جُلّ ما يتمناه السواد الاعظم من اللبنانيين في هذه الفترة المصيرية الحرجة ان يسمعوا صوتاً يبشّرهم بأن حروب قايين وهابيل في لبنان قد انتهت اخيراً. والى غير رجعة.فانزلوا اياديكم عن قلوبكم، وضعوها في مياه باردة، وناموا ملء اجفانكم عن شواردها، وليسهر الحربجيون جرّاها ويختصموا.
وبعد اليوم لا اعتصامات مزوّدة خيماً مبرّدة وتلفزيونات ومكيفات ومطربين ومطربات. ولا خطف ساحات وشوارع وضواح واوتوسترادات وحتى مناطق ومحافظات.والخبر الاهم والاكثر اثارة ان لا دويلات ضمن الدولة من الآن فصاعداً.
ولا احزاب وميليشيات فوق الدولة. ولا ترسانات اسلحة وتنظيمات و"ثكن" ممنوع على الدولة الاقتراب منها.
هذا كله انتهى، وانتهت الحرب، وانتهى عهد الحوربات بالسواطير والجنازير والخناجر.انتهت؟
هذا خبر يحتاج الى تأمّل وتأكد وتريّث، لو لم يكن قائله هو رئيس مجلس النواب نبيه بري. ومباشرة من فوق منبر الاونيسكو. وفي حضور رهط كبير من كبار القوم الذين أموا القاعة للاحتفال بالذكرى الاولى لغياب الرئيس الياس الهراوي ، رحمه الله ورحم عهده، وسقى ايامه.ومن فمه الى باب السماء، وآذان بعض الاهل والاشقاء، والبعض من حلفائه على الميمنة والميسرة..
.ليس من السهل على الناس ان يصدّقوا ويقتنعوا ان المسألة كلها كانت مجرّد شوكة وانقلعت. فهم ذاقوا الامرين. ورأوا نجوم الظهر. وكفروا بكل شيء وبكل اصحاب الاصوات المبرمجة والحناجر الرعدية والاصابع المصوّبة كالمسدسات.وضاقوا ذرعاً بكل هؤلاء المزايدين والمكلّفين تخريب لبنان، وتدمير نموذجه، وتعطيل دولته، وتشريد شعبه.
وصار من الصعب ان لم يكن من المستحيل عليهم ان يصدّقوا ما لم يروا، وما لم يضعوا اصبعهم.ومع ذلك راقهم ان يسمعوا هذا النبأ المبهج من الرئيس بري وبصوته.وكم يودّون ان يسمعوا حلفاء بري الاقربين والابعدين، الذين من اهل البيت واولئك الذين من اهل الجوار، يقولون قوله ويفعلون فعله، ويتمثلون به في مخاطبة الناس وحضّهم على التفاؤل بالخير، عوض زرع الرعب في الاجواء والنفوس، وتوزيع التهديد والوعيد كهدايا الاعياد في غير موسمها.
على الاقل لو يزيح هؤلاء المتبهورون تلك العبسة التي اين منها عبسة عنترة الفوارس ابن عبس.الا ان ذلك قد يصبح من مخلّفات الايام السود والمراحل البشعة تنذكر ما تنعاد، فيما اذا تُرجم كلام رئيس المجلس افعالاً.وفيما اذا تجاوب معه حلفاؤه، وانضموا اليه والى الآخرين في التفتيش عن لبنان الواحد الموحّد الاحد والسبت والجمعة...
وفيما اذا سمعهم اللبنانيون يرددون قسم نبيه بري انهم لن يسمحوا بأن يصل الى نقطة الانكسار في علاقات ابنائه وبلوغ حدود الفتنة
زيّان - 10/7/2007
النهار
No comments:
Post a Comment