقصرين في المدرسة.
العراق في قائمة الشرق الأوسط يحتل المرتبة الحادية عشرة، وهذا جيد لولا أن دماء الصحافيين تلطخ المرتبة الوسطية هذه، فدار الحرية تعنى بالممارسة الصحافية، ومدى الحرية المتاحة، وهنا لا يبدو العراق أسوأ من غيره.
التضييق على الصحافة يعني أن عـند الحكومة، ما تريد اخفــاءه، غير ان هـذا شبه مسـتحيل في زمن ثورة الاتصالات والانتـرنت والمدونات والفضائيات. والتضييق في هذا العصر لم يعد يكـتم المعلومات وانما يؤدي الى نشرها مشوهة أو مبالغاً فيها، ويوقع بالحكومة المعنية ضرراً أكبر مما لو سمحت بنشرها.
أرجو أن تعي الحكومات العربية هذه الحقيقة،
وأرجو أن تقود مصر، أم الدنيا، حملة اطلاق الحريات الصحافية كاملة، فالعرب عادة يتبعون مصر، وقد تبعوها في خطأ تأميم الصحافة، فلعلها تعوض عن أخطاء الجميع بتحرير الصحافة من قيودها وتتبعها الدول العربية مرة أخرى
جهاد الخازن
الحياة - 18/07/2007
No comments:
Post a Comment