أبدي أساتذة قانون ونشطاء مدنيون، استياءهم البالغ مما يعانيه المصريون في تشريفات وتأمين مواكب كبار المسؤولين، التي تحولت إلي نوع من ارتخاص المواطنين وإهدار كرامتهم، إضافة إلي أنها تنطوي علي استهتار واضح بمصالح الناس، وطالب أساتذة القانون والحقوقيون بتجريم هذا الاستهتار بالمواطنين الذي وصل إلي حد إجبار تلاميذ صغار علي انتظار تشريف «معالي الباشا» لساعات طويلة تحت حر الشمس اللاهبة، وهي القسوة المفرطة التي كشفتها واقعة موت التلميذة «أميرة» في إحدي مدارس محافظة قنا.
الفقيه الدستوري الدكتور إبراهيم درويش انتقد المبالغة الزائدة من قبل أجهزة الأمن في تأمين مواكب المسؤولين.
وأوضح درويش أنه لا يمانع في تأمين المواكب ولكن مبالغة الداخلية أدت إلي ضيق المجتمع وكراهيته لأصحاب المواكب، لأن المبالغة والإفراط، يترتب عليهما أضرار عديدة أهمها زيادة التكلفة التي تصل إلي مئات الملايين، والتي لو أنفقت في بناء مساكن لقاطني القبور لساعدت ـ كما يؤكد درويش ـ في إزالة وصمة عار تلطخ جبين مصر،
كما يترتب عليها ضرر آخر يتمثل في غلق الشوارع وتوقف المواصلات، كما حدث منذ عامين أثناء زيارة الرئيس للإسكندرية إذ تم منع المرور بأحد الشوارع قبل وصول الرئيس بأربع ساعات، وهو ما ترتب عليه عجز إحدي السيدات عن الوصول إلي المستشفي فوضعت مولودها داخل عربة الإسعاف.
ويضيف درويش واقعة أخري، حدثت له شخصيا أثناء افتتاح المحكمة الدستورية العليا إذ ظل المدعوون وهو محبوسين في انتظار الرئيس لمدة خمس ساعات، رغم أن معظمهم من كبار السن ومرضي السكر والذين كانوا في أشد الحاجة إلي دخول دورات المياه لكنهم لم يستطيعوا بسبب الإجراءات الأمنية المشددة.
ويؤكد درويش أن القانون المدني ينص علي أن كل من أحدث ضررا للغير ملزم بالتعويض، وبالتالي فكل فرد تضرر من هذه المواكب له الحق في إقامة دعوي للمطالبة بالتعويض المادي والمعنوي، لما أصابه من ضرر، مشيرا إلي أن حادثة الطفلة أميرة التي ماتت في انتظار الوزير لن تكون الأخيرة ولأسرتها حق إقامة دعوي ضد الوزير بصفتيه الوظيفية والشخصية، وإقامة الدعوي علي أجهزة الأمن بالمحافظة بعد أن تحولت الداخلية إلي وزارة مهمتها حماية شخصيات بعينها دون مراعاة لمصلحة المجتمع.
ويري الدكتور محمد عمران أستاذ القانون المدني بجامعة عين شمس أن المسؤولية في مثل هذه الحوادث سياسية ومدنية في المقام الأول، حيث لا توجد مسؤولية جنائية علي الوزير تبعا قاعدة «لا جريمة بغير نص»، وفي ظل غياب نص يجرم هذا الفعل تكون المسؤولية علي الوزير سياسية وبالتالي يستوجب الأمر مساءلته سياسيا أمام البرلمان.
ويضيف عمران: الوضع في مصر يستوجب وجود قانون يقضي علي هذه الظاهرة غير الصحية وحتي يتحقق ذلك تبقي هناك مسؤولية مدنية، بالإضافة إلي المسؤولية السياسية إذ من الممكن للمتضرر أن يرفع دعوي تعويض علي الجهة صاحبة الضرر، وهي هنا علي سبيل المثال وزارة التربية والتعليم.
بهي الدين حسن مدير مركز القاهرة لحقوق الإنسان، وصف شارع قصر العيني بأنه أصبح «زنزانة» وقال إن ما يتكرر حدوثه به دليل علي إهدار كرامة المصريين لصالح تشريفات المسؤولين والوزراء الذين تمر مواكبهم في شوارع خالية يحرسها الضباط وأمناء الشرطة فلا يشعرون بمعاناة المواطنين المحبوسين لساعات في الشوارع التي أصبحت كالزنازين.
بهي طالب بوقفة للحد من الاستهتار الحكومي تشارك فيها جميع المنظمات الحقوقية، مؤكدا أن وفاة الطالبة أميرة ليست الكارثة الأولي ولن تكون الأخيرة، وطالب بأن نضع في الحسبان الحوادث التي تتسبب فيها محاولات المواطنين للحاق بأعمالهم عقب تلك التشريفات، ورغم وصفه هذه التشريفات بأنها غير آدمية فإن بهي الدين حسن لفت إلي ما وصفه بالمأساة، وهي تشريفات التلاميذ الصغار الذين يتم صفهم بالساعات انتظارا لوزير التعليم.
التشريفات التي لا وجود لها في بلدان العالم الأخري جعلت من الشارع المصري ملكية خاصة للمسؤولين، وأخرجت المواطنين من الحسابات، كما أشار محسن البهنسي عضو جمعية المساعدة القانونية لحقوق الإنسان إلي قيام عدة منظمات قانونية بوقفات احتجاجية ضد هذه التشريفات، التي تؤدي لإصابة الشارع بالشلل، وتعطيل مصالح المواطنين وإصابة بعضهم بضغوط نفسية قد تؤدي بهم للمرض.
وطالب البهنسي بتشريع يعاقب المسؤولين جنائيا علي ما تسببه تشريفاتهم من إهدار للوقت والميزانيات ومصالح الناس.
وكشف البهنسي عن نيته في تقديم بلاغ للنائب العام للتحقيق في حادث مصرع «أميرة» ومحاسبة مسؤولي مدرستها، ووزير التربية والتعليم الذي لم يعترض علي قيام مسؤولي وزارته بترتيب تشريفة له من طلبة المدارس وهو ما وصفه البهنسي بأنه «تقصير فادح».
تشريفات المسؤولين يراها حافظ أبوسعدة الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان واحدة من الإجراءات العقابية، التي تمارسها الحكومة ضد المصريين، مؤكدا أن المأساة لن تنتهي إلا بنقل الوزارات خارج القاهرة، ونقل مقار إقامة الوزراء إلي جوارها، مشيرا إلي أن وضع العاصمة المروري لا يحتمل ما ينتج عن هذه التشريفات، خاصة في ظل غياب طرق طوارئ مخصصة لسيارات النجدة والإسعاف.
أبوسعدة أكد أن إصدار تشريع يقنن هذه التشريفات «هو حلم لن يتحقق إلا بتكاتف المنظمات الحقوقية والأحزاب السياسية والرأي العام».
«استقالة وزير التعليم هي أقل اعتذار عن الحادث» هكذا عقب نجاد البرعي رئيس جمعية تنمية الديمقراطية، مؤكدا أن ما حدث لأميرة تأكيد علي عدم احترام هذا النظام لمواطنيه، متوقعا أن يتكرر مثل هذا الحادث كثيرا في ظل حكومة وصفها بأنها تستهين بقيمة الحياة الآدمية، وتؤجر من يصفقون للمسؤولين.
نجاد وصف مصرع أميرة بأنه جريمة قتل عمد، شارك فيها ناظر المدرسة ومديرها مع وزير التعليم الذي طالب باستقالته تحملا للمسؤولية وعدم الاكتفاء بدفع «الدية» لأهل الطفلة
الفقيه الدستوري الدكتور إبراهيم درويش انتقد المبالغة الزائدة من قبل أجهزة الأمن في تأمين مواكب المسؤولين.
وأوضح درويش أنه لا يمانع في تأمين المواكب ولكن مبالغة الداخلية أدت إلي ضيق المجتمع وكراهيته لأصحاب المواكب، لأن المبالغة والإفراط، يترتب عليهما أضرار عديدة أهمها زيادة التكلفة التي تصل إلي مئات الملايين، والتي لو أنفقت في بناء مساكن لقاطني القبور لساعدت ـ كما يؤكد درويش ـ في إزالة وصمة عار تلطخ جبين مصر،
كما يترتب عليها ضرر آخر يتمثل في غلق الشوارع وتوقف المواصلات، كما حدث منذ عامين أثناء زيارة الرئيس للإسكندرية إذ تم منع المرور بأحد الشوارع قبل وصول الرئيس بأربع ساعات، وهو ما ترتب عليه عجز إحدي السيدات عن الوصول إلي المستشفي فوضعت مولودها داخل عربة الإسعاف.
ويضيف درويش واقعة أخري، حدثت له شخصيا أثناء افتتاح المحكمة الدستورية العليا إذ ظل المدعوون وهو محبوسين في انتظار الرئيس لمدة خمس ساعات، رغم أن معظمهم من كبار السن ومرضي السكر والذين كانوا في أشد الحاجة إلي دخول دورات المياه لكنهم لم يستطيعوا بسبب الإجراءات الأمنية المشددة.
ويؤكد درويش أن القانون المدني ينص علي أن كل من أحدث ضررا للغير ملزم بالتعويض، وبالتالي فكل فرد تضرر من هذه المواكب له الحق في إقامة دعوي للمطالبة بالتعويض المادي والمعنوي، لما أصابه من ضرر، مشيرا إلي أن حادثة الطفلة أميرة التي ماتت في انتظار الوزير لن تكون الأخيرة ولأسرتها حق إقامة دعوي ضد الوزير بصفتيه الوظيفية والشخصية، وإقامة الدعوي علي أجهزة الأمن بالمحافظة بعد أن تحولت الداخلية إلي وزارة مهمتها حماية شخصيات بعينها دون مراعاة لمصلحة المجتمع.
ويري الدكتور محمد عمران أستاذ القانون المدني بجامعة عين شمس أن المسؤولية في مثل هذه الحوادث سياسية ومدنية في المقام الأول، حيث لا توجد مسؤولية جنائية علي الوزير تبعا قاعدة «لا جريمة بغير نص»، وفي ظل غياب نص يجرم هذا الفعل تكون المسؤولية علي الوزير سياسية وبالتالي يستوجب الأمر مساءلته سياسيا أمام البرلمان.
ويضيف عمران: الوضع في مصر يستوجب وجود قانون يقضي علي هذه الظاهرة غير الصحية وحتي يتحقق ذلك تبقي هناك مسؤولية مدنية، بالإضافة إلي المسؤولية السياسية إذ من الممكن للمتضرر أن يرفع دعوي تعويض علي الجهة صاحبة الضرر، وهي هنا علي سبيل المثال وزارة التربية والتعليم.
بهي الدين حسن مدير مركز القاهرة لحقوق الإنسان، وصف شارع قصر العيني بأنه أصبح «زنزانة» وقال إن ما يتكرر حدوثه به دليل علي إهدار كرامة المصريين لصالح تشريفات المسؤولين والوزراء الذين تمر مواكبهم في شوارع خالية يحرسها الضباط وأمناء الشرطة فلا يشعرون بمعاناة المواطنين المحبوسين لساعات في الشوارع التي أصبحت كالزنازين.
بهي طالب بوقفة للحد من الاستهتار الحكومي تشارك فيها جميع المنظمات الحقوقية، مؤكدا أن وفاة الطالبة أميرة ليست الكارثة الأولي ولن تكون الأخيرة، وطالب بأن نضع في الحسبان الحوادث التي تتسبب فيها محاولات المواطنين للحاق بأعمالهم عقب تلك التشريفات، ورغم وصفه هذه التشريفات بأنها غير آدمية فإن بهي الدين حسن لفت إلي ما وصفه بالمأساة، وهي تشريفات التلاميذ الصغار الذين يتم صفهم بالساعات انتظارا لوزير التعليم.
التشريفات التي لا وجود لها في بلدان العالم الأخري جعلت من الشارع المصري ملكية خاصة للمسؤولين، وأخرجت المواطنين من الحسابات، كما أشار محسن البهنسي عضو جمعية المساعدة القانونية لحقوق الإنسان إلي قيام عدة منظمات قانونية بوقفات احتجاجية ضد هذه التشريفات، التي تؤدي لإصابة الشارع بالشلل، وتعطيل مصالح المواطنين وإصابة بعضهم بضغوط نفسية قد تؤدي بهم للمرض.
وطالب البهنسي بتشريع يعاقب المسؤولين جنائيا علي ما تسببه تشريفاتهم من إهدار للوقت والميزانيات ومصالح الناس.
وكشف البهنسي عن نيته في تقديم بلاغ للنائب العام للتحقيق في حادث مصرع «أميرة» ومحاسبة مسؤولي مدرستها، ووزير التربية والتعليم الذي لم يعترض علي قيام مسؤولي وزارته بترتيب تشريفة له من طلبة المدارس وهو ما وصفه البهنسي بأنه «تقصير فادح».
تشريفات المسؤولين يراها حافظ أبوسعدة الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان واحدة من الإجراءات العقابية، التي تمارسها الحكومة ضد المصريين، مؤكدا أن المأساة لن تنتهي إلا بنقل الوزارات خارج القاهرة، ونقل مقار إقامة الوزراء إلي جوارها، مشيرا إلي أن وضع العاصمة المروري لا يحتمل ما ينتج عن هذه التشريفات، خاصة في ظل غياب طرق طوارئ مخصصة لسيارات النجدة والإسعاف.
أبوسعدة أكد أن إصدار تشريع يقنن هذه التشريفات «هو حلم لن يتحقق إلا بتكاتف المنظمات الحقوقية والأحزاب السياسية والرأي العام».
«استقالة وزير التعليم هي أقل اعتذار عن الحادث» هكذا عقب نجاد البرعي رئيس جمعية تنمية الديمقراطية، مؤكدا أن ما حدث لأميرة تأكيد علي عدم احترام هذا النظام لمواطنيه، متوقعا أن يتكرر مثل هذا الحادث كثيرا في ظل حكومة وصفها بأنها تستهين بقيمة الحياة الآدمية، وتؤجر من يصفقون للمسؤولين.
نجاد وصف مصرع أميرة بأنه جريمة قتل عمد، شارك فيها ناظر المدرسة ومديرها مع وزير التعليم الذي طالب باستقالته تحملا للمسؤولية وعدم الاكتفاء بدفع «الدية» لأهل الطفلة
تحقيق محمود الزاهي ومها البهنساوي 17/5/2007
المصرى اليوم
No comments:
Post a Comment