Thursday, May 03, 2007

جدران وأسوار حول العالم تفصل الجيران عن بعضهم بعضا

ما الذي يجمع بين تيخوانا وبغداد والقدس.. جميعها تقام فيها جدران تؤدي الى تقسيم الاحياء وتثير الجدل وتشكل جزءا من منظومة جدران تقام في جميع أنحاء العالم يتضاءل بجوارها الستار الحديدي المنهار.
فهناك جدران وأسيجة وخنادق ومصدات بعضها مزود بأجهزة استشعار لرصد الحركة وكاميرات رصد حرارية وانظمة تعمل بالاشعة السينية ومعدات للرؤية الليلية الى جانب طائرات الهليكوبتر وطائرات استطلاع بدون طيار ومناطيد مراقبة.. البعض تحت الانشاء والبعض في مرحلة التخطيط.
وعندما يتم الانتهاء من هذه الحواجز فستمتد لالاف الكيلومترات في أماكن متباعدة مثل المكسيك والهند وأفغانستان وأسبانيا والمغرب وتايلاند وماليزيا والسعودية والعراق.
والهدف من بناء هذه الحواجز هو منع تسلل المهاجرين الراغبين في وظائف والارهابيين والمهربين ودحر الغزاة وابعاد الخصوم عن بعضهم بعضا.
ويرى المؤيدون لهذه الجدران أن "الاسوار الجيدة تصنع جيرانا طيبين" لكن المنتقدين لها يقول انها نتيجة متناقضة للعولمة لانها تسمح بتحرك البضائع ورؤوس الاموال بحرية لكنها تمنع المهاجرين من ذلك.
ومن المفارقات التاريخية أن الولايات المتحدة وهي البلد الذي عجل بسقوط جدار برلين عام 1989 باتت رائدة في مجال بناء الجدران.
وأقيم أحدث جدار لتقسيم أحياء في العاصمة العراقية بغداد في أبريل نيسان الماضي. وقامت قوات أمريكية ببناء الجدار باستخدام ألواح خرسانية رمادية ارتفاعها 3.7 متر ويزن الواحد منها أكثر من ستة أطنان.
ويفصل الجدار البالغ طوله 4.8 كيلومتر حيا سنيا عن منطقة شيعية
.
وأثار بناء الجدار احتجاجات من الطائفتين ووصفه رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر بأنه "عنصري".
ويشيد الجدار الذي يبنى حول القدس لفصل الشطر الشرقي العربي من المدينة العتيقة عن الضفة الغربية من مواد مماثلة وأثار اتهامات مشابهة.
وعلى النقيض من ذلك فقد تقبل سكان مدينة تيخوانا المكسيكية الحدودية الجدار السميك المصنوع من ألواح الحديد المموج والذي يمتد من شاطيء المحيط الهادي وعبر تلال كاليفورنيا ليفصلهم عن مدينة سان دييجو الامريكية.
وتعتزم الولايات المتحدة بناء جدار مزدوج على طول جزء من حدودها البالغ طولها ثلاثة الاف كيلومتر مع المكسيك بموجب قانون الجدار الامني الذي صدر عام 2006. ويشير المؤيدون إلى تيخوانا ويقولون ان الجدران فعالة في منع الاجانب غير المرغوب فيهم من التسلل.
ومنذ هجمات 11 سبتمبر أيلول على نيويورك وواشنطن ربطت الجماعات المناهضة للهجرة في الولايات المتحدة بين الهجرة غير المشروعة والمخاوف الامنية وزادت الضغوط السياسية من أجل تشديد مراقبة الحدود بشكل كبير.
لكن المعارضين لفكرة بناء جدران حول الولايات المتحدة يشيرون إلى العواقب غير المقصودة وهي ازهادر عملية بناء الانفاق تحت الجدار وتزوير وثائق الهوية الشخصية.
ولان المتسللين المحتملين لجأوا إلى الدوران حول السور وعبور صحراء أريزونا بدلا من ذلك فقد ارتفع عدد الموتى باطراد ووصل متوسطه إلى تسعة أشخاص في الاسبوع.
ويرى السياسيون في أمريكا اللاتينية عامة وفي المكسيك بوجه خاص في الجدار الحدودي اهانة وتخليا عن الفلسفة التي دفعت الرئيس الامريكي حينذاك رونالد ريجان للوقوف أمام بوابة براندنبرج في برلين وتحدي نظيره السوفيتي "لفتح هذه البوابة وهدم هذا الجدار."
وبعد ذلك بعامين سقط جدار برلين وفي أعقاب ذلك بفترة قصيرة انهار ما تبقى من الستار الحديدي الذي كان منظومة من الجدران والاسيجة وحقول الالغام امتدت لنحو أربعة الاف كيلومتر عبر أوروبا وفصلت الدول الشيوعية عن الدول الرأسمالية.
ورغم أن الامن والتحكم في الهجرة هي أكثر الاسباب التي تستخدم لتبرير بناء هذه الجدران فان السياسة تلعب دورا مهما في بعض الدول. وفي دول أخرى تستغل هذه الجدران لتحويل المطالبة بالاراضي إلى حقيقة ملموسة على أرض الواقع.
وينطبق هذا على واحد من أقل الجدران شهرة وأقدمها أيضا في العصر الحديث وهو الجدار الذي بناه المغرب خلال الثمانينات لمنع الهجمات التي تنفذها جبهة بوليساريو التي تسعى لاستقلال الصحراء الغربية على الاراضي التي تطالب بها لنفسها.
وتقع هذه الاراضي خلف منظومة جدران يبلغ طولها 2700 كيلومتر ويصل ارتفاعها إلى ثلاثة أمتار من التراب والحجارة والرمال.
ويحرس الجدار الاف من الجنود المغاربة وهو مدعوم بملاجيء وأسيجة وأسلاك شائكة وألغام تشير التقديرات إلى ان عددها يتراوح بين 200 ألف وعدة ملايين.
وعندما تسمع الفلسطينيين ومسؤولي الامم المتحدة يتحدثون عنه فان الجدار الذي يفصل القدس عن الضفة الغربية والاسيجة والخنادق التي تمتد عبر الضفة متصل بالنزعة التوسعية الاسرائيلية كما بالهدف المعلن لاسرائيل والذي نجحت في تحقيقه إلى حد بعيد وهو منع الانتحاريين من دخول الدولة اليهودية.
ويصل طول المصدات والحواجز والاسيجة إلى مثلي طول الحدود الاسرائيلية المعترف بها دوليا تقريبا وتمتد بشكل يجعل من المستوطنات اليهودية الكبرى في الضفة الغربية جزءا من اسرائيل.
ويشير الإسرائيليون الذين يعارضون احتلال الضفة الغربية إلى جانب المنتقدين الأجانب مثل الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر إلى الجدار باعتباره شكلا من أشكال "الفصل العنصري".
ورغم أن إسرائيل محل انتقاد دائم من العرب فقد بنت الدول العربية ذاتها أو تبني جدرانا.
ودعت السعودية بهدوء لتقديم عروض من أجل بناء جدار متطور مزود بأجهزة استشعار وكاميرات للرؤية الليلية وبرامج للتعرف على الوجوه والأسلاك الشائكة لإغلاق حدودها مع العراق.
ووفقا لمصادر في شركات تعاقد دفاعية أمريكية فسيتكلف المشروع عدة مليارات من الدولارات. ذكرت المصادر أن الدافع وراء بناء الجدار هو الخوف من أن تمتد الفوضى والاضطراب المتزايدان في العراق إلى السعودية.
وأوقف السعوديون العمل في جدار يمتد على طول حدودهم مع اليمن ويعتمد بناؤه إلى حد بعيد على أنابيب ضخمة مليئة بالخرسانة بعد شكاوى من اليمن قبل ثلاثة أعوام.
ووفقا لدبلوماسي كويتي في واشنطن فقد أغلقت الكويت وهي من الدول المجاورة للعراق أيضا حدودها بالفعل باستخدام الأسيجة المكهربة والمصدات وخندق عمقه متران ويمتد على الحدود البالغ طولها 217 كيلومترا
.
وتخضع الحدود التي عبرت منها الدبابات العراقية لغزو الكويت عام 1990 لمراقبة جوية مستمرة.
وإلى الشرق من شبه الجزيرة العربية يجري تنفيذ مشروعات طموحة للتحكم في التنقلات بين الهند وباكستان والهند وبنجلادش وباكستان وأفغانستان.
وتتوقع جميع الحكومات تقريبا التي تقرر بناء حواجز لفصلها عن إحدى جيرانها أن هذا سيؤدي لخفض التوترات لكن في بعض الأحيان يظل هذا ضربا من ضروب الأمنيات.
ففي أبريل نيسان على سبيل المثال اندلع قتال بنيران الأسلحة بين جنود أفغان وباكستانيين بعد أن حاول الأفغان تدمير أجزاء من جدار يمتد عبر منطقة قبلية.
وبدأت باكستان بناء جدار على طول جزء من حدودها التي يصل طولها إلى 2500 كيلومتر تحت ضغط من الولايات المتحدة لقطع الطرق التي يستخدمها مقاتلو طالبان الذين يتوجهون إلى أفغانستان للانضمام إلى الحرب ضد القوات الأمريكية والمتعددة الجنسيات.
وفي أوروبا أصبح اثنان من أكثر الجدران السيئة السمعة وهما بقايا جدار برلين و"جدار السلام" في بلفاست مقاصد سياحية. لكن أسبانيا بنت أسيجة مزدوجة يتراوح ارتفاعها بين ثلاثة وستة أمتار ومزودة بأسلاك شائكة حول جيبي سبتة ومليلية في المغرب لمنع المهاجرين من التسلل.
وكان للأسيجة آثار شبيهة بتلك التي تسببت فيها الجدران الحدودية بين الولايات المتحدة والمكسيك فالمهاجرون المحتملون من الدول الفقيرة بدأوا يبحثون عن سبل أخرى للوصول للدول الغنية.
وبسبب الدوريات الساحلية الاسبانية المكثفة وتحسن أنظمة الرادار لجأ المهاجرون الأفارقة إلى الرحلات البحرية المحفوفة بالمخاطر لجزر الخالدات الاسبانية. ولقي مئات الأشخاص حتفهم غرقا.
وإذا كان التاريخ عبرة فلم تستطع أي تحصينات حدودية أن تغلق دولة بالكامل. وحتى أكبر الأسوار وهو سور الصين العظيم الذي يمتد لمسافة 6500 كيلومتر لم يستطع أن يمنع البرابرة الشماليين الذين كان من المفترض أن يحمي هذا الجدار سكان الصين منهم.
من بيرند ديبوسمان

(شارك في التغطية روبرت بيرسل وسايمون كاميرون مور في إسلام أباد وكامل ظاهر في نيودلهي وتوم فايفر في الرباط وشيخ مشتاق
في سريناجار ودانييلا ديسانتيس في باراجواي وتيم جاينور في فيونكس
عن رويترز 3/5/2007

No comments: